08 نوفمبر 2024
بطولات ما بعد "أراب أيدول"
يمكن القول إنه أخيراً تمكن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، من تحقيق نصر معنوي على طاولات المفاوضات التي يعشقها، غير أنه نصر لا علاقة له بحل الدولتين أو الدولة الواحدة، ولا بالسيادة على الضفة الغربية أو إزالة المستوطنات، ولا غيرها من قضايا الوضع النهائي أو المؤقت، بل في مضمار برنامج اكتشاف المواهب "أراب آيدول"، والذي استطاع أبو مازن من خلاله الظفر باللقب، ومنحه إلى الفلسطيني يعقوب شاهين. هذا ما تحدث عنه الجميع ولم يعد سراً، وخصوصاً أن زيارة الرئيس الفلسطيني إلى بيروت لم تكن معلنة، وجاءت مفاجئة من حيث التوقيت والأهداف، وتجاهلت ملفات فلسطينية أساسية في لبنان، على غرار أوضاع المخيمات المزرية، لكنها لم تسقط زيارة برنامج المواهب، واللقاء مع لجنته التحكيمية، والتي أثمرت في النهاية لقباً مظفراً، احتفل به الفلسطينيون في الداخل والخارج.
هذه نقطة سجلت في رصيد أبو مازن، الخالي تقريباً من النقاط على المستوى السياسي مع الاحتلال، فالرجل لم يتمكن خلال سنوات حكمه التي جاوزت العشر من تحقيق إنجاز سياسي استثنائي، يسجل في صالح القضية الفلسطينية على العموم. لكنه كان، ولا يزال، بارعاً في المناكفة السياسية الداخلية على كل المستويات، ولا سيما في العلاقة مع حركة حماس، والتي من الواضح أنها تراجعت درجات ودرجات، وليس الخلاف على الانتخابات المحلية الفلسطينية إلا واحداً من أوجهها.
على سبيل المثال، سخّر أبو مازن كل قوى السلطة الفلسطينية وحركة فتح لشن هجوم غير مسبوق على موتمر فلسطينيي الخارج الذي عقد في إسطنبول الأسبوع الماضي تحت عنوان "الشتات الفلسطيني". استشعر خطراً من المؤتمر، باعتباره نواة بديلة لمنظمة التحرير، وكرّس كل من يقوى على الكلام والظهور على الشاشات، وحتى على منابر المساجد، لمهاجمة المؤتمر والمشاركين فيه، بوصفهم "شياطين"، على حد تعبير المستشار الديني للرئيس الفلسطيني، محمود الهباش.
بطولة أخرى سجلها أبو مازن في مواجهة مؤتمر الشتات. وعلى الرغم من الغموض الذي يلف المؤتمر ومن يقف وراءه، وخصوصاً أنه استقطب مجموعات كبيرة من الفلسطينيين، إلا أنه ما كان يستأهل هذا التوتر الذي ساد أروقة السلطة الفلسطينية في طريقة التعاطي معه، بل ربما كان الأجدى أن ترسل السلطة وفداً رفيع المستوى، ربما بقيادة عباس نفسه، إلى إسطنبول، لاستكمال "مهامه الخارجية" التي بدأها في بيروت، والاطلاع على تفاصيل المؤتمر والتعرّف إلى المشاركين، واستنباط كيفية الاستفادة من الطاقات الفلسطينية في خدمة القضية. إلا أن السلطة ورئيسها، فضّلا طريقة أخرى لاستعداء الفلسطينيين الآخرين، واستدراج عنوان مناكفة جديد في سجالات الفلسطينيين.
