كورونا تهدد بطاقات الائتمان.. بنوك توقفها وأخرى تخفض السقف

08 مايو 2020
مصرف "فيرجن بنك" البريطاني سحب 32 ألف بطاقة(Getty)
+ الخط -


فوجئ 32 ألف مواطن في بريطانيا يوم الثلاثاء الماضي بخطابات على بريدهم الإلكتروني تخبرهم أنه تم إيقاف بطاقات الائتمان التي يحملونها بشكل فوري ودون سابق إنذار.

وأبلغ مصرف "فيرجن بنك" الذي يوجد مقره في مدينة نيوكاسل شمالي إنكلترا زبائنه من حملة البطاقات الثلاثاء حظر حسابات بطاقاتهم وبشكل فوري وأنهم لن يستطيعوا تنفيذ مشتريات من خلالها أو تسديد دفعيات. وقال متحدث باسم البنك إن المصرف خسر نحو 7 ملايين جنيه إسترليني. 

ومثل هذا الإجراء الذي نفذه مصرف "فيرجن بنك"، نادر الحدوث حتى في أزمات المال العالمية، إذ حظر مصرف "فيرجن بنك" البطاقات في وقت يعتمد العديد من الأسر من حائزيها عليها في شراء ضروريات المعيشة.

وفي أميركا حيث ارتفعت الديون الشخصية إلى أكثر من 14 تريليون دولار، وتشكل بطاقات الائتمان أكثر من تريليون دولار منها، تجري البنوك الكبرى مراجعة شاملة لتقييم ملاءة زبائنها من حملة بطاقات الائتمان في خطوة تستهدف خفض مخاطر القروض الشخصية عبر تعليق بعض البطاقات أو خفض سقف الائتمان لأخرى.

أما في دولة الإمارات فقد خفض مصرفان هذا الأسبوع الحد الأقصى لاستخدام بطاقات الائتمان، حيث أرسل بنك رأس الخيمة، "راك بنك" خطابات لحملة بطاقاته يخبرهم فيها بخفضه السقف الأقصى إلى 5 آلاف درهم، بينما خفض مصرف "أبوظبي الأول" كذلك الحد الأقصى للاستدانة، وذلك حسب خطابات تسلمها أجانب يعملون في أبوظبي.
وخفضت مصارف أخرى بالدول الخليجية السقف الائتماني لزبائنها دون حتى إخطارهم، كما ذكرت صاحبة شركة صغيرة في الإمارات، قالت إن مصرفها خفض السقف الائتماني المسموح به في بطاقة الدين من 30 ألف درهم إلى 22 ألف درهم دون أن يخبرها، وذلك حسب ما ذكره موقع البوابة.

وتئن الأسر والأفراد في أميركا وآسيا وأوروبا تحت ضغوط قروض بطاقات الائتمان، منذ تفشي "كوفيد 19" وما تلا ذلك من عمليات العزل والإغلاق التي شملت معظم الاقتصادات العالمية.

ولا يستبعد خبراء تمويل أن تشكل قروض بطاقات الائتمان عاصفة مالية جديدة حينما تنزاح جائحة "كوفيد19" الحالية لتضيف إلى تسونامي الإفلاسات وسط الشركات الصغيرة والمتوسطة في أميركا وأوروبا وآسيا.

وتستخدم الأعمال التجارية الصغيرة ورجال الأعمال وكبار موظفي الشركات بطاقات الائتمان، لتغطية نفقات السفر ومشترياتهم.

وبالتالي، فإن أزمة الفيروس التاجي تنشئ مناخاً جديداً في عالم المال ومعايير القوى الشرائية تختلف عن أزمات المال التي مر بها العالم في السابق.

ويرى محللون ماليون، أنه خلافاً لما كان يحدث من فورة مشتريات تدعم الانتعاش الاقتصادي في أعقاب أزمة المال في العام 2008، فإن المستهلك سيخرج من جائحة كوفيد 19 وهو مرهق مادياً وممزق نفسياً، وبالتالي لن يكون قادراً على الإنفاق بسخاء مثلما كان يفعل في الأزمات السابقة.
ويرى خبراء أن انتهاء جائحة كورونا الحالية وما ستخلفه من كساد قد لا يعقبهما انتعاش سريع مدفوع ببطاقات الائتمان والقروض الشخصية، وربما سيخرج المستهلك في أوروبا وآسيا وأميركا وهو متورط في الديون الشخصية، خاصة قروض بطاقات الائتمان التي ترتفع خدمتها مع مرور الزمن وعجز صاحبها عن تسديد الأقساط.

وربما لن يكون هنالك كذلك الإنفاق الصيني الشخصي الذي يقدر بحوالى 4.9 تريليونات دولار في العام الماضي. وكان هذا الإنفاق قد ساهم بشكل فعال في إنعاش القوى الشرائية للاقتصادات العالمية في أعقاب الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في سبتمبر 2008، خاصة بالنسبة للماركات الشهيرة من الملبوسات في أوروبا.

