تستعد العاصمة العراقية بغداد لاستقبال موسم الشتاء، وفق توقعات مراقبين وخبراء أرصاد جوية بهطول كميات كبيرة من الأمطار على الأجزاء الجنوبية والوسطى من البلاد، إلا أن تهالك شبكات الصرف الصحي يحول المياه المتساقطة، وإن كان منسوبها اعتياديا، إلى فيضانات في الشوارع والأحياء السكنية.
وترفض الحكومة العراقية أو مجلس القضاء الأعلى فتح ملف فساد شبكات الصرف الصحي في العاصمة، والذي فاقت أكلافه 8 مليارات دولار على مدار السنوات العشر الماضية.
وأصدرت هيئة الخدمات التابعة لمجلس العاصمة، اليوم الأربعاء، تحذيرات من عدم قدرة شبكات الصرف الصحي على استيعاب مياه الأمطار مع دخول الشتاء، مشيرة إلى احتمال غرق الشوارع، وتشكل المستنقعات، ودخول المياه إلى المنازل، وشل الحركة في العاصمة، والتسبب بخسائر مادية كبيرة.
وأوضح رئيس الهيئة علي الحميداوي في بيان أن" شبكات الصرف الصحي في بغداد غير قادرة على استيعاب الأمطار خلال موسم الشتاء القادم، بسبب قلة التخصيصات المالية اللازمة لإكمال الخطوط الناقلة للمياه، وعدم الاستعداد الكافي لذلك".
أثارت التحذيرات خشية أهالي بغداد من تكرار الفيضانات التي تضرب العاصمة كل عام، وتغرق أحياء بكاملها.
وتسببت أمطار العام الماضي بوفاة 58 عراقيا في بغداد وجنوب البلاد، وهدم نحو 400 منزل، كما أدت إلى فيضانات بالشوارع وصل ارتفاعها إلى مترين وأغرقت البيوت.
من جهته، أكد خبير الأرصاد الجوية محمد حسين الموسوي لـ"العربي الجديد" أن" موسم الشتاء يبدأ مبكرا هذا العام بأمطار خفيفة، لكن استمرارها عدة أيام يرفع منسوب نهري دجلة والفرات، وبحيرات الثرثار والرزازة وساوه والحبانية، وغيرها في جنوب وشمال البلاد فضلا عن منطقة الأهوار".
ورأى أن "الأمطار تعتبر اعتيادية لولا سوء خدمات الصرف الصحي، وتردي الشبكات الناتج عن فساد حكومات المالكي الأولى والثانية، الذي وضعنا بهذا الموقف".
كما أشار المهندس عدنان والي من أمانة بغداد إلى أن "أكثر المناطق التي تتأثر بموسم الشتاء هي مناطق الكرخ القديمة، ومدينة الصدر، والشعب، وبغداد الجديدة، والحسينية، والشعلة، والبياع، والكاظمية، وأجزاء من الأعظمية بسبب انخفاض مستواها عن باقي مناطق بغداد، وتهالك شبكات المجاري، وانعدام الطرق المعبدة فيها".
وبيّن لـ"العربي الجديد" أن "أمانة العاصمة لا تمتلك حتى الآن العدد الكافي من آليات، ومضخات سحب المياه"، مشيرا إلى "احتمال إعلان الإنذار في دوائر البلدية مع بدء الموسم".
ويبدأ أهالي بغداد مع اقتراب كل شتاء باتخاذ تدابير بسيطة، كجمع أكياس الرمل ومحاولة تنظيف وتأهيل بعض شبكات الصرف الصحي في الأحياء، عبر حملات تطوعية شبابية.
وقال الناشط المدني هيثم الزبيدي إن "الفيضانات تغرق شوارع وأحياء بغداد كل عام، ولم تتخذ الحكومة منذ سنوات أية تدابير احترازية".
وأضاف لـ"العربي الجديد" أن ليس بإمكان الأهالي سوى تحضير وتجهيز أكياس الرمل لمنع مياه الأمطار من اجتياح بيوتهم، وفتح بعض شبكات الصرف المغلقة تطوعا".
المواطن حيدر صابر (37 عاماً) قال "يئسنا من الحكومة العراقية، وعدم جديتها في معالجة ملف شبكات الصرف الصحي، وصرنا نجمع أكياس الرمل، ونؤهل الطابق العلوي من المنزل استعداداً لموسم الأمطار والفيضانات التي تجتاحنا كل عام".