وبحسب مصدرين مطلعين على المناقشات الداخلية عانت بكين من عدم الثقة، عندما فكرت للمرة الأولى في إقامة البنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية أوائل 2013، وذلك بفعل المخاوف من عدم جمع التمويل الكافي، وبواعث القلق من أن الدول الأخرى لن تدعم المشروع.
وتعهد بعض حكومات الشرق الأوسط بتقديم السيولة ودعم دول أوروبية مهمة، وهو ما فوجئت به بكين، وجاء على الرغم من المعارضة الأميركية، أصبحا نقطة تحول في خطط الصين لتغيير البنية المالية العالمية.
وبفضل التأكيدات الخارجية ودعم شخصيات مهمة مثل رئيس الوزراء الصيني السابق، والرئيس المقبل لبنك البنية التحتية جين لي تشون، الرئيس السابق لصندوق الثروة السيادي، مؤسسة الاستثمار الصينية، استطاعت الصين تحويل الفكرة إلى حقيقة.
ومن المرجح أن يعزز التأسيس الناجح للبنك ثقة بكين في قدرتها على الاضطلاع بدور رائد في المؤسسات المالية العالمية، رغم الرياح الاقتصادية المعاكسة التي تواجهها في الداخل.
وقال أحد المصدرين عن خطط بكين لبنك البنية التحتية، إنه: "في البداية لم تكن الصين واثقة جداً.. مبعث القلق كان عدم توافر المال".
وأضاف المصدر أن: "وفدا من وزارة المالية حاول جس نبض دول جنوب شرق آسيا بخصوص دعم البنك لم يفرز نتائج مشجعة.. فقد أيدت الحكومات الفكرة غير أنها لم تكن تملك الموارد الكافية للمساهمة بقوة في التمويل".
وأكد أن: "زيارات لاحقة إلى الشرق الأوسط جلبت النجاح حيث أخطرت حكومات المنطقة الصين بأنها بحاجة إلى بنية تحتية جديدة وأنها، وهذا هو المهم، قادرة على الدفع مقابل ذلك.. جميعها دول منتجة للنفط وتملك العملة الصعبة ويحدوها تفاؤل كبير وبوسعها تقديم السيولة.. عندئذ فكرنا بأن الأمر قابل للتنفيذ".
وأحجم البنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية عن التعليق على هذا التقرير، وأحال الأسئلة إلى وزارة المالية الصينية التي لم ترد على طلب للتعقيب.
ومن المنتظر أن ينافس البنك الجديد الذي وقعت 57 دولة للانضمام إليه كل من البنك الدولي والبنك الآسيوي للتنمية، وأن يعظم النفوذ الصيني في تمويل مشاريع التنمية العالمية.
اقرأ أيضاً: الصين تعزز اقتصادها بضخ 93 مليار دولار لبنكي تنمية
وبحسب موقع البنك على الإنترنت فإن نسبة السبع تقريباً من الخمسين بلداً التي وقعت في يونيو/حزيران، لتصبح من الأعضاء المؤسسين هي من الشرق الأوسط، ومن بينها إيران وإسرائيل ومصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة.
وقال المصدران إن: "النقاشات الحكومية بخصوص البنك دامت ستة أشهر من ربيع 2013، وشملت وزارة المالية ووزارة التجارة ومركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية؛ وهو مركز أبحاث حكومي".
وأضافا أن: "جهات حكومية شككت في قدرة الصين على إدارة بنك دولي، نظرا لانعدام الخبرة مبدية تخوفها من أن تتكبد المؤسسة الجديدة خسائر ومقترحة أن تنشئ الصين صندوق استثمار حكوميا، لتمويل صفقات البنية التحتية الخارجية".
وشكك آخرون في حاجة الصين إلى إطلاق بنك جديد، نظرا لعضويتها في بنك التنمية لمجموعة بريكس مع البرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا، وإجرائها محادثات مع روسيا للمشاركة في إنشاء بنك آخر، لكن أحد المصدرين قال إن: "مقترح إقامة صندوق استثمار قوبل بالرفض، من منطلق أن جهدا أحاديا من جانب الصين قد يثير شكوك الحكومات الأخرى بشأن دوافعه".
وجادل مؤيدو بنك البنية التحتية بأن الأعضاء الآخرين ببنك بريكس سيهرعون إلى المشاركة في البنك الجديد وأن روسيا تبدي فتورا إزاء فكرة إقامة بنك تنمية مع الصين، بينما أحجمت وزارة المالية الروسية عن التعليق على هذا التقرير.
وقال أحد المصدرين إن: "بنك البنية التحتية سيكون الوحيد القادر على توفير منصة عالمية للصين لإشهار نفوذها المالي.. بنك البنية التحتية سيسمح للصين بتلقي 100 رد إيجابي عندما ترفع سماعة الهاتف".
وأضاف المصدران أن: "بعض المسؤولين بمن فيهم جين الرئيس القادم للبنك الجديد دأبوا منذ سنوات على دعوة بكين إلى تدشين بنك تنمية جديد، لكن الفكرة لم تكتسب قوة دفع في ظل الحكومات الصينية السابقة".
وتغير ذلك عندما تولى الرئيس الصيني شي جين بينغ مهام منصبه ربيع 2013، فقد ألقى بثقله خلف استراتجية البنية التحتية والتصدير الصينية الجريئة "حزام واحد وطريق واحد"، في إشارة إلى إقامة حزام اقتصادي على طريق الحرير القديم.
وشجعت إمكانية أن يدعم البنك خطة "الحزام والطريق" كبار المسؤولين الصينيين على الموافقة على مقترح يرجع إلى عام 2013 لإنشاء البنك، كان قد تقدم به تشنغ بي يان نائب رئيس الوزراء السابق الذي يرأس مركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية.
وقال المصدران إن: "تشنغ كتب المقترح بدعم من المركز الذي عقد عدة مشاورات مع جين".
وأضاف: "جين الذي سبق أن ترأس البنك الآسيوي للتنمية ويجيد التحدث بالإنجليزية والفرنسية كان المرشح الصيني الواضح لرئاسة بنك البنية التحتية نظرا لخبرته الخارجية".
اقرأ أيضاً: اليوان الصيني يرعب الأسواق