بعيداً عن ميسي.. ما تغير في مواجهة برشلونة ويوفنتوس هذه المرة

13 سبتمبر 2017
ميسي نجم نجوم برشلونة (Getty)
+ الخط -


 

افتتح برشلونة الموسم الجديد من دوري الأبطال بانتصار مهم على حساب يوفنتوس، بعد أن تفوق الفريق الكتالوني بالثلاثة على زعيم تورينو، في مباراة شهدت تألقا معتادا للأرجنتيني ليونيل ميسي، لكن هذه المرة مع استثناء وحيد، بعد نجاح الرقم 10 في هز شباك العملاق بوفون للمرة الأولى طوال مسيرته، ليسجل نجم البارسا الهدف الأول والثالث، مع صناعته لكرة راكيتيتش، في مباراة بدأت بندية بين الجانبين، وانتهت بتفوق كاسح لأصحاب الأرض على مستوى الأداء والنتيجة.

افتقد يوفنتوس لأكثر من لاعب بسبب الإصابة، ودخل عثمان ديمبلي أساسياً للمرة الأولى مع برشلونة، ورغم التحفظ الكبير في النصف ساعة الأولى من المباراة، إلا أن تحركات ميسي أنهت كل شيء، بحسمه أمام المرمى ومرونته التكتيكية في التمركز بين الخطوط، ليفشل دفاع السيدة العجوز في التعامل مع هجوم برشلونة، ويحصل البلاوغرانا على أول ثلاث نقاط بالمجموعة.

غيابات مؤثرة
"عندما تكون هناك مساحات بالدفاع، فإن ميسي سيعاقبك فوراً"، هكذا قال ماسيمو أليغري بالمؤتمر الصحفي بعد مباراة برشلونة ويوفنتوس. وبعمل مقارنة سريعة بين هذا اللقاء ونظيره بالعام الماضي، سنجد انخفاضا حادا في كمية العناصر التي يمتلكها النادي الإيطالي، بعد رحيل داني ألفيش تجاه باريس، وانتقال ليوناردو بونوتشي إلى ميلان، كذلك غياب الكرواتي ماندزوكيتش وإصابة المدافع الخبير كيليني. وأثرت هذه الغيابات بالسلب على الضيوف، خصوصاً على مستوى الدفاع وتقليل الفراغات خلف منطقة الوسط.

دفع يوفنتوس أيضاً ثمن عدم تعاقده مع لاعب ارتكاز دفاعي صريح، لتزيد المساحات أمام دفاعه، رغم اللعب بثلاثي في المنتصف، لأن بيانيتش عاد كثيراً للخلف وترك أماكن الهجوم، مع قلة خبرات بنتاكور وميزة ماتويدي فقط في التحولات والمرتدات، لذلك ظهر وسط الطليان بصورة سيئة للغاية، وفقد الفريق ميزة التوازن التي وضعته في المباراة النهائية بالنسخة الماضية، لذلك يجب القول بأن اليوفي أقل من السابق سواء كتشكيلة أساسية أو وفرة عناصر على دكة البدلاء.

لعب أليغري بخطة 4-3-3 دون إضافات، بتمركز رباعي دفاعي صريح بالخلف، وأمامهم بيانيتش، ماتويدي، بنتاكور، مع ميل ديبالا إلى اليمين وتحرك دوغلاس كوستا على الخط الجانبي يساراً، وبينهما غونزالو هيغواين في مركز رأس الحربة الصريح. وابتعد المدرب الإيطالي تماماً عن تشكيلة ثلاثي الخلف، نتيجة عدم وجود أظهرة هجومية من الأساس، وإصابة مدافعه الأفضل وعدم جاهزيته، لذلك عرف برشلونة كيف يضرب هذه الخطة بسهولة، ووصل إلى المرمى في أكثر من مناسبة، وكان قريباً من الخروج بنتيجة أكبر من ثلاثة أهداف في النهاية.

