بعد الغوطة والقلمون الشرقي.. ريف دمشق كاملاً بقبضة النظام والروس

25 ابريل 2018
لم يتبق سوى الدمار بالمنطقة (ياسين اكغول/ فرانس برس)
+ الخط -

لأولٍ مرة منذ بداية الثورة السورية في مارس/ آذار 2011، انتهى، اليوم الأربعاء، آخر تواجدٍ لـ"قوى الثورة والمعارضة" في ريف دمشق مع إتمام تنفيذ اتفاق القلمون الشرقي بين ضباطٍ روس وممثلين عن بلدات الرحيبة وجيرود والناصرية، وقبل ذلك الضمير.


وأفضى المشهد بالمُحصلة لخروج آخر المقاتلين المحسوبين على "الجيش السوري الحر" مع عائلاتهم، وآلاف المدنيين، إلى شمال غربي سورية، في سيناريو قريب لما حَلَّ بالغوطة الشرقية، التي انتهت عمليات "الترانسفير" الجماعي فيها منذ نحو أسبوعين، بعد أن كانت شهدت منذ الثامن عشر من فبراير/ شباط الماضي، أضخم هجومٍ عسكري جوي وبري للنظام عليها بقيادة روسية.

ووصلت الدفعة الرابعة من مهجري القلمون المكونة من 48 حافلة إلى ريف حلب الشمالي، اليوم، ودخلت إلى مدينة الباب، شرق مدينة حلب. وتضم القافلة 1785 شخصاً، بينهم 15 حالة إسعافية إضافة لثلاث حالات ولادة مستعجلة.

وقالت مصادر محلية إنّ القافلة ضمت أيضاً ثماني سيارات مدنية وسيارتي إسعاف، مشيرة إلى أنها ستواصل طريقها إلى مخيم للنازحين في بلدة جنديرس، غرب مدينة عفرين.

وسبق أن خرجت ثلاث دفعات من مهجري القلمون الشرقي، استقرت الأولى شمال مدينة حلب، ونقلت الثانية إلى مخيم "ساعد" في قرية معرة الإخوان، شمال مدينة إدلب، فيما توجهت الثالثة إلى ناحية جنديرس.

كما سبق أن خرجت دفعة واحدة من مدينة الضمير، الخميس الفائت، تضمّنت ألف مدني و 700 مقاتل، ووصلت إلى مخيمات شمال حلب.
 


وبهذا يكون كامل الطوق المُحيط بالعاصمة دمشق، سواء المتاخم لها مباشرة، أو البعيد عنها عشرات الكيلومترات (كالقلمون الشرقي)، قد خضعَ كاملاً لسيطرة قوات النظام والشرطة العسكرية الروسية ومليشيات أخرى محسوبة على إيران، باستثناء بعض الأحياء الجنوبية لدمشق، وهي مجموعة أحياء متصلة معا، وتتقاسم جهات عدة السيطرة عليها.

فَمُخيم اليرموك والحجر الأسود وأجزاء صغيرة من حي التضامن، مناطق خاضعة لبقايا "داعش"، كما لـ"هيئة تحرير الشام" (النصرة) مع تواجد محدود في بعض هذه المناطق الجنوبية لدمشق، والمتصلة شرقاً مع بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، التي تُسيطر عليها مجموعة فصائل ترفع علم "الجيش الحر"، لكن هذه الفصائل فعلياً خارج الميزان العسكري بمحيط العاصمة منذ سنوات، مع تجميد "الهدنة" في فبراير/ شباط 2014 لجبهات القتال هناك، وفَكّ النظام إثرَ ذلك حصارهُ جزئياً عن هذه المناطق.

 وكانت بلدات القلمون الشرقي بريف دمشق، كبلدات القلمون الغربي، ومناطق أخرى كثيرة في ريف دمشق وباقي المحافظات السورية، قد شهدت تظاهرات ضد نظام الأسد منذ بداية الثورة في مارس/ آذار 2011، قبل أن تتحول الاحتجاجات السلمية شيئاً فشيئاً، لمواجهات مُسلحة مع قوات النظام، التي خسرت معظم مناطق القلمونين الشرقي والغربي بريف دمشق في سنتي 2011 و2012، ولكنها عادت بعد سنوات مع "حزب الله" اللبناني وسيطرت على كافة مناطق القلمون الغربي المتاخم للحدود اللبنانية الشرقية، على مراحل.


لكن مناطق القلمون الشرقي المتصلة بالبادية السورية، بقيت تحت سيطرة مجموعة فصائل تتبع للجيش السوري الحر منذ ست سنوات تقريباً، وشهدت انعطافاتٍ وتحولاتٍ ميدانية كثيرة؛ فبداية كانت المعارك محصورة بين قوات النظام وفصائل المعارضة السورية فيها، لحين ظهور تنظيم "داعش"، والذي واجه فصائل المعارضة هناك بعدة معارك.

وعقب التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية، الذي بدء رسمياً في الثلاثين من سبتمبر/ أيلول 2015، تعرضت مناطق القلمون الشرقي لضرباتٍ جوية من المقاتلات الحربية الروسية، ولكنها بقيت تقريباً جبهات هادئة بين النظام والمعارضة، تحت اتفاقياتٍ "هدن" مختلفة، في الوقت الذي كان النظام وحلفاؤه مشغولون بمعارك شمالي اللاذقية وشمالي حماه، وشرقي حلب، ثم البادية السورية، ودير الزور، وشرقي إدلب، والغوطة الشرقية، وغيرها.

ولم تكد المعارك في الغوطة الشرقية تضع أوزارها، حتى بدأت المفاوضات بين ضباط روس وممثلين عن مناطق سيطرة المعارضة في القلمون الشرقي، والتي تمت تحت التهديد الروسي بشن عملية عسكريةٍ ضخمة ما لم تُسلم الفصائل المتواجدة في القلمون الشرقي سلاحها الثقيل وينتقل عناصرها إلى مناطق ريف حلب، التي تسيطر عليها المعارضة السورية، وهو ما تم لاحقاً بداية من مدينة الضمير، ثم الرحيبة والناصرية وجيرود.



وأبرز الفصائل التي كانت تسيطر منذ سنوات على مناطق القلمون الشرقي، وانتقل معظم أفرادها لشمال سورية، هي "جيش تحرير الشام"، و"قوات الشهيد أحمد العبدو"، و"جيش أسود الشرقية"، و"جيش الإسلام".

أحياء دمشق الجنوبية
وفيما تتواصل العمليات العسكرية الضخمة لقوات النظام ضد "داعش"، في مخيم اليرموك والحجر الأسود منذ نحو أسبوع، والتي يرى معظم المراقبين أنها معركة محسومة النتائج، تجري بالتوازي سلسلة لقاءاتٍ بين ضباطٍ روس ولجنة ممثلة عن بلدات بيت سحم ويلدا وببيلا، وهي ثلاث بلداتٍ تقع جنوبي دمشق تحت سيطرة فصائل محسوبة على المعارضة السورية، ويتوقع أن يتم إغلاق ملفها خلال أيام، عبر اتفاقٍ مماثل لاتفاق القلمون الشرقي، بحيث يغادر نحو شمال سورية من يرفض الخضوع لشروط "التسوية" مع النظام.

وجرت خلال الأيام القليلة الماضية سلسلة لقاءاتٍ بين الجانبين، قرب حاجز ببيلا ــ سيدي مقداد، حيث دار الحديث، بحسب مصادر "العربي الجديد"، حول "وضع الجبهات المواجهة لتنظيم داعش وحول اقتحام قوات النظام لها. وتعهد الروس بإيقاف تقدم قوات النظام في مناطق سيطرة الفصائل"، على أن "يتم بحث ملف تسوية شاملة للمنطقة ويتوقع أن ينتهي بحث النقاط العالقة خلال أيام".



ورغم أن القيادة العسكرية الروسية في قاعدة حميميم تتولى حالياً عمليات التفاوض مع البلدات الثلاث المذكورة مع اللجنة الممثلة عنها، وكذلك قيادة العمليات العسكرية في مخيم اليرموك والحجر الأسود ضد "داعش"، إلا أن ثقل المليشيات الإيرانية المتواجدة في محيط تلك المناطق سيؤثر على التطورات هناك. فلمناطق جنوبي دمشق أهمية خاصة للمليشيات المتعددة التابعة لإيران، والتي قادت العمليات العسكرية ضد فصائل المعارضة جنوبي دمشق لسنوات، بداية من سنة 2012، وتبسط سيطرتها المطلقة على منطقة السيدة زينب، المتاخمة جنوباً لمناطق ببيلا ويلدا وبيت سحم.

المساهمون