ترسّخ الولايات المتحدة الأميركية نفوذها في المناطق التي تقع تحت سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في شرقي وشمال شرقي سورية، إذ كثّف مسؤولون أميركيون في الآونة الأخيرة زياراتهم إلى هذه المناطق، في الوقت الذي عيّنت فيه واشنطن مبعوثاً جديداً إلى سورية، وهو خبير بالشرق الأوسط، ويُعرف بمواقفه الحادة تجاه إيران وروسيا، في الوقت الذي تدور فيه محادثات بين نظام بشار الأسد و"سورية الديمقراطية" حول مناطق نفوذ الأخيرة المدعومة أميركياً، ما فتح باب تساؤلات عديدة حيال مستقبل المناطق الخاضعة لـ"قسد" والنفوذ الأميركي.
ويبدو المشهد في شرقي وشمال شرقي سورية متبايناً حد التناقض، ففي الوقت الذي يُجري فيه الأكراد مفاوضات مع النظام السوري من أجل تحديد مصير المناطق التي يسيطرون عليها، والتي تُشكّل أكثر من ربع مساحة البلاد، تبدو الولايات المتحدة منهمكة في ترسيخ وجودها في هذه المناطق. وعيّنت الإدارة الأميركية مبعوثاً جديداً لها إلى سورية، هو السفير جيمس جيفري، وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط، إذ عمل سفيراً لبلاده في أنقرة وبغداد، ما يؤكد اهتمام واشنطن بالملف السوري، ونيّتها البقاء طويلاً في الشرق السوري. وكثّف مسؤولون أميركيون زياراتهم إلى مناطق نفوذ واشنطن في سورية والتي تقع تحت سيطرة "قسد"، إذ زار وفد أميركي رفيع المستوى السبت مدينة عين العرب في ريف حلب الشمالي الشرقي، وقدّم معدات طبية للجرحى والمصابين في المستشفى العسكري في المدينة.
وقالت مصادر مقربة من "قوات سورية الديمقراطية" التي تسيطر على المدينة ذات الغالبية الكردية، على الحدود السورية التركية، إن الوفد ضم مستشار وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السورية، وليام روباك، وضباطاً من التحالف الدولي. وزار روباك، أخيراً عدداً من المدن الخاضعة لسيطرة "قسد"، التي تُشكّل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي، لا سيما في الرقة ومنبج، والهدف المعلن لهذه الزيارات "الاطلاع على المشاريع في هذه المناطق".
وأكدت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن الولايات المتحدة مهتمة بإعادة إعمار مدينة الرقة التي دمرها طيران التحالف الدولي في حملته على المدينة والتي انتهت بخروج تنظيم "داعش" منها في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي. وأوضحت المصادر أن عملية إعادة ما تهدم من الجسر الجديد الذي يربط بين ضفتي الفرات في المدينة، قد بدأت، مشيرة إلى أن عمليات الإصلاح والترميم التي تقوم بها "لجنة الإعمار" التابعة لـ"قسد" جارية "ولكن بوتيرة بطيئة"، لافتة إلى أن وتيرة عودة المدنيين انخفضت في الآونة الأخيرة "بسبب عدم استقرار الوضع الأمني".
ونقلت المصادر عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أن تسليم الرقة للنظام "غير وارد حالياً"، مشيرة إلى أن هؤلاء المسؤولين "تحدثوا عن أن التسليم لن يتم قبل خمس سنوات"، مضيفة: "هناك حديث عن منح النظام مربّعاً خدمياً في المدينة في الوقت الراهن لا أكثر". وأشارت إلى أن القلق هو سيّد الموقف في الرقة، مضيفة: "هناك خشية من انقلاب في الموقف الأميركي، بحيث يتم تسليم المحافظة للنظام وفق تفاهم بين الأخير و"مسد"(مجلس سورية الديمقراطية) برضى روسي أميركي".
اقــرأ أيضاً
ويبدو أن واشنطن ستعيد إعمار جانب من الرقة دمرته طائراتها بأموال سعودية، إذ أعلنت الرياض منذ أيام عن تقديم مبلغ 100 مليون دولار "سيوجه لإعادة إحياء المجتمعات في مناطق مثل الرقة، ولتمويل إعمار الأحياء المدمرة والخدمات الصحية والزراعة والكهرباء والمياه والتعليم والمواصلات"، وفق مصادر سعودية.
