بنوك الجزائر تقيّد منح القروض لمواجهة أزمة السيولة

25 يونيو 2020
القطاع المصرفي مُطالب بتمويل الاقتصاد المتعثر (بلال بن سالم/Getty)
+ الخط -

 شدّد البنك المركزي الجزائري القيود على عمليات منح القروض من طرف المصارف والمؤسسات المالية، وذلك لمواجهة معضلة تراجع السيولة التي باتت تؤرق المركزي، الذي اضطر مجددا إلى التدخل في المشهد المالي.

ويأتي ذلك في الوقت الذي ينتظر أن يخفض البنك المركزي، في الأيام القادمة، الاحتياطي الإلزامي للبنوك، لضخ جزء من السيولة في شريان القطاع المصرفي، حسب ما علمته "العربي الجديد" من مصدر مصرفي.

وطلب المركزي الجزائري من البنوك، تخفيض نسبة منح القروض الاستثمارية والقروض البنكية العقارية لأكبر درجة ممكنة. وحسب المراسلة التي اطلعت عليها "العربي الجديد"، فإن "البنوك مدعوة إلى الحفاظ على السيولة بكل الطرق الممكنة، وفيما يتعلق بالقروض فاللجان التقنية على مستوى كل بنك، المكلفة بدراسة طلبات القروض، عليها تشديد شروط منحها في إطار ما يسمح به القانون".

وكشف عضو جمعية البنوك، بغداد عمار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "البنوك عليها الحرص على السيولة، خاصة من العملة الأجنبية. وفيما يتعلق بالقروض الاستثمارية أو القروض الموجهة لتمويل عمليات الاستيراد، فقد سجلت الجمعية تساهلا في الماضي، لعدة أسباب، لا يسمح الظرف الراهن بتواصلها".

وأضاف عمار: "لذا طالب المركزي الجزائري بتشديد عملية دراسة طلبات القروض، مع الأخذ بعين الاعتبار بالنسبة للمستثمرين نسبة الأخطار و"الماضي البنكي" الخاص بطالب القرض، فيما يتعلق بسداد ديونه، وحجم الضمانات المقدم".

وفيما يتعلق بالقروض الموجهة للاستيراد، قال عمار إن "عمليات استيراد المواد واسعة الاستهلاك والضرورية والعتاد الصناعي، غير معنية بالتوجه الجديد. وفيما غير ذلك، فإن حظوظ التمويل ستكون ضئيلة".

وانزلقت بنوك الجزائر في نفق أزمة السيولة، رغم التدخلات العديدة للبنك المركزي، لإنقاذها من فخ شح الموارد الذي دفعها إلى الامتصاص من الاحتياطات الإجبارية.

وقفزت نسبة العجز في السيولة من 49 بالمائة في شهر مارس/آذار إلى 55 بالمائة نهاية مايو/أيار، علما أنها كانت عند 20 بالمائة مطلع سنة 2019.

وحسب تقرير البنك المركزي الجزائري، فإن سيولة البنوك فقدت 180 مليار دينار، أي يعادل 1.4 مليار دولار، عند نهاية مايو/أيار الماضي، مقارنة مع ديسمبر/كانون الأول 2019، لتستقر عند 916 مليار دينار، أي 7.9 مليارات دولار، نهاية مايو/أيار، وهو رقم متدن غير مسبوق في السنوات العشرين الماضية.

وعزا المركزي الجزائري ارتفاع العجز في السيولة إلى ارتفاع حجم القروض المتعثرة بشكل مستمر خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث بلغت 10 في المائة عام 2015، لتزيد إلى 13 في المائة في العام التالي، و17 في المائة في 2017، ثم 20 في المائة في العام اللاحق، قبل أن تقفز إلى 25.2 في المائة خلال 2019.



وتقدّر الحكومة حجم القروض المتعثرة لدى البنوك في السنوات العشر الأخيرة، بما يعادل 85 مليار دولار بالعملة المحلية، 40 في المائة منها غرامات تأخير في السداد.

وتعمل في الجزائر 20 مؤسسة مصرفية، منها سبعة مصارف عمومية (حكومية)، و11 مصرفاً أجنبياً من دول الخليج على وجه الخصوص، وأخرى فرنسية، وواحدة بريطاني.

وفي السياق، يرى وزير المالية الأسبق ورئيس جمعية بنوك الجزائر سابقا، عبد الرحمان بن خالفة، أن "المركزي الجزائري والبنوك في مفترق طرق، بين إلزامية تمويل الاقتصاد المتعثر خاصة بعد رفع الحجر الصحي وعودة المصانع للعمل، ورفع التجميد عن عمليات الاستيراد، وبين حتمية الحفاظ على السيولة المالية التي هوت تحت 8 مليارات دولار لأول مرة منذ 20 سنة".

وأضاف بن خالقة لـ "العربي الجديد" أن "المركزي مطالب اليوم بإدخال ليونة أكثر في سياسته النقدية، ما يقلل الضغط على الدينار الذي فقد 7 بالمائة من قيمته جراء التعويم".

دلالات
المساهمون