استعاد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، اليوم الثلاثاء، تصريحات صحافية سابقة كان أطلقها دفاعاً عن المملكة في وجه اتهامها بتمويل الإرهاب، مكرراً "سياق محاربة الشيوعية" بطلب وتعاون مع "الحلفاء". لكنه هذه المرة، وفي مقابلة مع الصحافي جيفري غولدبرغ في مجلة "ذا أتلانتك"، لم يتحدث عن "حكومات سعودية سابقة ضلّت الطريق"، بل نفى وجود "ما يسمّى الوهابية" في بلاده، متحدثاً عن "مئات آلاف العائلات ذات الوزن الثقيل في المملكة، غير عائلة آل الشيخ".
ولدى سؤال غولدبرغ بن سلمان حول قيام "الأجنحة الأكثر تشدداً" في السعودية، قبل عام 1979 وبعده، باستخدام أموال النفط لتصدير "نسخة من الإسلام، أقل تسامحاً وأكثر تطرفاً، وهي الإيديولوجية الوهابية، التي قد تترجم على أنها أيديولوجية مرافقة لفكر الإخوان المسلمين"، أجاب ولي العهد السعودي، أنه "هذه الوهابية التي تتكلم عنها، اشرحها لنا. نحن لسنا على علمٍ بها. ولا نعرف عنها شيئاً".
وأضاف بن سلمان أن "لا أحد بإمكانه تعريف الوهابية، فهي لا وجود لها. ونحن (في السعودية) لا نؤمن أن لدينا الوهابية. نحن نعتقد أن لدينا مواطنين سنة وشيعة، وأنه ضمن السنّة، لدينا أربع مدارس، ثم لدينا العلماء ولجنة الفتوى، وواضح أنه في السعودية، قوانينا مستمدة من الإسلام والقرآن، ولكن لدينا المذاهب الأربعة، وهي الحنبلي والحنفي والشافعي والمالكي، وهي كلها تختلف في التفسير".
وفي معرض شرحه لغولدبرغ، قال ولي العهد السعودي إن مؤسسي السعودية آمنوا بأنه "يجب تضافر جهود العقول الجيدة في الجزيرة العربية، وهم الجنرالات وزعماء القبائل وعلماء الدين، وكان أحدهم محمد بن عبد الوهاب (مؤسس الوهابية)"، مضيفا أن عائلة بن عبد الوهاب، آل الشيخ، معروفة جداً في المملكة، ولكن لدينا مئات آلاف العائلات المهمة أيضاً".
وفي معرض ردّه على الاتهامات الموجهة للسعودية بـ"تمويل الإرهاب"، أعاد بن سلمان ما كان قد ردده في مقابلات سابقة، متحدثاً عن مساهمة بلاده في تمويل "المدارس" خلال فترة انتشار الشيوعية "التي كانت تهدد الولايات المتحدة وأوروبا ونحن أيضاً"، مضيفاً أن "مصر تحولت أيضاً خلال تلك الفترة إلى هذا النظام (الشيوعية)، فنحن عملنا مع كل من كان بإمكاننا التعاون معه للتخلص من الفكر الشيوعي، ومن هؤلاء الإخوان المسلمون، ونحن موّلناهم في السعودية، كما أن الولايات المتحدة الأميركية موّلتهم أيضاً".
وعما إذا كانت هذه المرحلة تشكل خطأ سعودياً، أكد بن سلمان أن بلاده ستقوم بالعمل ذاته، لو عاد الزمن إلى الوراء، "لأننا كنا نواجه خطراً أكبر (من "الإخوان")، وهو الشيوعية. ولاحقاً كان علينا أن نعرف كيف يجب أن نتعامل مع "الإخوان".
وكان ولي العهد السعودي قد أكد في مقابلة سابقة مع صحيفة "واشنطن بوست" أن استثمار بلاده في نشر الوهابية كان بطلب من الحلفاء خلال فترة الحرب الباردة، بهدف منع الاتحاد السوفييتي من التغلغل أو كسب نفوذ في دول العالم الإسلامي.
وفي معرض ردّه على سؤال حول الاتهامات بالإرهاب الموجهة للوهابية، أجاب بن سلمان لـ"واشنطن بوست" في مقابلة نشرت في 25 مارس/آذار الماضي، بأن "جذور الاستثمار السعودي في المدارس والمساجد تعود إلى فترة الحرب الباردة، عندما طالب الحلفاء السعودية باستخدام مواردها لمنع الاتحاد السوفييتي من تحقيق نفوذ في الدول الإسلامية".
وخلال المقابلة شبّه بن سلمان نفسه بمؤسس شركة "آبل"، ستيف جوبز، وذلك كإثبات على أنه قادر على قيادة السعودية رغم صغر سنه.
وعندما عقب الصحافي أن جوبز كان في بلد الحريات "ولا أظن أنك ستزعم أن السعودية بلد حريات"، رد ولي العهد السعودي أن بلاده تسمح للسعوديين باستخدام "تويتر" بحرية. فردّ الصحافي بتعقيب مختتماً به المقابلة، قائلا: "لا أظن أن فتح (تويتر) للناس يصنع حضارة".