ولكن القيادي في "لواء المعتصم" التابع للجيش السوري الحر، مصطفى سيجري، أعرب عن أسفه لمنح الرياض هذا المبلغ لمناطق البلاد التي يسيطر عليها الأكراد المدعومون من التحالف الدولي. وكتب سيجري على حسابه في "تويتر": "من المؤسف أن يتم إيقاف كامل الدعم عن الجيش الحر ولأسباب غير معلومة من قبل الأشقاء في السعودية، ونراه يتدفق وبسخاء إلى مجموعات انفصالية تعمل على تهجير المكوّن العربي من أراضيه"، وفق تعبيره.
من جهته، رأى القيادي السوري الكردي البارز، ألدار خليل، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الولايات المتحدة بدأت تولي الجانب السياسي في سورية أهمية أكبر بعد سنوات من تركيز الاهتمام على الجانب العسكري إبان الحرب على تنظيم "داعش". وأعرب عن اعتقاده بأنه "قد يكون لحوارات لمجلس سورية الديمقراطي (مسد) مع دمشق تأثير على مجريات السياسة الأميركية تجاه مناطقنا"، مضيفاً: "دفعت هذه الحوارات الولايات المتحدة لإيلاء أهمية للعمل السياسي بدلاً من العسكري وداعش سابقاً". ولفت إلى أن "التطورات متسارعة، وداعش ينهار، والملف الإيراني ساخن، والنظام يعاود سيطرته على المناطق التي كان قد فقدها وكانت بيد المجموعات الأخرى، كما أنه يصعب القيام بإعادة الإعمار إذا لم يتم التوصل لحل، ولقاءات جنيف مشلولة". وأشار إلى أن "علاقات" القوات ذات الغالبية الكردية (قسد) "باتت بمستوى أكثر تطوراً"، مضيفاً: "نحن ندير أكثر من ثلاثين في المائة من سورية"، معتبراً أن "أميركا تحتاج لأن تكون صاحبة مشروع حل سياسي لتتمكن من التفوق في بعض الملفات ضمن منافستها لروسيا في سورية".
إلى ذلك، نفت الرئيسة المشتركة لـ"مجلس سورية الديمقراطي" (مسد) إلهام أحمد، الأنباء التي تحدثت عن لقائها رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال زيارة لها إلى العاصمة دمشق، مشيرة في تصريحات صحافية الأحد إلى أن قناة تلفزيونية نقلت بشكل خاطئ تصريحات لها. ولكن أحمد لم تنف ما نقلته القناة عنها من أن "قسد" الجناح العسكري لـ"مسد" من الممكن أن تكون جزءاً من "جيش سوري" في حال التوصل لاتفاق تفاوضي مع النظام. وبدأ "مسد" أخيراً مفاوضات مع النظام السوري، في الوقت الذي يؤكد فيه مسؤولون سوريون أكراد، أنه من المبكر الحديث عن اتفاق "في ظل تقديم السلطة الأولوية لمشروعها القديم في مشهد 2011".
ودعمت الولايات المتحدة منذ عام 2014 الوحدات الكردية، وهي الذراع العسكرية لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، حتى باتت تسيطر على نحو ربع مساحة سورية. وتسيطر هذه القوات اليوم على أغلب منطقة شرق الفرات التي تعدّ "سورية المفيدة" بثرواتها المائية والزراعية والنفطية، كما انتزعت السيطرة من تنظيم "داعش" على أغلب محافظة الرقة، وكامل ريف دير الزور شمال نهر الفرات، إلى جانب سيطرتها على أغلب محافظة الحسكة، أقصى شمال شرقي سورية، باستثناء مربعين أمنيين للنظام في مدينتي القامشلي والحسكة، وأجزاء من ريف المحافظة. كذلك تسيطر على أجزاء واسعة من ريف حلب الشمالي الشرقي، شرق نهر الفرات، وسلسلة قرى جنوب نهر الفرات تمتد من مدينة الطبقة غرباً وحتى مدينة الرقة شرقاً، على مسافة أكثر من 60 كيلومتراً.
اقــرأ أيضاً
وقالت مصادر مقربة من "قوات سورية الديمقراطية" التي تسيطر على المدينة ذات الغالبية الكردية، على الحدود السورية التركية، إن الوفد ضم مستشار وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السورية، وليام روباك، وضباطاً من التحالف الدولي. وزار روباك، أخيراً عدداً من المدن الخاضعة لسيطرة "قسد"، التي تُشكّل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي، لا سيما في الرقة ومنبج، والهدف المعلن لهذه الزيارات "الاطلاع على المشاريع في هذه المناطق".