"إنجاز" آخر لأبو مازن أعلنه قبل أيام أيضاً، مع إصراره على إجراء الانتخابات المحلية الفلسطينية في مايو/ أيار المقبل، على الرغم من معارضة حركة حماس الخطوة، ما سيزيد التباعد بين فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة، ويكرّس الفصل السياسي والجغرافي القائم أساساً، ويضرب كل محاولات رأب الصدع في الجسد الفلسطيني المنقسم على نفسه منذ عشر سنوات. حتى أن السلطة الفلسطينية باشرت أولى الخطوات الانتخابية، أمس، مع فتح باب تسجيل الناخبين في الضفة الغربية والقدس المحتلة، في تأكيدٍ على عدم التراجع عن "القرار" الذي اتخذه أبو مازن في ما يخص إجراء العملية في موعدها، على الرغم من أن هناك مواعيد انتخابية أخرى تم تجاوزها، في مقدمها انتخابات الرئاسة التي يتولاها عباس.
من الواضح أن القرارات و"البطولات" التي تسطرها السلطة الفلسطينية لا تسري إلا على الفلسطينيين أنفسهم، وفي الغالب تأتي بنتائج سلبية، باستثناء "أراب آيدول". أما الملفات الأخرى، ولا سيما المرتبطة بالاحتلال، فلا قرار فلسطينياً فيها، إذ يبدو الطرف الفلسطيني متلقياً في غالب الأحيان.
على سبيل المثال، سخّر أبو مازن كل قوى السلطة الفلسطينية وحركة فتح لشن هجوم غير مسبوق على موتمر فلسطينيي الخارج الذي عقد في إسطنبول الأسبوع الماضي تحت عنوان "الشتات الفلسطيني". استشعر خطراً من المؤتمر، باعتباره نواة بديلة لمنظمة التحرير، وكرّس كل من يقوى على الكلام والظهور على الشاشات، وحتى على منابر المساجد، لمهاجمة المؤتمر والمشاركين فيه، بوصفهم "شياطين"، على حد تعبير المستشار الديني للرئيس الفلسطيني، محمود الهباش.
بطولة أخرى سجلها أبو مازن في مواجهة مؤتمر الشتات. وعلى الرغم من الغموض الذي يلف المؤتمر ومن يقف وراءه، وخصوصاً أنه استقطب مجموعات كبيرة من الفلسطينيين، إلا أنه ما كان يستأهل هذا التوتر الذي ساد أروقة السلطة الفلسطينية في طريقة التعاطي معه، بل ربما كان الأجدى أن ترسل السلطة وفداً رفيع المستوى، ربما بقيادة عباس نفسه، إلى إسطنبول، لاستكمال "مهامه الخارجية" التي بدأها في بيروت، والاطلاع على تفاصيل المؤتمر والتعرّف إلى المشاركين، واستنباط كيفية الاستفادة من الطاقات الفلسطينية في خدمة القضية. إلا أن السلطة ورئيسها، فضّلا طريقة أخرى لاستعداء الفلسطينيين الآخرين، واستدراج عنوان مناكفة جديد في سجالات الفلسطينيين.
"إنجاز" آخر لأبو مازن أعلنه قبل أيام أيضاً، مع إصراره على إجراء الانتخابات المحلية الفلسطينية في مايو/ أيار المقبل، على الرغم من معارضة حركة حماس الخطوة، ما سيزيد التباعد بين فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة، ويكرّس الفصل السياسي والجغرافي القائم أساساً، ويضرب كل محاولات رأب الصدع في الجسد الفلسطيني المنقسم على نفسه منذ عشر سنوات. حتى أن السلطة الفلسطينية باشرت أولى الخطوات الانتخابية، أمس، مع فتح باب تسجيل الناخبين في الضفة الغربية والقدس المحتلة، في تأكيدٍ على عدم التراجع عن "القرار" الذي اتخذه أبو مازن في ما يخص إجراء العملية في موعدها، على الرغم من أن هناك مواعيد انتخابية أخرى تم تجاوزها، في مقدمها انتخابات الرئاسة التي يتولاها عباس.
من الواضح أن القرارات و"البطولات" التي تسطرها السلطة الفلسطينية لا تسري إلا على الفلسطينيين أنفسهم، وفي الغالب تأتي بنتائج سلبية، باستثناء "أراب آيدول". أما الملفات الأخرى، ولا سيما المرتبطة بالاحتلال، فلا قرار فلسطينياً فيها، إذ يبدو الطرف الفلسطيني متلقياً في غالب الأحيان.