في هذا الشأن، تقدر شركة ناتسس الفرنسية للخدمات المصرفية والاستثمار، في دراسة صدرت الأسبوع الماضي، ارتفاع حجم القروض الشخصية في الصين كنسبة من الناتج المحلي، من 28% في العام 2011 إلى 55% في نهاية العام الماضي 2019. و

قالت الدراسة، إن أزمة الوباء وتداعيات الإغلاق ستفاقم من أزمة القروض الشخصية وعلى رأسها بطاقات الائتمان التي يستخدمها الصينيون بكثافة في التسوق والسفر والطعام. وتشير بيانات منظمة السياحة العالمية إلى أن الصينيين أنفقوا 277.3 مليار دولار في العام الماضي.

ومعروف أن المواطن الصيني المثقل بالديون لن يكون عامل إنعاش اقتصادي في دورة الكساد التي ستنشأ خلال العام الجاري. وتواجه الصين حالياً موجة من السخط في العالم الغربي واتهامات بالتسبب في الفيروس، وحتى في حال فتح الحدود فإن إجراءات سفر الصيني ستكون معقدة.
ويرى محللون، أنه حتى بعد القضاء على فيروس "كوفيد 19"، فإن المواطن الغربي لن يكون في وضع مالي مريح يسمح بأن يتملك الثقة في المستقبل التي تشجعه على المشتريات، خاصة سلع الرفاه والسفر. وبالتالي ربما سيواجه العالم دورة استهلاك مغايرة لدورة الاستهلاك التي كان عليها العالم الغربي قبل جائحة كوفيد 19.

في هذا الشأن، يشير مسح أجراه موقع "كريدت كارد.كوم" الأميركي، إلى أن 47% من المواطنين البالغين في أميركا أو حوالى 120 مليون مواطن لديهم بطاقات ائتمان، وأن حوالى 23% من حملة البطاقات أضافوا إلى ديونهم التي استخدموا فيها بطاقات الائتمان سواء في المشتريات أو تسديد دفعيات مالية منذ بداية تفشي الفيروس "كوفيد 19".

كما أشار المسح إلى أن نحو 40% من حملة البطاقات في أميركا ليست لديهم القدرة على تسديد أكثر من "المبلغ الأقل من نسبة الدين"، الذي تطالب به البنوك عادة صاحب البطاقة.
وما يفاقم أزمة ديون البطاقات في أميركا أن نسبة البطالة بلغت 30 مليون عاطل.

وارتفعت مستويات الديون الشخصية في أميركا إلى مستويات تاريخية خلال الربع الأول من العام الجاري حسب الإحصائيات الرسمية، حيث بلغت 14.3 تريليون دولار، وهذا المستوى أعلى بنحو 1.6 تريليون دولار عن المستوى القياسي الذي بلغته خلال أزمة المال العالمية. 

ومن بين هذه الديون 9.7 تريليونات دولار في مجال القروض العقارية ونحو 3 تريليونات في مجال قروض بطاقات الائتمان. 

وقالت مصادر مصرفية لشركة فينديرا الأميركية، المتخصصة في أبحاث الأعمال التجارية الصغيرة والقروض الشخصية، إن البنوك الأميركية تجري حالياً عمليات تقييم لملاءة أصحاب بطاقات الائتمان، على ضوء الدمار الذي يحدثه الفيروس للاقتصاد وتداعيات ذلك على دخول الأفراد والعائلات والأعمال التجارية وحال عدم اليقين بشأن المستقبل المالي.

ويقدر الاقتصادي في مصرف الاحتياط الفدرالي بمدينة سانت لويس بولاية أريزونا، ميغيل فاريا كاسترو، في دراسة نشرها على موقع البنك، أن نحو 47 مليون شخص ربما سيفقدون وظائفهم في الولايات المتحدة خلال العام الجاري.

وهذا يعني أن نسبة البطالة سترتفع إلى 32.1% خلال العام، وبالتالي، فإن وباء "كوفيد 19" يضع البنوك الأميركية أمام معادلة جديدة في تقييمها لسقوف الائتمان بالبطاقات ومخاطر القروض الشخصية عموماً. وهو ما يقوم به حالياً كل من مصارف "سيتي غروب" و"جي بي مورغان" و"ويل فارغو" في تقييم ملاءة زبائنها ومخاطر إقراضهم.

وفي المراكز المالية بآسيا، يحدث نفس الشيء، ففي هونغ كونغ التي شهدت فيها قروض بطاقات الائتمان ارتفاعاً ملحوظاً خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الجاري تجري البنوك عمليات تقييم دورية للمخاطر.

وحسب صحيفة "ستريت تايمز"، فإن استخدام البطاقات في شراء الوجبات الجاهزة ارتفع بنسبة 30% في الجزيرة. كما أن العديد من أصحاب الدخل المحدود يستخدمون بطاقات الدين.

لكن في المقابل، فإن إحصائيات بنك إنكلترا المركزي الأخيرة تشير إلى أن العائلات البريطانية استغلت فترة العزل في خفض فاتورة البطاقات الائتمانية؛ إذ تراجع إجمالي قروض بطاقات الائتمان في بريطانيا بنحو 3.8 مليارات جنيه إسترليني إلى 69.3 مليار جنيه.
دلالات