انطلقت في بريطانيا، منذ يومين، مبادرة غير مسبوقة في الحرب ضد العنف الاسري، وتتضمن المطالبة بالموافقة على مشروع يعرف بـ"قانون كلير" الذي يتيح الاضطلاع على سجل العنف الاسري لشريك المستقبل.
وكانت هذه المبادرة، قد انطلقت بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة عقب إطلاق مشروعات قوانين تجريبية في أربع مدن بريطانية، منها مانشستر الكبرى، وويلز، ونوتنغهامشاير، وويلتشاير، تطالب بقانون يسمح بالاستعلام من الشرطة عن معلومات تجنب البريطانيين أن يقعوا ضحايا العنف في أثناء الارتباط بشريك المستقبل.
وأكدت وزيرة الداخلية، تريزا ماي، أن تلك المبادرة نجحت في توفير معلومات أنقذت حياة مائة شخص من ممارسات العنف، وشددت على أنه لا ينبغي التهاون مع الانتهاكات، التي يرتكبها شركاء الحياة ضد بعضهم بعضاً.
وأضافت، أن قانون كلير، سوف يساعد الناس، الذين يعتقدون أن شريك الحياة يتصرف بطريقة ترجّح بأنه شخص عنيف، على تأكيد ما إذا كان ذلك حقيقياً أم لا، مشيرة إلى أن 76 امرأة لقين مصرعهن على أيدي شركاء الحياة، العام الماضي فقط.
كما ذكر وزير منع الجريمة، نورمان بيكر، للصحافيين، أن نحو 40 مليون جنيه استرليني خُصصت لخدمات الدعم المحلي ومساعدات لضحايا العنف الأسري، من ضمنها مشروع "قانون كلير".
ويسمح هذا المشروع للشرطة، بناء على طلب شريكه، بالإفصاح عن معلومات ذات صلة إذا ما كان للشخص سجل في ممارسة العنف الأسري أو كان متورطاً في أحداث من النوع نفسه.
لكن هذا المشروع يراه بعض البريطانيين، غير كاف لحماية المرأة، لأنه لا يستهدف المشكلة الحقيقة، كما قال مسؤول في جمعية "رفيوج" الخيرية لمكافحة العنف الأسري، جين كيبر.
وقال كيبر"إن أغلب ممارسي العنف الأسري غير معروفين للشرطة، ولا لوحدات الرعاية الاجتماعية، ولا لغيرها من المنظمات الحكومية أو غير الحكومية"، مضيفاً، أنه نادراً ما تتوجه المرأة إلى الشرطة لتسأل عن بعض الاحتمالات. ما يزيد صعوبة التحكم في الاشخاص الذين يمارسون العنف الأسري ضد شركائهم.
يذكر أن مشروع، كلير، أطلق نسبة إلى الفتاة البريطانية كلير وود، البالغة من العمر 36 عاماً، وأم لطفل، وكانت قد تعرضت للموت خنقاً وإضرام النار في جثتها في حي سالفورد في مانشستر الكبرى عام 2009، على يد صديقها السابق، جورج أبليتون، الذي تعرفت إليه للمرة الأولى على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". لكنها لم تكن تعرف سجله في العنف ضد النساء الذي كان حافلاً بالتهديدات والتحرش المتكرر، والخطف تحت تهديد السلاح، وغيرها من الممارسات التي اعتادها مع صديقاته السابقات.
من جانب آخر، حض مايكل براون، والد كلير، وأحد أهم القائمين على حملة "الحق في المعرفة"، الترويجية لـ"قانون كلير"النساء، على الاستفادة من مشروع القانون الجديد بأكبر قدر ممكن، مستشهداً بأن ابنته كان من الممكن أن تكون على قيد الحياة حتى الآن لو توفرت لها معلومات وافية عن سلوك صديقها. كما أعرب عن سعادته بتفعيل مشروع هذا القانون حتى ولو بشكل تجريبي.
وقال براون، الذي أطلق الحملة عقب مقتل كلير، "لا بد أن أعترف بأن لدي مشاعر متضاربة وحزناً على ابنتي، ولكننا في نهاية الأمر حصلنا على ما كنا نحارب من أجله، فزنا بتوفير الحماية لنصف سكان بريطانيا". وأضاف: "أتذكر عندما كنت أقف في الجوار يملأني الإحساس بالضياع، وكنت أشعر وقتها أنني خسرت ابنتي وخسرت المعركة، تمنيت ساعتها لو عرفت ما أعرفه الآن، ولكن الأمور لا تبقى على حال واحدة، لا أصدق أن الابتسامة التي هجرت وجهي منذ مقتل كلير قد عادت إليه مرة ثانية".
كما ذكر، أن 120 امرأة يلقين حتفهن سنوياً في المملكة للعنف الأسري، معظمهن في ريعان الشباب، مؤكداً ضرورة تفعيل القانون. وشدد على لجوء المرأة إلى السلطات إذا تعرضت للعنف الأسري أو شعرت بأنها قريبة من ذلك.