واعتبر مدير المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، المحامي أنور البني، أن تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأخير، بمثابة نقطة فاصلة في نهاية نظام بشار الأسد.
ورأى البني في تصريح، لـ"العربي الجديد"، أنه بالإضافة إلى العمل على التقرير "كدليل أمام المحاكم وهو ما نحاول القيام به، يجب العمل على استثماره سياسياً بأقصى إمكانية، لضرب حصار سياسي خانق على المجرمين وإنهاء أي محاولة أو تفكير بإعادة تأهيلهم، وقطع الطريق نهائياً على التعامل معهم كأشخاص وكنظام، فضلاً عن إدانة كل من يتصل أو يتواصل معهم تحت أي حجة".
وأوضح البني أن هذه الجريمة مختلفة بالنسبة للعالم "لأن استخدام الأسلحة الكيميائية هو مُحرَّم دولياً بسبب سهولة الحصول على موادها الأولية، وعدم وجود تعقيدات بصناعتها ويمكن نقلها ونشرها خارج أجهزة الرقابة وتأثيرها واسع ومستمر ربما لأجيال، وإن التهاون من قِبَل العالم مرة واحدة مع مستخدميها سيمنح المجرمين ضوءاً أخضر لاستخدامها على نحو واسع وهذا يعني تهديداً للعالم كله، لذلك لن يكون هناك أيّ تهاون أو تسامح مع المجرمين الذين يستخدمون هذا السلاح".
واعتبر المحامي أن صدور هذا التقرير هو نقطة فاصلة في كتابة نهاية هذه "العصابة المجرمة" ونقطة تحول نهائية في موقف العالم منها.
وحول الخطوات المقبلة المتوقعة بشأن التقرير، قال البني إنه "سيكون هناك تحرك دولي حتماً ضد النظام، سياسي واقتصادي وعلى صعيد مجلس الأمن" متوقعاً أن تحاول روسيا إحباط ذلك "ولكنها لن تنجح بإلغاء نتائج التقرير ومنع الدول من اتخاذ إجراءات جماعية، ربما لن تصل لمرحلة العمل العسكري واسع النطاق ولكنها ستكون مؤثرة وفعالة وذات نتائج أكيدة".
من جهته، طالب الائتلاف السوري المعارض، في تصريح صحافي، بتحرك دولي وفق الفصل السابع من ميثاق مجلس الأمن الدولي، مضيفاً أن تقرير المنظمة الدولية "أكد ما نعرفه جميعاً حول تعمد قوات النظام استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في مناسبات كثيرة".
وكان تقرير فريق التحقيق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد حمّل، أمس الأربعاء، قوات النظام المسؤولية عن ثلاث هجمات بالأسلحة الكيميائية، اثنتان منها بغاز السارين، استهدفت بلدة اللطامنة شمالي محافظة حماة خلال شهر مارس/آذار عام 2017.
وقال الائتلاف إنه "بعد صدور هذا التقرير، فإن أعضاء مجلس الأمن الدولي المهتمين حقاً بأمن العالم واستقراره، والأطراف الدولية الفاعلة، مطالبون جميعاً باتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة المجرمين ومنع تكرار مثل هذه الجرائم".
وحذّر الائتلاف من عواقب "العجز الدولي المستمر عن محاسبة النظام"، معتبراً أن الموقف الدولي يجب أن يكون هذه المرة "مختلفاً وأكثر إدراكاً لضرورة فرض تدابير عملية ضد النظام بموجب الفصل السابع، وفق ما تقتضيه قرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
دولياً، قال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إن واشنطن تتفق مع استنتاجات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأن نظام الأسد احتفظ بقدرات كافية لتطوير أسلحة كيميائية.
واعتبر بومبيو التقرير الأخير للمنظمة "دليلاً جديداً ضمن المجموعة الكبيرة والمتزايدة من الأدلة على أن نظام الأسد يشن هجمات بالسلاح الكيميائي".
كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، ضرورة أن يخضع المتورطون في الهجمات الكيميائية ضد المدنيين في سورية للمحاسبة.
وخلال مؤتمر صحافي، عقده المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغاريك، عبر دائرة تلفزيونية، أمس الأربعاء، قال "إن الأمين العام أحيط علماً بتقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأخير، وموقفه لم يتغير، ومن حيث المبدأ يدعو إلى ضرورة محاسبة جميع المتورطين في استخدام تلك الأسلحة ضد المدنيين".
وحمّل تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيمسائية الذي صدر، أمس، النظام السوري المسؤولية عن ثلاث هجمات كيميائية استهدفت مدينة اللطامنة بريف حماة في 24 و25 و30 مارس/آذار 2017.
وجاء في التقرير أن طائرة عسكرية من طراز SU-22 تابعة لـ"اللواء 50" من الفرقة الجوية(22) في قوات النظام، أقلعت الساعة السادسة من صباح 24 مارس 2017، من قاعدة الشعيرات الجوية جنوبي حمص، لتقصف جنوبي اللطامنة بقنبلة M-4000 تحتوي على غاز السارين، ما أدى إلى إصابة ما لا يقل عن 16 شخصاً.
أمّا الهجوم الثاني فكان بعد يوم واحد فقط، إذ غادرت طائرة مروحية قاعدة حماة الجوية في الساعة الثالثة ظهراً، وقصفت مستشفى اللطامنة بأسطوانة تحوي الكلور، ما أدى إلى إصابة 30 شخصًا على الأقل.
وفي 30 مارس، قصفت طائرة جنوبي اللطامنة بقنبلة تحتوي على غاز السارين، ما أثر على 60 شخصاً على الأقل.
ويتزامن ذلك مع ذكرى مجزرتين استخدم بهما النظام السوري السلاح الكيميائي، الأولى في مدينة دوما بالغوطة الشرقية في 7 إبريل/نيسان 2018، واستهدفت قوات النظام حينها مدينة دوما بقذائف صاروخية تحمل غازات سامة، وفق منظمة "الدفاع المدني السوري"، ما أدى إلى مقتل 42 شخصاً، والثانية كانت في خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، التي وقعت في 4 إبريل 2017، وأدى القصف إلى مقتل نحو 95 شخصاً، أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء، بحسب "الدفاع المدني السوري".