13 نوفمبر 2024
بعد حلب ... هل حان لجم إيران؟
على الرغم من الصدمة التي أحدثها في موسكو وأنقرة، لا يبدو أن اغتيال السفير الروسي، أندريه كارلوف، سيؤثر على العلاقات التركية -الروسية، مما يدل على أن البلدين لم يتجاوزا فقط تداعيات حادثة إسقاط الطائرة الروسية على تخوم المجال الجوي التركي مع سورية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، بل توصلا إلى تفاهماتٍ عميقةٍ في الموضوع السوري، تبدت آثارها في تحول تركيا من داعم إقليمي كبير للمعارضة السورية إلى وسيط بينها وبين روسيا. في المقابل، تم إطلاق يد تركيا لتنفيذ عملية "درع الفرات" التي تستهدف منع وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة أميركياً من السيطرة على مناطق تنظيم الدولة الإسلامية غرب نهر الفرات، والوصول من ثم إلى مناطق الإدارة الكردية الثلاث على امتداد الحدود السورية-التركية.
مثّل التناغم التركي-الروسي، الذي بلغ مداه في اتفاق إجلاء المقاتلين والمدنيين عن الجزء الشرقي من مدينة حلب، صدمة بالنسبة إلى إيران التي لم تخف امتعاضها من تجاهل روسيا لها وذهابها إلى عقد اتفاق مع منافستها التقليدية على الساحة السورية، فقرّرت التعطيل. وبمقدار ما مثّل الاتفاق نقطة تلاقي مصالح روسية – تركية، لتلافي مذبحة كبرى في حلب، لن تستطيع موسكو تحمل نتائجها في علاقتها مع الغرب والعالم الإسلامي، ومواطنيها المسلمين، وتعفي، في المقابل، تركيا من حرج الوقوف متفرجة، مثّل الاتفاق نقطة خلاف روسية- إيرانية، فطهران كانت تريد الإجهاز على مقاتلي المعارضة المحاصرين شرقي حلب، بدلاً من تركهم يخرجون ليقاتلوها في يوم آخر. الاتفاق فوّت عليها هذه الفرصة، لكنها تمكّنت، في المقابل، من فرض نفسها على التفاهم الثنائي الروسي-التركي، الذي غدا بحضورها ثلاثياً، وجرى التعبير عنه باجتماع وزراء دفاع وخارجية الدول الثلاث في موسكو لمناقشة الأزمة السورية. كما تمكّنت من تضمين الاتفاق شرط إطلاق الموالين لها في بلداتٍ محاصرةٍ في ريف إدلب، مما جعلها تبدو كأنها ممثلة لشيعة العالم وحامية لهم.
على الرغم من ذلك، بدا واضحاً لإيران أن موسكو لا تحاول فقط تحجيم دورها في الشمال السوري، وإنما تسعى، فوق ذلك، إلى إعطاء دور أكبر لتركيا التي أخذت تبدو أكثر توافقاً من إيران مع الأهداف الروسية في سورية، وقد بدا ذلك واضحاً في موقفين اثنين، أولهما تفاهم موسكو مع تركيا، على نشر قوات روسية من جمهوريات الشيشان وبشكيريا وداغستان (مسلمين سنة) على أطراف حلب، لضمان خروج المدنيين من المدينة، بموجب الاتفاق الروسي-التركي ولمنع أي تجاوزاتٍ من المليشيات الشيعية الموالية لإيران ضدهم. وتمثل الثاني بموافقة روسيا على مشروع القرار الفرنسي المعدل في مجلس الأمن، والذي سمح بنشر مراقبين دوليين في حلب، وهو أمر تعارضه إيران التي لا تريد تدخلاً أممياً، يراقب تجاوزات مليشياتها، ويحد من حرية حركتها.
ويُتوقع، في الفترة المقبلة، أن يستمر تقارب المصالح التركي-الروسي، في مقابل اتساع الفجوة بين روسيا وإيران على الساحة السورية، فروسيا تريد، على الأرجح، بعد أن أثبتت قدرتها على قلب المعادلات الميدانية في سورية، التوصل إلى حل سياسي، يساعدها على الخروج من المستنقع السوري، ويحفظ لها مصالحها، ويحول دون تكرار الخطأ الأميركي في العراق، بتسليم سورية إلى إيران. تريد تركيا، هي الأخرى، وضع حد للصراع في سورية، باعتبارها المتضرّر الأكبر منه، بعد السوريين أنفسهم، وهي تريد أن يكون اتفاق حلب خطوةً أولى نحو وقف إطلاق نار شامل، واستئناف مفاوضات الحل السلمي. من هذا الباب، أيدت أنقرة مقترحاً روسياً لعقد جولة مفاوضات في أستانا (عاصمة كازاخستان) بين وفدي النظام والمعارضة، تمهيداً لإحياء مسار جنيف.
