بطولة الأمم الأوروبية تسقط الدراما العربية بالضربة القاضية

14 يونيو 2016
+ الخط -
علاوة على الاستمتاع بما تقدمه القارة العجوز من فنون جميلة في الساحرة المستديرة، وما تفتح الستار عنه من نجوم، فإنها تعوض المشجعين في كل أنحاء العالم العربي عن الفشل المحلي للأندية والمنتخبات، لذا تكتظ المقاهي والمطاعم بالكثيرين الذين يحملون أعلام الدول التي يشجعونها، خاصة تلك الدول التي يحترف بها لاعبون ينتمون لتلك الدوريات، حتى إن المتابع يشعر بأن البطولة في بلده، أو أنها طرف فيها، أو أنه يشارك فيها أحد عناصر اللعبة، سواء لاعب أو مدرب أو حكم.


قبل الإفطار وفي انتظار السحور

وإذا كانت المباريات التي تقام بعد صلاة العصر، أي قبل الإفطار، ستكون أثناء ساعات الصيام الطويلة ولن يشاهدها من المقاهي إلا عدد قليل في كل البلدان العربية، فإن مباريات السابعة مساء ستكون من المنازل لكونها بعد أذان المغرب أو قبله بسويعات قليلة. وفيما ابتعد مونديال البرازيل 1950، لا تختلف الأجواء كثيرا في الثمانينيات حيث أقيمت مباريات كأس العالم في إسبانيا 1982 والمكسيك 1986 وبطولة الأمم الأوروبية في فرنسا 1984، عن نهائيات كأس العالم بالبرازيل 2014 في التقاليد والعادات الرمضانية.

وتعتبر المقاهي والمطاعم في الدول العربية بطولة الأمم الأوروبية بمثابة موسم للكسب الوفير بسبب الأعداد الكبيرة التي تحرص على مشاهدة المباريات في رمضان المعظم أو أي شهر آخر .. في أول الليل أو آخره .. قبل الإفطار والسحور أو بعدهما حتى إن بعضها يتزين بأعلام الدول المشاركة وصور نجومها .. ويستغل أصحاب المقاهي المناسبة ويرفعون الأسعار بنسبة كبيرة قد تصل إلى 500% خلال المباريات الحاسمة أوالتي تجمع بين منتخبات كبيرة.

وبعد إفطار رمضان يحلو السهر مع كأس الأمم الأوروبية، وتتصاعد في الشوارع أدخنة "الشيشة"، وتكثر طلبات العصائر والمرطبات مع الشاي والقهوة بعد صيام نهار صيف طويل في سهرة كروية قد تكلف صاحبها 30 دولارا في الأحياء الراقية بعد ارتفاع سعر الدولار، أو 10 دولارات في الأحياء الشعبية، لأنهم جميعا يفضلون المشاهدة الجماعية من ناحية ويحلّون مشكلة تشفير المباريات من ناحية أخرى، كما أنهم يتفادون الأزمات العائلية من ناحية ثالثة في ظل زحام البرامج والفوازير والمسلسلات في شهر رمضان الكريم، حيث يكون الحل هو هروب عشاق كرة القدم إلى المقاهي حتى لو استدعى الأمر استقلال وسيلة مواصلات إليها.


المقاهي سعيدة والزوجات منزعجات

وباستثناء طلبة الثانوية العامة الذين يؤدون الامتحانات في أيام البطولة، يحرص الأصدقاء على التجمع بعد الإفطار لمشاهدة المباريات وتشجيع المنتخبات التي يميلون إليها ثم يتسامرون حتى السحور حول الأهداف والأحداث والأمور الفنية والتوقعات، وهو ما يدفع "الزبون" الذي ليس له في كرة القدم إلى الابتعاد عن المقاهي أيام المباريات أو على الأقل الجلوس لفترات قصيرة في مكان بعيد عن الشاشات العملاقة بسبب ارتفاع الأسعار من ناحية والصخب والضجيج مع كل فرصة وهدف من ناحية أخرى.

وإذا كانت الزوجات يغضبن بسبب الوقت الطويل الذي يقضيه الأزواج المهووسون بكرة القدم على المقاهي، فإنهن يرحبن بذلك في شهر رمضان، حيث يعفيهن ذلك من الأعباء الزوجية بعد إرهاق كبير في النهار لإعداد الإفطار الذين يكون عامرا بحسب العادات العربية في الأكل خلال شهر العبادة، إذ لا يستطعن الخلود للراحة بسبب الأصوات العالية أثناء سير المباريات وكذلك إلزامهن بإعداد المشروبات للأزواج والأبناء والأقارب الذين يشاهدون المباريات في المنازل في الوقت الذي يحرمن فيه من مشاهدة دراما رمضان، خاصة في الأسر البسيطة التي لا تمتلك أكثر من جهاز تلفاز.

ولعل هذا ما دفع ببعض السيدات العاملات إلى الاتفاق مع أزواجهن على متابعة المباريات خارج المنزل، على أن يتحملن جزءا من تكاليف المقهى ليشترين راحتهن! وقد جرت العادة أن تحظى المسلسلات بالنصيب الأوفر من الاهتمام خلال شهر رمضان، والذي يعتبره العاملون في هذا القطاع شهر الذروة، إلا أن بطولة أمم أوروبا وبدرجة أقل كوبا أميركا، سرقت الأضواء من الدراما وجعلت نجوم الكرة ملاذا للجماهير العربية، سواء داخل المنزل أو خارجه في المقاهي والمطاعم، وتحول الحديث من أحمد السقا ويوسف شعبان ودرة وبقية النجوم، للحديث عن رونالدو وغاريث بيل وديميتري باييه الساحر الفرنسي الجديد في بطولة أمم أوروبا، أو عن ميسي وخيبة أمل الأوروغواي بتواجد كافاني وغياب سواريز، أو مباريات المنتخب البرازيلي رغم غياب نيمار.

تراجع نسب مشاهدة الدراما
ومن سوء حظ الدراما العربية هذا العام، تواصل منافسات بطولة أمم أوروبا على امتداد كامل أيام شهر رمضان المعظم، بل ستتواصل حتى الأيام الأولى للعيد، وهو ما يجعل نسب المشاهدة في رمضان 2016، تنتظر تراجعا كبيرا، فالرياضة بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص تعد المتنفس الأساسي للجماهير العربية، وبطولة أمم أوروبا التي تحتضنها الأراضي الفرنسية هذه الأيام لها مكانة خاصة عند عشاق الكرة، خاصة في ظل وجود العديد من الأسماء البارزة والتي تشكل الركائز الأساسية في أكبر وأعرق الأندية الأوروبية.

ويكفي أن نذكر ببعض الأسماء المشاركة في هذه البطولة الكبرى لندرك قيمة المنافسة ومدى قدرتها على تحويل وجهة المشاهد العربي من الدراما إلى الكرة، بداية باللاعبين بوغبا وغريزمان وجيرو مع فرنسا، أو رونالدو مع البرتغال، وكذلك أوزيل وكروس ونوير في منتخب ألمانيا، بالإضافة إلى روني وغاريث بيل وزلاتان ابراهيموفيتش وليفاندوفسكي، ومودريتش، هذا دون الحديث عن المواهب الجديدة التي تنتظر الفرصة للبروز والنسج على منوال ديميتري باييه الذي خطف كل الأضواء في المباراة الأولى لمنتخب فرنسا أمام منتخب رومانيا.

دلالات
المساهمون