بن سلمان متسلّلًا إلى تونس: 5 "لاءات" تبيّن ذلك

28 نوفمبر 2018
لم يعقد مؤتمر صحافي للسبسي وضيفه (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
يتنقل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بين العواصم منذ يومين، في جولة هي الأولى له بعد اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول الماضي؛ يحاول خلالها، دون جدوى، أن يصلح ما أفسدته "يداه" منذ بات وليًا للعهد وتمكّن من السلطة؛ ولم يكن اغتيال خاشقجي بطريقة بشعة على يد فريق من رجاله المخلصين، سوى النتيجة الحتمية لما سار عليه حكمه. وفي كلّ محطّة من هذه الجولة، تستقبله جماهير لترفع بوجهه صورة خاشقجي إلى جانب صورته وأيديه ملطخة بالدماء، أو صور أطفال اليمن، ولافتات "لا أهلا ولا سهلا"؛ فما كان أمام السياسيين مع هذا الرفض الشعبي، سوى "التسلّل" به إلى قصورهم الرئاسية، أو اصطناع حفاوة غير موجودة.

وفي محطته الثانية، تونس، برزت 5 إجراءات رافقت زيارته تؤكّد ذلك، وتبيّن حجم مأزق بن سلمان، وما يمكن أن ينتظره في محطاته الأخرى المتوقعة، والتي لم يستطع بعد أن يؤكّدها أي مصدر رسمي، أو ينشرها أي إعلام سوى إعلامه.

لا إعلام

ففي ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، تأكد المراقبون والإعلاميون من وصول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى تونس، بعد أن نشرت قناة "العربية" خبر الوصول، فيما لم تتمكّن أي وسيلة إعلامية أخرى من التأكّد من ذلك.

لا إعلان رئاسياً

وعلى عكس ما كان معمولاً به في السابق، حيث اعتادت الرئاسة التونسية، الإعلان عن كل الزيارات بشكل مسبق، وقبل يوم من الموعد أحياناً، وتوضيح طبيعتها وما إذا كانت زيارة دولة أو عمل، فإنّها تكتّمت، هذه المرة، بشكل لافت، ما دفع إلى التساؤل عما إذا كانت الزيارة ستتم فعلاً.

لا ضوء بل "تسلّل ليلي"

ومع بداية الليل، حلّ ولي العهد السعودي في تونس، حيث كان الرئيس الباجي قائد السبسي في انتظاره بالمطار، ثم رافقه إلى قصر الرئاسة في قرطاج، لتنتهي الزيارة بعد ذلك سريعاً، ويغادر بن سلمان تونس، في زيارة لم تتجاوز بضع ساعات.

لا مؤتمر صحافياً

وعلى عكس ما جرت عليه العادة، لم يعقد مؤتمر صحافي في القصر للرئيس وضيفه، تتم خلاله الإجابة على أسئلة وسائل الإعلام، في محاولة واضحة لتجنّب أي حرج في المواضيع التي قد يطرحها الصحافيون.

حفاوة لا تتجاوز حدود القصر

وأقام الرئيس التونسي مأدبة عشاء على شرف ولي العهد السعودي، وتولّى تقليده بالصنف الأكبر من وسام الجمهورية، في محاولة للاحتفاء به، وربما التغطية على ما رافق الزيارة من احتجاجات شعبية وتحرّكات حزبية واسعة، تواصلت حتى مساء أمس.

غير أنّ هذه الحفاوة لم تتجاوز حدود القصر الرئاسي، إذ تبادل الرجلان كلمات المجاملة أمام عدسات الكاميرا، وقال بن سلمان إنّ السبسي بمثابة والده، فيما رحّب السبسي بذلك.


وقالت الرئاسة التونسية، في بيان، إنّه "تمّ عقد جلسة على انفراد مع ولي العهد السعودي، تلتها جلسة عمل موسعة بحضور وفدي البلدين، وجرى خلالها التطرق إلى التطوّر المطرد الذي تشهده العلاقات الثنائية منذ الزيارة الرئاسية إلى الرياض، في ديسمبر/كانون الأول 2015، وما تحقّق فيها من نتائج مثمرة، كان لها أطيب الأثر على مسيرة التعاون بين البلدين".

واستعرض الجانبان، "سبل تعزيز التعاون في عدد من المجالات ذات الأولوية على غرار الاقتصاد والمالية وتشجيع الاستثمار، والتعاون الأمني والعسكري لمجابهة مخاطر التطرف والإرهاب، وتبادل التجارب والخبرات في المجالات العلميّة والثقافيّة"، بحسب البيان.


كما تناول الاجتماع، وفق البيان، "واقع وآفاق التعاون بين البلدين، إلى جانب التباحث حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك عربياً وإقليمياً ودولياً، والاستعدادات الجارية لاحتضان تونس فعاليات الدورة العادية 30 للقمة العربية، في مارس/آذار 2019، والجهود المبذولة لإنجاح هذا الاستحقاق الهام، في ضوء التحديات الكبيرة التي تشهدها المنطقة العربية".

وفي المحصلة، تمكّن السبسي من المحافظة على العلاقات مع السعودية، ولم يستجب للضغوطات الشعبية الرافضة لزيارة بن سلمان، والتي لن تمرّ مرور الكرام، بل ستلقي بظلالها على مستقبل العلاقات الفعلية بين البلدين، خصوصاً أنّ هذه العلاقات، لم تكن أصلاً على ذلك القدر من الحرارة، طيلة السنوات الماضية.

المساهمون