تزداد شهرة نائب مستشار الأمن القومي لشؤون الاتصالات الاستراتيجية بن رودس، كاتب خطابات الرئيس الأميركي باراك أوباما، ومساعده في قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، وذلك على خلفية الاتفاق النووي مع إيران، في 14 يوليو/تموز 2015، ودعمه للأكراد في الشرق الأوسط، حتى بات يوصف من قبل البعض بأنه "محامي الأكراد" في واشنطن.
في الملف الكردي، يبدو رودس مقرّباً من قوى ميدانية، خصوصاً "قوات سورية الديمقراطية"، وقد شدّد قبل أيام على أن "الولايات المتحدة لا تدعم تحركات تركيا في المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية". ويأتي موقفه الأخير ترسيخاً لما يُحكى عن علاقات تربطه بالأكراد، لدعم مطالبهم بإقامة كيان كردي مستقل، على غرار كردستان العراق. أما في سياق الاتفاق النووي، فقد ترأس رودس، المولود عام 1977 لأم يهودية من نيويورك وأب مسيحي متديّن من تكساس، غرفة العمل المشتركة، التي شكّلها أوباما لتنسيق المفاوضات مع إيران، التي أفضت إلى التوقيع على اتفاق فيينا بين طهران ومجموعة الدول الست الكبرى حول البرنامج النووي الإيراني. وجاء الاتفاق في حينه، إثر مفاوضات ماراثونية بين المفاوضين النوويين، وعددٍ من جلسات المحادثات السرية بين الحكومتين الأميركية والإيرانية، التي أشرف عليها رودس بشكل مباشر.
بالإضافة إلى ذلك، تعرّض بن رودس هذا العام لانتقادات واسعة، بسبب إغفاله، في خطاب حال الاتحاد، الذي ألقاه أوباما أمام الكونغرس، الإشارة إلى حادثة احتجاز قوارب الحرس الثوري الايراني عشرة من جنود المارينز في الخليج، رغم أنه كان يشرف بشكل مباشر على المفاوضات مع الإيرانيين، من أجل إطلاق سراح العسكريين الأميركيين المحتجزين.
رودس المولود في نيويورك، عاش فيها بعد تخرّجه من الجامعة، حيث درس الأدب الإنكليزي والعلوم السياسية، قبل أن ينصرف إلى الكتابة والأعمال الأدبية. بعدها انتقل إلى مهنة كتابة خطابات السياسيين، وعمل في الحملة الانتخابية للجمهوري رودي جيولياني في انتخابات بلدية نيويورك عام 2001، الذي تزامن مع تدمير مركزي التجارة في المدينة.
في هذا الإطار، قال رودس إن هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، شكّلت صدمة في وعيه السياسي، خصوصاً أنه واكب أحداثها وتداعياتها من موقعه القريب من مركز القرار السياسي، ككاتب لخطابات جيولياني. كما شارك لاحقاً في صياغة التقارير والتحقيقات التي أجراها الكونغرس بشأن تلك الهجمات.
كذلك عمل رودس لصالح لجان في الكونغرس قبل حرب العراق (2003) وخلاله، وكانت له مساهمات بارزة في الدراسات والأبحاث والخطط التي وضعتها ادارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش، رغم اختلاف وجهات نظره مع المحافظين الجدد، الذين كانوا يمسكون بزمام الإدارة الأميركية ويخططون لغزو العراق.
موقف رودس المعارض لحرب العراق، شكّل نقطة اللقاء الأولى مع أوباما، الذي كان حينها عضواً في مجلس الشيوخ، وأبرز المعارضين لخطط الحرب الأميركية التي هندسها المحافظون الجدد. وفي عام 2007 انضم رودس إلى الحملة الانتخابية لأوباما، وبات كاتباً لخطاباته في السياسات الخارجية، والمساعد المقرّب جدّاً، المطّلع والمشارك في رسم الاستراتيجية الخارجية الأميركية الجديدة. وتجلّى ذلك في خطاب كتبه رودس حمل عنوان "بداية جديدة"، وألقاه أوباما في جامعة القاهرة المصرية في 4 يونيو/حزيران 2009. وقد وضع الخطاب استراتيجية تعتمد دبلوماسية "الابتعاد عن الحروب والانسحاب من العراق وأفغانستان، واعتماد الولايات المتحدة عقيدة القيادة من الخلف في منطقة الشرق الأوسط"، وتمّ تطبيق جزء من الخطاب في الحراك الأميركي في الملف السوري.
النفوذ القوي لرودس في البيت الأبيض، ومتانة علاقته بالرئيس والصلاحيات الواسعة الممنوحة له، تسببت بخلافات بينه وبين نائب الرئيس جو بايدن، وكذلك مع وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، خصوصاً في ما يتعلق بالاستراتيجية الأميركية تجاه سورية، وهو ما ظهر جلياً أخيراً، حين حل بايدن في أنقرة بالتزامن مع بدء أنقرة حملة "درع الفرات" الموجهة ضد كل من "داعش" والمليشيات الكردية غربي الفرات، فصدر عن بايدن دعم ضمني لتركيا، بينما سارع رودس إلى ما يشبه التنديد بها. كما اصطدم رودس لاحقاً مع وزير الخارجية جون كيري، بعد إمساك مساعد أوباما بملف العلاقات السرية مع إيران، مديراً المفاوضات النووية، وكأنه وزير الخارجية الفعلي. في المقابل، أتاح البقاء على مقربة من أوباما والنطق باسمه، لرودس تكوين شبكة علاقات ونفوذ واسعة. ووُصف الرجل بأنه "عرّاب لوبيات الضغط في واشنطن"، خصوصاً من خلال دوره الكبير في رعاية اللوبي الإيراني حديث الولادة في العاصمة الأميركية.