لعقود مضت، كان لا يتداول بطاقات اليانصيب من العراقيين سوى بعض المهتمين بهذا الشأن، وكان يمتنع الكثير من العراقيين حتى عن معرفة أية معلومة تخص بطاقات اليانصيب، تماشياً مع نظرة سلبية وصورة نمطية متداولة حول مدمني شراء بطاقات اليانصيب، خصوصاً مع التوجه الديني حول ذلك. لكن، وبعد تردي الأوضاع الاقتصادية في العراق، بدأ الاهتمام يزيد بهذه البطاقات، متأملين الفوز، لعلهم يربحون مبلغاً يسد شيئاً من احتياجاتهم اليومية.
يقول نعمان البياتي (70 عاماً): "أبيع بطاقات اليانصيب منذ ثلاثين عاماً، وربح الكثير من هذه البطاقات التي أبيعها، ولعل بيع بطاقات اليانصيب هو مهنة الأمل، نحن الباعة من نصنعه؛ حيث يبقى الزبون ممنياً نفسه بالفوز حتى تظهر نتيجة السحب. لدينا نوعان من البطاقات؛ الأولى تكلفتها 1000 دينار عراقي، وجائزتها 5 مليون دينار عراقي (4000$)، والأخرى سعرها 500 دينار عراقي، وجائزتها ثلاثة ملايين دينار عراقي (2460$). ربح الكثير من الشباب بطاقات اليانصيب، وصارت سبباً في زواجهم، أو شراء احتياجاتهم، والكثير من زبائني قاموا بفتح مشاريع بسيطة بعد الفوز وصارت هذه البطاقة مصدراً لرزقهم".
ويضيف البياتي: "اليوم نبيع فقط بطاقة واحدة تسمى "يانصيب النهرين"، لكنني منذ ثلاثين عاماً أمتهن بيع بطاقات اليانصيب، فلهذه الأوراق تاريخ في العراق، حيث تم التداول بها في خمسينيات القرن الماضي، وكان في وقتها يانصيب يُجمع ومن أرباحه تبنى المستشفيات، وكذلك يا نصيب الهلال الأحمر، وبعدها الإغاثة، وأيضاً توافرت بطاقات باسم معرض بغداد، وفي تسعينيات القرن الماضي اشتهرت بطاقات اللوتو والتوتو، وأخرى اسمها امسح واربح. كانت جهات حكومية تقوم بالإشراف عليها. أما اليوم، فلا تشرف الحكومة عليها، بل يُنتجها تاجر عراقي اسمه أبو بركات، تحت اسم يانصيب النهرين".
من جهته، يتأمل علي سالم (27 عاماً) الفوز في بطاقات اليانصيب؛ فاشترى أكثر من بطاقة. يقول في حديث إلى "العربي الجديد": "أنا عاطل عن العمل، واليوم اشتريت أكثر من بطاقة على أمل الفوز في واحدة من هذه البطاقات، أملي أن يكون لي مصدر دخل ثابت من خلال أي مهنة، وعلى هذا الأساس اشتريت بطاقات اليانصيب".
أما منتصر المحمدي (33 عاماً)؛ فيقول لـ "العربي الجديد": "أنا صاحب مقهى، وهذا الشهر لم أستطِع جمع مبلغ إيجار المقهى، لجأت إلى شراء بطاقة يانصيب، لعل هذه البطاقة تربح، ويمكنني سداد الإيجار، ودفع بعض المبالغ التي استدنتها بسبب تردي الوضع الاقتصادي".
وكذلك أحمد الريحاني (45 عاماً)، يأمل الفوز في بطاقة اليانصيب لعل هذه البطاقة تكون حبل النجاة له، ويقول في حديث إلى "العربي الجديد": "أملي إن شاء الله بفوز هذه البطاقة، لعلها تكون سبباً لفتح مشروع لي أعتاش منه، حيث لا يخفى على أحد الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه المواطن العراقي اليوم".
هكذا، ينتظر كثيراً من العراقيين، ورقة حظ، لعلها تعينهم على ظروفهم، من دون أن نشهد جهوداً حقيقيةً من الدولة في سبيل توفير فرص عمل للشباب العراقيين، واستغلال طاقاتهم، بدلاً من أن يبقوا رهناً لأوراق اليانصيب، والمجهول.