بطاقة أردنيّة ذكيّة تخفي الديانة

05 مايو 2016
كلنا أردنيّون.. (Getty)
+ الخط -
بعد سنوات من المطالبة بإلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية الأردنيّة من قبل ناشطين حقوقيين ومدنيين، وسط رفض التيار الديني، توصّلت السلطات إلى حلّ يحافظ على خانة الديانة في البطاقة من دون أن تكون ظاهرة للعين المجردة.
قبل أشهر، راحت الحكومة الأردنية تعمل على بطاقة شخصية جديدة أطلقت عليها "البطاقة الذكية"، لتكون بديلة عن البطاقة المعتمدة وتتضمّن خمس خدمات أساسية. بالإضافة إلى معلومات المواطن الشخصية وصورته، تشمل البصمة العشرية وبصمة العين والتوقيع الإلكتروني. يُذكر أنّ البطاقة التي تبدأ مديرية الأحول المدنية العمل بها منتصف العام الجاري، مهيّأة لمزيد من الخدمات المرتبطة بالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي وغيرهما.

الترويج الحكومي لمشروع "البطاقة الذكية" جعلها محلّ إجماع، إذ هي قفزة إلكترونية على صعيد الخدمات الحكومية. لكن سرعان ما تحوّل الإجماع إلى تناحر، بعدما كشف المعنيون عن إخفاء خانة الديانة من الجزء الظاهر من البطاقة وتضمينها في الجزء غير المرئي، الذي لا يمكن كشفه إلا من خلال جهاز خاص.
دافعت الحكومة عن توجهها إلى إخفاء خانة الديانة، وقال المتحدث باسمها، محمد المومني، إنّ "الممارسات الفضلى تستوجب أن تحقق العلامات الظاهرة المساواة وعدم التمييز بين المواطنين لأي سبب كان، وإخفاء كل ما يجعل المواطن محل تمييز سلبي أو إيجابي". وقد داعا إلى عدم التعامل بحساسية مع قضية إخفاء الديانة.

رأى الناشطون الحقوقيون والمدنيون في التوجه الحكومي "نصف انتصار"، إذ لم يلغِ خانة الديانة كلياً، لكنّهم عبّروا عن أملهم في أن تكون خطوة الإخفاء بداية على طريق قوانين مدنية تتخلص من كلّ أشكال التمييز. أما رافضو التوجه الرسمي، فعبّروا عن تخوّفهم من أن يكون إخفاء الديانة مقدّمة لإلغاء الديانة من جميع النصوص القانونية والدستورية، بطريقة تؤثّر على هوية الدولة.
تؤكد الناشطة الحقوقية المحامية نور الإمام، أنّ الدستور الأردني يؤسس في نصوصه بشكل صريح للمواطنة الكاملة من دون أي شكل من أشكال التمييز، مستندة إلى الفقرة الأولى من المادة السادسة في الدستور التي تقول: "الأردنيون أمام القانون سواء. لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات، وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين". وترى أنّ التوجه الجديد من خلال البطاقة الشخصية، هو "تأسيس لمواطنة لا تحمل أي نوع من أنواع التمييز". لكنها تستغرب "ألا يكون التوجّه إلغاءً كاملاً لخانة الديانة، بدلاً من نقلها من الجزء المقروء إلى الجزء غير المقروء الذي تتيحه الحلول الرقمية التي تعتمدها البطاقة الجديدة".



وتشير الإمام إلى إلغاء خانة الديانة من جواز السفر في السابق، قائلة إنّ "جواز السفر وثيقة رسمية أردنية، وقد ألغيت منه خانة الديانة لمواءمته مع المعايير الدولية. والجواز لا يختلف في قيمته الرسمية عن البطاقة الشخصية". وتشدّد على أنّ "أيّ توجّه من شأنه التأسيس لمواطنة كاملة تلغي التمييز بين الأردنيين، يُعدّ إيجابياً".
في حين يرحّب حقوقيّون بهذا التوجه وقد رأوه خطوة إيجابية، تُسجَّل في المقابل ردود فعل عنيفة من قبل متديّنين رأوا فيه محاولة للمساس بهوية الدولة التي ينصّ دستورها في المادة الثانية على أنّ "الإسلام دين الدولة". بالنسبة إليهم، إخفاء الديانة يأتي استجابة لإملاءات خارجية.

يتّهم عضو البرلمان الأردني النائب الإسلامي، زكريا الشيخ، الجهات المموّلة لمشروع البطاقة الإلكترونية باشتراط إلغاء خانة الديانة، قائلاً إنّ "إخفاء خانة الديانة هو مقدّمة لإلغائها من البطاقة الشخصية وشهادة الميلاد وغيرهما من الوثائق الرسمية، وصولاً إلى إلغائها من المادة الثانية من الدستور". ويرى الشيخ الذي يقود حملة للعودة عن ذلك، "عدم وجود مبررات موضوعية لإخفاء الديانة، إذ إنّ الخانة موجودة منذ قيام الدولة الأردنية، ولا وقائع في تاريخ الدولة توثّق تمييزاً بين أتباع الديانات المختلفة نتيجة وجود خانة الديانة". يضيف أنّ "شرعية القيادة الهاشمية منذ التأسيس استُمدّت من الشرعية الدينية، وأيّ مساس بالشرعية الدينية للمملكة هو مساس بشرعية القيادة الهاشمية".

تجدر الإشارة إلى أنّ الأردن لا يعترف ببعض الطوائف مثل البهائية والإنجيلية، ويمنع معتنقيها من ممارسة شعائرهم بحرية. وكانت دراسة حقوقية أردنيّة صدرت في عام 2013 تحت عنوان "مواطنة كاملة ومعتقد حر"، قد أوصت بإلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية كخطوة على طريق المساواة بين المواطنين.

دلالات