تكتيك جديد
شارك ميسي كجناح رقم 10 في معظم فترة لويس إنريكي، وتكفل الملك بصناعة الأهداف لزملائه، وإيصال سواريز ونيمار إلى المرمى، حتى أكثر من اهتمامه بنفسه، وعرفت هذه المرحلة بحقبة الـ MSN، نظراً لسيطرة خط الهجوم على الفريق بالكامل. وتواجد ليو طوال ثلاث سنوات في مناطق بعيدة تدريجياً عن المرمى، إما تجاه اليمين أو في العمق أمام خط الوسط، حتى يمرر ويراوغ ويخترق بالتبادل مع زميليه. صحيح أنه سجل أهدافاً غزيرة كعادته، لكنه كان بعيداً عن مركز المهاجم الصريح أو الوهمي.

تغير الوضع بعض الشيء مع إرنستو فالفيردي، لأن المدرب الإسباني يلعب بتكتيك مغاير بعض الشيء، بكل تأكيد لا ابتعاد عن خطة لعب 4-3-3، لكن مع تمركز مختلف ومهاجم جديدة نسبياً، حيث إن البارسا يلعب برسم قريب من 4-1-2-1-2 في المباريات الأخيرة، بتواجد ميسي في قلب الهجوم كنصف مهاجم ونصف لاعب وسط، مع شغل ديولوفيو/ ديمبلي لمنطقة الجانب الأيمن على الخط، وتحول سواريز إلى اليسار وكأنه أقرب إلى دور الجناح منه إلى المهاجم الحقيقي.

يربط ميسي مع بوسكيتس، إنيستا، راكيتيتش في المنتصف، شيء قريب من رسم الجوهرة الصريح، لاعب ارتكاز دفاعي بالخلف، ثنائي في أنصاف المسافات بين العمق والطرف، وصانع لعب هجومي صريح في الأمام. وعند استلام الرقم 10 للكرة، فإنه ينطلق بشكل عمودي تجاه المرمى، مع قيام ديمبلي وسواريز بالتحركات القطرية، حتى يخلقا أكبر فراغ ممكن أمام ميسي. وأمام يوفنتوس، سجل ليو الهدف الأول بعد تمريرة سواريز، بينما أضاف الثالث نتيجة تحرك ديمبلي السريع أمام دفاعات الخصم، ليحصل على الحرية المطلوبة على مشارف منطقة الجزاء.

إيجابيات واضحة
كل ما فعله فالفيردي أنه وضع ميسي قريباً من المرمى، خلق له فراغاً أكبر للحركة، وجعله كمهاجم وهمي على خطى فترتي غوارديولا وتيتو فيلانوفا، لذلك يسجل الأرجنتيني بسهولة ويجد نفسه في وضعية أفضل، ليتضح هذا الشعور من خلال حيويته واندفاعه طوال المباراة، لدرجة أنه يعود للدفاع قبل صافرة النهاية في نصف ملعبه، وقريباً من خط دفاعه، رغم أن فريقه متقدم بثلاثة أهداف، والمباراة شبه منتهية على الورق وداخل الملعب.

ميسي ليس العامل الإيجابي الوحيد أمام يوفنتوس، فبرشلونة امتلك أخيراً ظهيرين على مستوى مميز، الأول هو البرتغالي سيميدو، اللاعب القوي دفاعياً والجيد هجومياً، بسبب سرعته واندفاعه البدني، وتمركزه الجيد من دون الكرة، مع تمتعه بالمهارة التي تجعله مناسبا لموقف 1 ضد 1. أما الثاني فهو ألبا، الرابح الأكبر من رحيل البرازيلي نيمار، لأن نجم سان جيرمان الجديد كان يتواجد باستمرار أمامه، يمنعه من التقدم للهجوم، ولا يتفاهم معه بالشكل المطلوب، لذلك انفجر ظهير المنتخب الإسباني بالموسم الحالي، نتيجة لعبه على الخط بمفرده عند الاستحواذ، وتحوله من مجرد ظهير مساعد إلى جناح حقيقي على الخط.