وأكدت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن الولايات المتحدة مهتمة بإعادة إعمار مدينة الرقة التي دمرها طيران التحالف الدولي في حملته على المدينة والتي انتهت بخروج تنظيم "داعش" منها في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي. وأوضحت المصادر أن عملية إعادة ما تهدم من الجسر الجديد الذي يربط بين ضفتي الفرات في المدينة، قد بدأت، مشيرة إلى أن عمليات الإصلاح والترميم التي تقوم بها "لجنة الإعمار" التابعة لـ"قسد" جارية "ولكن بوتيرة بطيئة"، لافتة إلى أن وتيرة عودة المدنيين انخفضت في الآونة الأخيرة "بسبب عدم استقرار الوضع الأمني".
ونقلت المصادر عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أن تسليم الرقة للنظام "غير وارد حالياً"، مشيرة إلى أن هؤلاء المسؤولين "تحدثوا عن أن التسليم لن يتم قبل خمس سنوات"، مضيفة: "هناك حديث عن منح النظام مربّعاً خدمياً في المدينة في الوقت الراهن لا أكثر". وأشارت إلى أن القلق هو سيّد الموقف في الرقة، مضيفة: "هناك خشية من انقلاب في الموقف الأميركي، بحيث يتم تسليم المحافظة للنظام وفق تفاهم بين الأخير و"مسد"(مجلس سورية الديمقراطية) برضى روسي أميركي".
ويبدو أن واشنطن ستعيد إعمار جانب من الرقة دمرته طائراتها بأموال سعودية، إذ أعلنت الرياض منذ أيام عن تقديم مبلغ 100 مليون دولار "سيوجه لإعادة إحياء المجتمعات في مناطق مثل الرقة، ولتمويل إعمار الأحياء المدمرة والخدمات الصحية والزراعة والكهرباء والمياه والتعليم والمواصلات"، وفق مصادر سعودية.
ولكن القيادي في "لواء المعتصم" التابع للجيش السوري الحر، مصطفى سيجري، أعرب عن أسفه لمنح الرياض هذا المبلغ لمناطق البلاد التي يسيطر عليها الأكراد المدعومون من التحالف الدولي. وكتب سيجري على حسابه في "تويتر": "من المؤسف أن يتم إيقاف كامل الدعم عن الجيش الحر ولأسباب غير معلومة من قبل الأشقاء في السعودية، ونراه يتدفق وبسخاء إلى مجموعات انفصالية تعمل على تهجير المكوّن العربي من أراضيه"، وفق تعبيره.
إلى ذلك، نفت الرئيسة المشتركة لـ"مجلس سورية الديمقراطي" (مسد) إلهام أحمد، الأنباء التي تحدثت عن لقائها رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال زيارة لها إلى العاصمة دمشق، مشيرة في تصريحات صحافية الأحد إلى أن قناة تلفزيونية نقلت بشكل خاطئ تصريحات لها. ولكن أحمد لم تنف ما نقلته القناة عنها من أن "قسد" الجناح العسكري لـ"مسد" من الممكن أن تكون جزءاً من "جيش سوري" في حال التوصل لاتفاق تفاوضي مع النظام. وبدأ "مسد" أخيراً مفاوضات مع النظام السوري، في الوقت الذي يؤكد فيه مسؤولون سوريون أكراد، أنه من المبكر الحديث عن اتفاق "في ظل تقديم السلطة الأولوية لمشروعها القديم في مشهد 2011".
ودعمت الولايات المتحدة منذ عام 2014 الوحدات الكردية، وهي الذراع العسكرية لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، حتى باتت تسيطر على نحو ربع مساحة سورية. وتسيطر هذه القوات اليوم على أغلب منطقة شرق الفرات التي تعدّ "سورية المفيدة" بثرواتها المائية والزراعية والنفطية، كما انتزعت السيطرة من تنظيم "داعش" على أغلب محافظة الرقة، وكامل ريف دير الزور شمال نهر الفرات، إلى جانب سيطرتها على أغلب محافظة الحسكة، أقصى شمال شرقي سورية، باستثناء مربعين أمنيين للنظام في مدينتي القامشلي والحسكة، وأجزاء من ريف المحافظة. كذلك تسيطر على أجزاء واسعة من ريف حلب الشمالي الشرقي، شرق نهر الفرات، وسلسلة قرى جنوب نهر الفرات تمتد من مدينة الطبقة غرباً وحتى مدينة الرقة شرقاً، على مسافة أكثر من 60 كيلومتراً.