على النقيض من ذلك، تسعى إيران، على ما تشي به تصريحات زعمائها وبيادقها، إلى استمرار القتال حتى آخر قطرة دم سورية. لكن ترويض إيران ودفعها إلى السير في طريق الحل لن يكون صعباً على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي يستعد، على ما يبدو، للاستثمار في عودة الضغط الأميركي على طهران، لترويضها وكبح جماح أدواتها في سورية، فالغطاء الروسي شديد الأهمية بالنسبة إلى إيران، وسوف تزداد أهميته بعد رحيل "الصديق" باراك أوباما عن البيت الأبيض، ومجيء دونالد ترامب إليه، ولطالما كان ترويض الجموح الإيراني لعبة بوتين الدولية المفضلة في التعاطي مع الغرب، وإيران تدرك ذلك وتخشاه.
مثّل التناغم التركي-الروسي، الذي بلغ مداه في اتفاق إجلاء المقاتلين والمدنيين عن الجزء الشرقي من مدينة حلب، صدمة بالنسبة إلى إيران التي لم تخف امتعاضها من تجاهل روسيا لها وذهابها إلى عقد اتفاق مع منافستها التقليدية على الساحة السورية، فقرّرت التعطيل. وبمقدار ما مثّل الاتفاق نقطة تلاقي مصالح روسية – تركية، لتلافي مذبحة كبرى في حلب، لن تستطيع موسكو تحمل نتائجها في علاقتها مع الغرب والعالم الإسلامي، ومواطنيها المسلمين، وتعفي، في المقابل، تركيا من حرج الوقوف متفرجة، مثّل الاتفاق نقطة خلاف روسية- إيرانية، فطهران كانت تريد الإجهاز على مقاتلي المعارضة المحاصرين شرقي حلب، بدلاً من تركهم يخرجون ليقاتلوها في يوم آخر. الاتفاق فوّت عليها هذه الفرصة، لكنها تمكّنت، في المقابل، من فرض نفسها على التفاهم الثنائي الروسي-التركي، الذي غدا بحضورها ثلاثياً، وجرى التعبير عنه باجتماع وزراء دفاع وخارجية الدول الثلاث في موسكو لمناقشة الأزمة السورية. كما تمكّنت من تضمين الاتفاق شرط إطلاق الموالين لها في بلداتٍ محاصرةٍ في ريف إدلب، مما جعلها تبدو كأنها ممثلة لشيعة العالم وحامية لهم.
على الرغم من ذلك، بدا واضحاً لإيران أن موسكو لا تحاول فقط تحجيم دورها في الشمال السوري، وإنما تسعى، فوق ذلك، إلى إعطاء دور أكبر لتركيا التي أخذت تبدو أكثر توافقاً من إيران مع الأهداف الروسية في سورية، وقد بدا ذلك واضحاً في موقفين اثنين، أولهما تفاهم موسكو مع تركيا، على نشر قوات روسية من جمهوريات الشيشان وبشكيريا وداغستان (مسلمين سنة) على أطراف حلب، لضمان خروج المدنيين من المدينة، بموجب الاتفاق الروسي-التركي ولمنع أي تجاوزاتٍ من المليشيات الشيعية الموالية لإيران ضدهم. وتمثل الثاني بموافقة روسيا على مشروع القرار الفرنسي المعدل في مجلس الأمن، والذي سمح بنشر مراقبين دوليين في حلب، وهو أمر تعارضه إيران التي لا تريد تدخلاً أممياً، يراقب تجاوزات مليشياتها، ويحد من حرية حركتها.
ويُتوقع، في الفترة المقبلة، أن يستمر تقارب المصالح التركي-الروسي، في مقابل اتساع الفجوة بين روسيا وإيران على الساحة السورية، فروسيا تريد، على الأرجح، بعد أن أثبتت قدرتها على قلب المعادلات الميدانية في سورية، التوصل إلى حل سياسي، يساعدها على الخروج من المستنقع السوري، ويحفظ لها مصالحها، ويحول دون تكرار الخطأ الأميركي في العراق، بتسليم سورية إلى إيران. تريد تركيا، هي الأخرى، وضع حد للصراع في سورية، باعتبارها المتضرّر الأكبر منه، بعد السوريين أنفسهم، وهي تريد أن يكون اتفاق حلب خطوةً أولى نحو وقف إطلاق نار شامل، واستئناف مفاوضات الحل السلمي. من هذا الباب، أيدت أنقرة مقترحاً روسياً لعقد جولة مفاوضات في أستانا (عاصمة كازاخستان) بين وفدي النظام والمعارضة، تمهيداً لإحياء مسار جنيف.
على النقيض من ذلك، تسعى إيران، على ما تشي به تصريحات زعمائها وبيادقها، إلى استمرار القتال حتى آخر قطرة دم سورية. لكن ترويض إيران ودفعها إلى السير في طريق الحل لن يكون صعباً على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي يستعد، على ما يبدو، للاستثمار في عودة الضغط الأميركي على طهران، لترويضها وكبح جماح أدواتها في سورية، فالغطاء الروسي شديد الأهمية بالنسبة إلى إيران، وسوف تزداد أهميته بعد رحيل "الصديق" باراك أوباما عن البيت الأبيض، ومجيء دونالد ترامب إليه، ولطالما كان ترويض الجموح الإيراني لعبة بوتين الدولية المفضلة في التعاطي مع الغرب، وإيران تدرك ذلك وتخشاه.