حمى الاستثمار في المعدن الأصفر تسيطر على التجار
28 يوليو 2020
+ الخط -

شهد سعر الذهب، أمس، ارتفاعات ملحوظة وسط توقعات قوية بأن تتجاوز قيمة الأوقية ألفي دولار قبل نهاية العام الجاري، وحسب خبراء في المعادن الثمينة، فمن المتوقع أن يتواصل الارتفاع الجنوني في أسعار الذهب خلال العام الجاري مستفيداً من خمسة عوامل رئيسية تدفع المستثمرين للتحوط من الخسائر في أدوات المال الأخرى.

وهذه العوامل هي: عودة التوتر الجيوسياسي بين الصين وأميركا، وتراجع سعر صرف الدولار وانخفاض العائد على السندات الأميركية لمدة عشر سنوات والفائدة السالبة وارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في الولايات المتحدة الأميركية. وقد كسب المستثمرون في الذهب أكثر من 300 دولار منذ بداية العام وربما ترتفع مكاسبهم إلى 400 دولار للأوقية في حال تواصل صعود المعدن النفيس في ظل إقبال المستثمرين على شراء الأصول الأقل خطراً.
في هذا الشأن، توقع كبير خبراء الاستثمار بمصرف "يو بي أس " السويسري مارك هافيل، في مذكرة، أن يتواصل ارتفاع سعر الذهب في الفترة المقبلة. وقال هافيل في مذكرة للعملاء: "نعتقد أن التوتر الجيوسياسي وأسعار الفائدة السالبة وتراجع سعر صرف الدولار ستدعم ارتفاع الذهب". 

من جانبه، قال محلل المعادن الثمينة بمصرف "كومونويلث بانك أوف أستراليا"، فيفك ظار، إن تراجع ريع السندات الأميركية أجل عشر سنوات من أكثر العوامل التي سترفع الدولار. وكانت مجموعة "سيتي غروب" قد توقعت، الأسبوع الماضي، ارتفاع سعر الذهب فوق مستوى 2000 دولار للأوقية خلال فترة تراوح بين 3 إلى 5 أشهر. ولكن يبدو أن سعر الذهب ربما يكسر هذا الحاجز من السعر في فترة أقرب من ذلك. 
على صعيد تداعيات العائد على السندات الأميركية وتأثير سعر صرف الدولار على الذهب، يرى محللون أن كبار المستثمرين عادة ما يفاضلون بين العائد على تلك السندات التي تعد من أكبر الأدوات الجاذبة للأموال وبين سعر الذهب، إذ كلما كان العائد على السندات مرتفعاً أو احتمال التضخم ليس كبيراً، كلما ارتفعت الاستثمارات في السندات على حساب الذهب. 
لكن حينما يكون العائد منخفضاً أو وسط احتمالات ارتفاع التضخم وتوسيع الكتلة النقدية الدولارية، فإن المستثمرين يرفعون استثماراتهم في الذهب. وحسب "فاينانشيال تايمز"، فإن سعر صرف الدولار تراجع، أمس الإثنين، إلى أقل مستوى منذ عامين ونصف، بينما ارتفع سعر صرف اليورو. 
وينخفض سعر صرف الدولار والعائد على السندات بينما تتجه الولايات المتحدة للمزيد من التحفيز المالي، وربما يجيز الكونغرس الأميركي في أي لحظة حزمة تحفيز جديدة تبلغ قيمتها ترليون دولار على الأقل. ومثل هذا الرقم الضخم من التحفيز سيضعف سعر صرف الدولار أكثر، كما سيبعد المستثمرين عن وضع أموال جديدة في السندات الأميركية. 

ووسط التدفقات النقدية التي تضخها الحكومات لإنعاش الاقتصادات والتي بلغت حتى الآن أكثر من 18 ترليون دولار، حسب بيانات بنك التسويات الدولية، يرى محللون أن المستثمرين سيتجهون للاستثمار في الأدوات الملموسة، مثل الذهب والمعادن الثمينة الأخرى، وهو ما يعني ارتفاع أسعار معادن مثل البلاتين والفضة وحتى المعادن الأخرى التي تستخدم في الصناعات. 
وتثار في أسواق "وول ستريت" مخاوف من حدوث كساد اقتصادي مع تزايد عدد الإصابات بفيروس كورونا التي تعيد العديد من الولايات إلى عمليات الإغلاق مرة أخرى. وحسب بيانات جامعة جون هوبكنز الأميركية، فإن عدد الإصابات بالفيروس في الولايات المتحدة بلغت حالياً ربع إجمالي الإصابات العالمية. 
وتتصدر الولايات المتحدة دول العالم من حيث عدد حالات الإصابة بفيروس كوفيد 19، إذ بلغت الإصابات نحو 4 ملايين و372 ألف إصابة، وتأتي البرازيل في المركز الثاني بنحو 2 مليون و420 ألف إصابة. وعلى صعيد حالات الوفاة بفيروس كورونا تتصدر الولايات المتحدة كذلك عدد الوفيات. وهذه الأرقام تهدد النمو الاقتصادي العالمي، إذ إن الولايات المتحدة صاحبة الاقتصاد الأكبر والمحرك الرئيسي للاستثمارات ولتوجهات مساراتها. 
في هذا الشأن، قالت المحللة الاستراتيجية للسلع في مصرف "إيه.إن.زد" السويسري، سوني كوماري، إن "الذهب في وضع ممتاز للتحرك صعوداً وسط أزمة الفيروس وسعي البنوك المركزية للحصول على سيولة". وحسب وكالة رويترز، أضافت: "يحصل الذهب على مزيد من الدعم من انخفاض العائدات وضعف الدولار". 
يذكر أن الذهب ارتفع إلى مستويات قياسية أمس، الاثنين، مع احتدام الخلاف بين الولايات المتحدة والصين، في حين دفع ضعف الدولار المستثمرين للجوء للمعدن الأصفر الذي يشكل الملاذ الآمن تحوطاً لمواجهة المخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي الذي يعاني بسبب جائحة كوفيد-19.
ويرى مستثمرون أن الارتفاع الكبير في أسواق المال الرئيسية، مثل نيويورك ولندن وطوكيو، ربما يكون قد بلغ نهايته وربما ستتجه سوق "وول ستريت" نحو عملية تصحيح خلال النصف الثاني من العام الجاري. وكان كبار الأثرياء قد جنوا خلال الأشهر الماضية أرباحاً ضخمة من التدفقات الدولارية التي ضخها مصرف الاحتياط الفدرالي في سوق المال، إذ ارتفعت ثروة المليارديرات في أميركا بنحو 282 مليار دولار في فترة أسابيع، بين مارس/ آذار وإبريل/ نيسان الماضي. 

يذكر أن الذهب ارتفع في التعاملات الفورية بنسبة 1.6 بالمئة إلى 1931.50 دولارا للأوقية في الجلسات الصباحية في لندن بعدما سجل مستوى قياسياً عند 1943.93 دولارا. وكسب الذهب في التعاملات الآجلة في الولايات المتحدة نسبة 1.6 بالمئة ووصل إلى 1927.50 دولارا.

المساهمون