وسط غموض حول مستقبل المفاوضات الجارية بشأن الترتيبات التجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، حذر وزير بريكست البريطاني، دومينيك راب، مجدداً اليوم الخميس، من أن بلاده لن تسدد كامل فاتورة الخروج من الاتحاد الأوروبي في حال عدم التوصل إلى اتفاق حول الخروج من أوروبا.
وصرح راب، لإذاعة "بي بي سي"، أن إحدى تبعات مثل هذا الاحتمال "ستكون بوضوح أننا لن ندفع الأموال المتفق عليها في إطار اتفاق الخروج"، في إشارة إلى اتفاق تمهيدي تم التوصل إليه في ديسمبر/كانون الأول بين الأوروبيين والبريطانيين، وينصّ على أن تسدد لندن فاتورة بقيمة 39 مليار جنيه استرليني (44 مليار يورو).
وتابع راب، حسب ما نقلت وكالة فرانس برس، أن المملكة المتحدة "تعلم بالطبع التزاماتها القانونية"، مضيفاً "لست أقول شيئاً لم أقله في قاعة المفاوضات أو لن أقوله مباشرة لأصدقائنا وشركائنا في الاتحاد الأوروبي، وأعتقد أن الأمر معروف جيداً من الجانبين".
إلا أن راب اعتبر أن "من غير المحتمل" عدم التوصل إلى اتفاق، لكن في حال حصل ذلك فلن يكون بإمكان الاتحاد الأوروبي أن "ينتقي" عناصر المحادثات التي تناسبه وخصوصاً تسديد الفاتورة.
وتذكر هذه الصيغة بتلك التي استخدمها الأوروبيون الذين يشددون بانتظام على أن البريطانيين لا يمكنهم "الانتقاء" بين قواعد الاتحاد الأوروبي لإعداد اتفاق حول الخروج.
ومسألة الخلاف الرئيسية بين الجانبين لا تزال الحدود بين ايرلندا الشمالية وجمهورية ايرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، وسيكون ملف بريكست على جدول أعمال القادة الأوروبيين خلال قمة غير رسمية في سالزبورغ بالنمسا في 20 سبتمبر/ أيلول الجاري.
وكانت العديد من قيادات الأعمال التجارية في بريطانيا والصناعات قد دعت الحكومة البريطانية لتسريع المفاوضات بشأن بريكست، حتى تتمكن من وضع خططها المستقبلية.
وفي هذا الإطار، حذر قادة صناعة السيارات في لقاء جرى يوم الاثنين مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أن عشرات آلاف الوظائف ستخسرها صناعة السيارات البريطانية في حال خروج البلاد من دون اتفاق في مفاوضات بريكست.
وهذا هو السيناريو الخطر الذي يرعب حي المال التجاري في لندن والشركات التي تتاجر مع أوروبا.
يذكر أن السوق الأوروبي يمثل نسبة 40% من التجارة البريطانية الخارجية.
ومن المتوقع أن تكشف الحكومة البريطانية هذا الأسبوع عن "ورقة بيضاء" تحدد فيها السلع والخدمات التي ستتضرر في حال عدم الوصول إلى اتفاق، وذلك حسب تقرير لصحيفة" ذي غارديان" البريطانية اليوم الخميس.
وتحذر" وثيقة مسربة" كشفت عنها صحيفة "صنداي تايمز"، أنه في حال عدم التوصل لاتفاق، فستحدث فوضى في الإمدادات بسبب الطوابير المرورية المتوقعة في المنافذ، مع شلل "غير مسبوق وشامل" لشبكة الطرق، وتقول إن "المخاوف بشأن الإمدادات الطبية"، بينما يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار السلع إلى "احتجاج واسع النطاق".
وذكرت أن احتمال وجود إمدادات محدودة من السلع أثار مخاوف من "احتجاج واسع النطاق يمكن أن يتصاعد بعد ذلك إلى فوضى. وأكدت الوثيقة مخاوف زيادة تكاليف البيانات، وفقدان أوراق التوقيف، وطوابير الانتظار في المرافئ والموانئ في جميع أنحاء البلاد.
في المقابل، رفضت الداخلية البريطانية التعليق على الوثيقة المسربة، وقال متحدث باسم الوزارة: "لا نريد أو نتوقع سيناريو عدم التوصل إلى اتفاق، ونحن على ثقة متزايدة بأننا سنحصل على اتفاق مع الاتحاد الأوروبي".
وأضاف: "مع ذلك، فمن واجب أي حكومة مسؤولة أن تستعد لكل الاحتمالات، بما في ذلك السيناريو غير المحتمل بأن نصل إلى مارس 2019 دون اتفاق".
ولا تزال الحكومة البريطانية تعاني من انقسام سياسي بشأن نوعية الترتيبات التجارية التي ترضي البلاد بعد الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي.