ويزور مستشار الأمن الوطني العراقي ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، مدينة سنجار مع وفد عسكري عراقي رفيع، حيث عقد عدة لقاءات مع القيادات المحلية، وأعقب تلك اللقاءات بيان صدر عن الفياض كشف فيه عن اتفاق لسحب الجيش العراقي من المدينة، وتركيزه على جبل سنجار وأطراف المدينة، مقابل تسليم ملف الأمن داخل سنجار إلى الشرطة المحلية فقط.
ووفقا لبيان الفياض الذي صدر ظهر الأحد، فإن "الشرطة المحلية هي من ستمسك أمن قضاء سنجار وتقدم الدعم الكامل للجيش الذي سيتواجد في أطراف القضاء وعلى جبل سنجار"، مشددا على ضرورة "إشراك أبناء هذه المدينة بحفظ الأمن والعمل على إعادتها إلى أفضل حالتها".
وتعرضت المدينة خلال الفترة الماضية لسلسلة غارات تركية استهدفت مواقع قالت أنقرة إنها تابعة لحزب العمال الكردستاني، ودانت بغداد القصف، واستدعت السفير التركي لديها فاتح يلدز وسلمته مذكرة بهذا الخصوص. وتقول تركيا إن المدينة تحتضن أنشطة لحزب العمال الكردستاني تهدد الأمن القومي التركي، وإن لها الحق في الرد على ذلك، مطالبة بغداد بأن تمنع أي اعتداءات تنطلق من أراضيها تجاه تركيا.
وفي السياق ذاته، قال مسؤول محلي عراقي في مدينة سنجار، لـ"العربي الجديد"، إن اتفاقية أبرمتها الحكومة العراقية، من خلال فالح الفياض، وبواسطة رئيس الجمهورية برهم صالح، مع قوى كردية محلية عدة، تتضمن استبعاد القائمقام السابق محما خليل التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني، وكذلك الحالي الذي تدعمه مليشيات الحشد وحزب العمال الكردستاني أيضا فهد حامد، على أن "يتم اختيار شخص ثالث لإدارة المدينة لا يتبع أي طرف سياسي، ويكون من سكان المدينة المعروفين".
وبحسب الاتفاق، يتم تشكيل جهاز شرطة من أبناء مدينة سنجار يتولون حفظ الأمن في المدينة والتهيئة لعودة السكان إليها، والذين يوجدون أغلبهم في مدن إقليم كردستان، على أن تنسحب قوات الجيش إلى أطراف سنجار والقرى المحيطة بها، وكذلك جبل سنجار، مع التأكيد على أن هذه المناطق سيجري تشييد قواعد للجيش بها، ولن يكون فيها أي نشاط لحزب العمال الكردستاني.
وحذرت بغداد، في السياق نفسه، المليشيات والفصائل الأيزيدية من التعرض للقرى والأحياء العربية في سنجار، والسماح للأهالي بالعودة، وإلا "سيجري التعامل مع المعترضين وفقا للقانون".
وبالاتفاق، فإن الجيش العراقي سيحكم قبضته على سنجار من جوانبها الأربعة بلا أي قوات منافسة أو شريكة له، بينما يبقى ملف الأمن داخل البلدة بيد الشرطة التابعة لوزارة الداخلية العراقية، وهو ما يعني تراجع فرص أربيل للدفع باتجاه تحويل المدينة لمحافظة، كما دعا رئيس الإقليم المستقيل مسعود البارزاني قبل أسابيع، وسلخها عن نينوى، وضمها إلى إقليم كردستان.
وفي اتصال هاتفي، قال عضو المجلس البلدي لمدينة سنجار أحمد الحلو، لـ"العربي الجديد"، إن "الجيش العراقي سيتدخل عند الحاجة، والشرطة ستدير ملف الأمن داخل المدينة، وسيتم الاتفاق على آلية لإعادة كل النازحين من العرب المسلمين والمسيحيين، أو من الكرد الأيزيديين، مع التأكيد على أن يأخذ القضاء وحده مجراه في أي شكاوى من تلك المتعلقة باتهام بعض الأطراف في التعاون مع "داعش" أو غيرهم"، لافتا إلى أن "وجود الجيش العراقي واستقراره في سنجار رسالة طمأنة لتركيا بكل تأكيد".
في غضون ذلك، علم "العربي الجديد" أن الحكومة العراقية ستباشر تحقيقا حول تورط كل من قاسم ششو ومراد شرو، وهما قائدان لمليشيات مسلحة أيزيدية تأسست عقب احتلال تنظيم "داعش" لمدينة سنجار، بجرائم انتهاكات مروعة بحق العرب في تلك المناطق، وكذلك جرائم اختلاس مالي تصل إلى حد 5 مليارات دينار (نحو 4 ملايين دولار) حصلا عليها من الحكومة العراقية كمرتبات ومساعدات بين ديسمبر/ كانون الأول 2014 ولغاية نهاية عام 2017.
وتتضمن الجرائم عمليات قتل جماعية لمواطنين عرب من قرى محيطة بمدينة سنجار، وعمليات سرقة وتجريف قرى وتفجير منازل عربية.
وبشأن ذلك، قال الخبير بالشأن السياسي العراقي علي الطائي، إن حراك بغداد المتسارع حيال سنجار يهدف بالدرجة الأولى لإنهاء تواجد حزب العمال الكردستاني ونفوذه فيها، ثم إعادة السكان إليها، مبينا أن المدينة ومنذ تحريرها عام 2015 عقب احتلال تنظيم "داعش" لها، وارتكاب مجازر فظيعة بحق سكانها عام 2014، تعتبر بيئة خصبة للمشاكل".
وأكد الطائي أن تطبيع الأوضاع في المدينة سيكون له أثر إيجابي بالنسبة للأتراك الذين ينظرون بقلق إلى هذه البقعة من شمال العراق، بسبب أنشطة حزب العمال الكردستاني، كما أنها ستسحب البساط من تحت الداعين لتحويلها إلى محافظة تابعة لإقليم كردستان.