بوسكيتس هو الآخر في حالة أفضل، نتيجة قيام لاعبي الأطراف بالعودة للتغطية، ديمبلي وسيميدو على اليمين، وألبا بالتعاون مع إنيستا وسواريز يساراً، لذلك مال راكيتيتش أكثر إلى العمق، ولعب على مقربة من زميله سيرجيو في الارتكاز، لتتحسن الأمور على مستوى الافتكاك ونقل الكرات مباشرة إلى ميسي في مناطق أفضل، كما حدث بالشوط الثاني عند اندفاع يوفنتوس، وصعوده من أجل تعديل النتيجة، فاستقبل هدفين آخرين قبل صافرة الحكم بانتهاء القمة.

سلبيات هنا وهناك
رغم الإيجابيات والنتيجة الكبيرة لبرشلونة، إلا أن هناك مشاكل واضحة داخل تركيبة الفريق، فسواريز يعاني من انخفاض حاد في المستوى، والأمر لم يعد متعلقا فقط بتغيير مركزه نحو اليسار، فالنجم الأوروغوائي يعاني من وزن زائد، لينعكس على حركته خلف المدافعين، ويقل مردوده على الخط الجانبي، مما جعل برشلونة يظهر وكأنه يلعب بدون جناح آخر، وظهرت المشاكل بوضوح في الشوط الأول، قبل أن يتحسن مستوى لويزيتو في الشوط الثاني، ليؤكد أن مستواه الفردي هو السبب الرئيسي لهذه الحالة السيئة، سواء عند استلام الكرات أو إنهاء الفرص.

ديمبلي أيضاً لا يزال في حاجة إلى الوقت، فالفرنسي عانى من التسرع والعصبية خلال المباراة، مع قلة حركته المستمرة خلف المدافعين. وتبدو هذه الفكرة هي الأساس للاستفادة القصوى من اللاعب، فميسي لا يحتاج إلى لاعب مهاري فقط، بل يريد من زملائه الركض المستمر وإيجاد الفراغ المناسب، حتى يعطيهم الكرات في وضعية أفضل، ويستفيد هو الآخر من تمركزهم في خلق الفرص لنفسه ولهم، وهذا ما يحتاجه عثمان وسواريز في الفترة المقبلة، بضرورة فهم واجبات مركزهما الجديد، حيث إنهما نصف جناح ونصف ساعد هجومي في نفس الوقت، على خطى هنري وبيدرو في 2010، وفيا وبيدرو في 2011، ويتطلب الأمر بعض الوقت بكل تأكيد.

يعاني البارسا واليوفي من عملية البناء في بعض المناسبات، فعدم تأقلم سواريز في مركزه الجديد، يجعل ألبا وإنيستا بمفردهما تحت الضغط، خصوصاً مع لعب أومتيتي وبيكيه على خط واحد في العمق، عند بداية اللعب من طرف تير شتيغن، مما يجعل الخيارات شبه معدومة أمام الحارس ناحية اليسار. وينطبق الأمر على الفريق الضيف، بسبب عدم وجود لاعب ارتكاز ممرر بجوار بيانيتش، وضعف الظهيرين أثناء التحول من الدفاع إلى الهجوم.

يوفنتوس في المقابل عانى من الضعف الواضح أثناء التحولات، نتيجة عدم وجود أظهرة حقيقية على الخط، مع ضعف بيانيتش في الافتكاك والتغطية لأنه ليس لاعبا دفاعيا من الأساس. وعلى الصعيد الهجومي لم يتغير الأمر كثيراً، فيهغواين واصل حركته البطيئة، واضطر ديبالا للعودة إلى الخلف من أجل استلام الكرات، نظراً لعدم وجود لاعب وسط ناقل للهجمة، بعد انشغال البوسني بالواجبات الأخرى.

تعتبر هذه النتيجة مجرد ثلاث نقاط في النهاية، فبرشلونة يحتاج إلى وقت أطول من أجل التحسن، وفهم لاعبيه لتكتيك مدربهم الجديد، بالإضافة إلى حاجة فالفيردي نفسه لاستعمال الدكة بشكل أكبر، قبل اللجوء إلى موسم انتقالات جديد لسد العجز. ويتشابه السيناريو مع يوفنتوس أيضاً، لأن النادي الإيطالي أمامه وقت طويل للتحسن، قبل الوصول إلى مراحل الحسم من عمر الموسم، على أمل تغير الحال داخل المجموعة الأوروبية.

المساهمون