وقال بلير، في مقابلة مع مجلة "اسكوير": "هناك حدود لما أريد أن أقول عن موقفي في هذه اللحظة"، مضيفا: "هل شعوري قوي حول هذا الموضوع؟ نعم، هو كذلك. وهل أنا متحفز جدا لذلك الدافع؟ نعم. وأين هي وجهتي القادمة؟ وماذا سأفعل بالضبط؟ هذا سؤال مفتوح".
ونقلت الصحف البريطانية، صباح اليوم، تصريحات بلير، التي حذر فيها من صعود اليسار في حزب العمال، "مما يعني أن مركز القيادة في الحزب في تراجع"، داعيا السياسيين المعتدلين إلى "الارتقاء إلى مستوى التحدي".
واتهم رئيس الوزراء السابق زعيم حزب العمال، اليساري جيرمي كوربين، بأنه أعاده إلى "فترة الستينيات"، محذرا من أن "وجهات نظره بعيدة كل البعد عما تنظر له كتلة كبيرة من الشارع البريطاني". وقال: "في هذه اللحظة في المملكة المتحدة هنالك دولة الحزب الواحد، مما يعني أن الأمور تسير في منحى خطير".
وتأتي تصريحات بلير بعد يوم من إعلان كوربين عن التشكيل الجديد لحكومة الظل المعارضة، وذلك بعد أن أعاد المؤتمر السنوي العام، نهاية الشهر الماضي، انتخابه زعيما للحزب.
ورغم خروجه من رئاسة الحكومة البريطانية في العام 2007، وتراجع دوره في قيادة حزب العمال اليساري المعارض، وانشغاله في مهام سياسية، ونشاطات تجارية واستشارية خارجية، إلا أن بلير لم يغب عن الساحة السياسية البريطانية تماما.
وقد لاحقت وسائل الإعلام البريطانية نشاطه بعد أن تحوّل من السياسة إلى الأعمال، وبات يشتغل في مؤسسة تقدم الاستشارات في السياسة والاقتصاد، وحتى المبادرات الخيرية، حتى وصلت ثروته الشخصية إلى 70 مليون جنيه استرليني (100 مليون دولار)، حسب أحدث بيانات المحاسبة التي سجلها لدى السلطات الحكومية المعنية بالضرائب ومراقبة الشركات في لندن.
ويدير بلير أنشطته السياسية والتجارية عبر شركتي "ويند رش" و"فايررش"، إلى جانب "مؤسسة الإيمان" الخيرية، و"مبادرة الحكم في أفريقيا" غير الربحي.
وواجه انتقادات حادة لنشاطه المالي بعد تركه منصبه، حيث اتهمه كثيرون بالخلط بين أعمال الاستشارات والعلاقات العامة، والعمل الخيري، وأن شركته للاستشارات تتعامل مع حكومات محل انتقاد، مثل حكومة كازاخستان.
ولا يستبعد معلقون في الصحف البريطانية أن تكون تلميحات بلير "مقدمة زحف بطيء يمهد لعودة صاحب نظرية "الطريق الثالث" إلى الساحة السياسية البريطانية، وربما عودته إلى رئاسة الحكومة البريطانية بعد انتخابات العام 2020".
ويرجح أصحاب هذا الرأي أن يسعى بلير إلى اقتحام ساحة العمل السياسي العام داخل بريطانيا عبر العودة إلى زعامة حزب العمال، وترميم ما لحق به من تراجع وانقسامات، لا سيما عقب انتخاب كوربين على رأس الحزب في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، وبعد فشل أنصار "تيار بلير" في استعادة السيطرة على الحزب في الانتخابات الحزبية للعام الماضي، والانتخابات الأخيرة التي جرت في سبتمبر/أيلول الماضي.
ويرى كثير من أنصار رئيس الوزراء الأسبق في عودته ضرورة لاستعادة الحزب من يد كوربين، والعودة به نحو نهج اليسار الليبرالي الذي كرسه بلير منذ تسلم زعامة الحزب في العام 1994.
أما البوابة الأخرى التي قد يسلكها بلير في الطريق نحو العودة إلى الساحة السياسية البريطانية، فقد تكون تأسيس حزب جديد، يقوم بالأساس على مناهضة "الخروج من الاتحاد الأوروبي"، ويضم أنصار البقاء في الاتحاد من حزبي المحافظين وحزب الأحرار الديمقراطي، وأنصار "تيار بلير" في حزب العمال.
وقد يكون فيما قاله بلير لمجلة "اسكواير" ترجيحاً لهذا الرأي، حيث دعا إلى "ضرورة نهوض تيار الوسط"، وعودته إلى مركز الساحة السياسية، لتحدي تيار "بريكست" القوي، (أي اليمين المحافظ)، والتيار اليساري المتطرف الذي سيطر على حزب العمال بإعادة انتخاب اليساري كوربين زعيما للحزب.