بعد عام من السجن... ما مصير تيسير النجّار؟

16 ديسمبر 2016
لم تتبنَّ نقابة الصحافيين الأردنيين قضيّة النجار (فيسبوك)
+ الخط -
يوم الخميس 8 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، رد الناطق باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، خلال مؤتمر صحافي على سؤال حول جهود الحكومة للإفراج عن الصحافي تيسير النجار، بالقول: "الحكومة تتابع مع الجهات المختصة في دولة الإمارات وعبر القنوات الدبلوماسية قضية النجار". 

ما قاله المسؤول الأردني، أسطوانة يكررها المسؤولون الأردنيون منذ أن كُشف عن اعتقال النجار الذي أتمّ في 13 ديسمبر/ كانون الأول الجاري عامه الأول خلف قضبان السجون الإماراتية، من دون محاكمة، وسط غموض يلف مصيره ويبعث في نفوس أسرته الخوف.
تُعلّق زوجة النجار، ماجدة الحوراني، على آخر تصريح رسمي حول قضية زوجها، بالقول "كعائلة نقدر جهود المتابعة الرسمية التي تبذلها الحكومة، لكننا وبعد نحو عام على احتجازه لم نلمس أي نتائج تجعلنا نشعر بقرب عودته".

قضية النجار فيها الكثير من الغرابة والغموض. الكشف عن الاعتقال، إعلامياً، تم بعد 45 يوماً من حدوثه، يوم كتب رئيس لجنة الحريات في "رابطة الكتاب الأردنيين"، وليد حسني، على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" فاضحاً الأمر الذي اجتهدت السلطات الأردنية ونقابة الصحافيين الأردنيين ورابطة الكتاب في إخفائه، وحتى عائلته أيضاً، أملة أن تحل القضية بهدوء ومن دون صخب.

الصدفة البحتة هي التي قادت حسني لمعرفة القضية، يقول "سألني يومها أحد أقارب النجار: ماذا حدث في القضية؟ وعندما سألته إي قضية، أخبرني بأن النجار معتقل لدى السلطات الإماراتية".

بعد أن فضح حسني الأمر، تبيّن أنّ الجميع يعرف القضية، وأنهم تواطأوا على إخفائها، حتى لا تأخذ منحى تصعيدياً مع دولة الإمارات التي ترتبط مع الأردن بعلاقات أخوية متينة، كما يصف المسؤولون في البلدين، من دون أن تنعكس تلك العلاقات حتى الآن بريق أمل في قضية النجار.

والنجار عضو نقابة الصحافيين الأردنيين، واتحاد الصحافيين العرب، وعضو رابطة الكتاب الأردنيين والاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، وكان يعمل قبيل اعتقاله في مؤسسة "الجواء" الثقافية الإماراتية التي تتخذ من أبو ظبي مقراً لها، والتي صمتت بدورها عن الدفاع عن موظفها.


منذ الكشف عن اعتقال سلطات الأمن الإماراتية للنجار، انحصرت الجهود الأردنية للإفراج عنه بالمناشدات، والتمنيات، والرجاء، من دون أن توجه كلمة انتقاد واحدة، أو تحمل أي جهة أردنية الجهات التي اعتقلته المسؤولية الأخلاقية أو القانونية عن الحادثة التي بدأت اختفاءً قسرياً قبل أن يتبين مصيره لاحقاً، كما تهربت جميع الجهات المعنية بالدفاع عن النجار لاحقاً من المشاركة في أي شكل احتجاجي للمطالبة بالإفراج عنه أو معرفة أسباب اعتقاله.

أول تعبير احتجاجي علني عن رفض اعتقال التجار، والمطالبة بمعرفة مصيره، نفذه صحافيون أردنيون في 3 فبراير/ شباط الماضي أمام مقر نقابة الصحافيين الأردنيين، وهي الوقفة التي لم تتبنها نقابة الصحافيين، حتى أن نقيبها ومجلس نقابتها لم يشاركوا فيها. كما لم تتبنَّ الوقفة رابطة الكتاب، ما طرح سؤالاً كبيراً حول دور تلك الجهات في الدفاع عن أعضائها، وقيمة أن تكون عضواً فيها.

في 18 فبراير/ شباط الماضي سمحت السلطات الإماراتية للنجار باتصال هاتفي مع زوجته، كان الأول منذ اختفائه قسراً، وهو الاتصال الذي جاء بعد أيام من لقاء أسرته مع السفير الإماراتي في عمّان ربيع البدور، الذي أكد لها متابعته للقضية.

في الاتصال الأول، أبلغ النجار زوجته بأنه "وُعد بإفراج قريب"، كما أبلغت بدورها "العربي الجديد"، لكن الوعد لم يتحقق، ومنذ ذلك التاريخ يسمح للنجار باتصال أسبوعي مع زوجته، تقول "حالته النفسية سيئة. إنه متعب (..) للآن لم نعلم والدته العجوز بأنه معتقل خوفاً عليها، كما لم أبلغ تيسير أن شقيقه توفي بعد نحو شهرين من اعتقاله".

الفعالية الاحتجاجية الثانية جاءت في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين نفذت أسرته يؤازرها عدد قليل من الصحافيين بصفتهم الشخصية وقفة أمام السفارة الإماراتية في عمّان تناشد فيها سلطات الإمارات الإفراج عن أبنها، تلتها في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وقفة أمام مقر نقابة الصحافيين لزملائه دون أن تتبناها أيضاً النقابة، وتخللتهما حملة إلكترونية على مواقع التواصل للمطالبة بالإفراج عنه.

أُسنِدت للنجار تهمة "جرائم إلكترونية والمساس بسمعة الإمارات"، كما يبين المحامي فيصل الخزاعي، الذي كُلّف من لجنة الحريات في نقابة المحامين الأردنيين بالدفاع عنه. وفيما يؤكد أنّ التحقيقات انتهت مع النجار من أكثر من شهرين وأحيل على محكمة أمن الدولة الإماراتية، إلا أنّ محاكمته لم تبدأ حتى الآن.

التصريحات الرسمية الأردنية المتكررة حول العلاقات الأردنية - الإماراتية توضح الخجل الرسمي الأردني في متابعة قضية النجار، وتُبيّن أسباب خوف أسرته وزملائه من رفع سقف الاحتجاج على السلطات الإماراتية. إذ إنّ السلطات الأردنية لا تنفكً تؤكّد على حرصها عدم تعكير العلاقة الأخوية مع الإمارات من منطلق حرصها على الأمان الوظيفي لآلاف الأردنيين العاملين هناك، ليصبح مصير كاتب وصحافي، وقبل ذلك إنسان، حدثاً هامشياً. ولا تبقى بعد ذلك أمام أسرته سوى المناشدة عقب المناشدة، وهي اليوم تناشد العاهل الأردني أن يفرج عن ابنها "مستثمراً العلاقات الأخوية مع دولة الإمارات الشقيقة".






المساهمون