بريطانيا تصوّت غداً: وداعاً لـ"ديكتاتورية" الحزبَين

06 مايو 2015
حفَر إيد وعوده على لوح حجري (أ ف ب)
+ الخط -

لن تحكم بريطانيا بالأغلبية بعد الآن، ولم يعد تداول السلطة حكراً على الثنائية الحزبية التقليدية، التي تداول فيها حزبا المحافظون والعمّال الحكم لسنوات طويلة قبل انتخابات العام 2010، عندما تشكّلت أول حكومة ائتلاف بين حزبي المحافظين والأحرار الديمقراطي. هذا ما ترجحه آخر استطلاعات الرأي قبيل ساعات من انطلاق الانتخابات العامة البريطانية صباح غد الخميس.

فبينما كشف استطلاع أجرته مؤسسة "يوجوف" لاستطلاعات الرأي لصالح صحيفة "ذا صن" أمس الأول عن تقارب بين حزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون وحزب العمال المعارض، إذ حصل الحزبان على تأييد نسبته 33 بالمائة، أظهر استطلاع أجرته أمس مؤسسة "سيرفيشن" لصالح صحيفة "ديلي ميرور" تقدّم حزب العمال على حزب المحافظين بفارق واحد في المائة. ومنح الاستطلاع حزب العمال 34 في المائة من الأصوات، بينما بقي تأييد المحافظين عند 33 في المائة من الأصوات. وكان الفارق ببن الحزبين الرئيسيين ضئيلاً للغاية في معظم استطلاعات الرأي التي أجريت منذ مطلع العام، إذ لم يحقق أي من الحزبين تقدماً متواصلاً في استطلاعات الرأي، فيما عدا هامش الخطأ الذي يبلغ ثلاث نقاط مئوية.

هذا يعني أنّ نتائج تصويت نحو 30 مليون بريطاني في الانتخابات العامة، سوف تفرز برلماناً "معلّقاً" لا يحظى فيه حزب المحافظين أو خصمه حزب العمال بالأغلبية الكافية وهي 326 مقعداً من أصل 650 مقعداً لتشكيل الحكومة المقبلة في لندن. وبالتالي، يُرجح سعي كل من الحزبين إلى التحالف مع شريك أو شركاء آخرين لتشكيل حكومة ائتلاف على غرار الحكومة المنتهية ولايتها والتي تشارك فيها حزبا المحافظين والأحرار الديمقراطي.

هذه الحال الحرجة للحزبين الكبيرين، منحت الأحزاب الوطنية الصغيرة أهمية خاصة للتنافس على مقعد الشريك في أي حكومة ائتلافية مقبلة، لا سيما حزب "الاستقلال" الذي يقوده نيجل فراج والذي اكتسب شعبيته باستخدام ورقة الهجرة وانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كشرط أساسي للحد من هجرة الأوروبيين القادمين من دول أوروبا الشرقية، والذي يتطلع للتحالف مع حزبي المحافظين والوطني الإسكتلندي الذي تقوده نيكولا ستيرجين التي تحظى بشعبية كبيرة في اسكتلندا، وتطرح برنامجاً مناهضاً للتقشف وتضغط للتحالف مع حزب العمال.

اقرأ أيضاً: مسلمو بريطانيا والانتخابات ثقل حاسم في 25% من الدوائر

وربما تكون حظوظ حزب العمّال أفضل من حزب المحافظين في تشكيل حكومة ائتلاف مع الحزب الوطني الإسكتلندي الذي يرجح أن يحصل على 50 مقعداً أو أكثر من مقاعد اسكتلندا الـ59، في حين لن يحصل حزب الديمقراطيين الأحرار، المرشح الأقوى للتحالف مع المحافظين، على أكثر من 30 مقعداً في أحسن الأحوال.

وبعيداً عن سيناريوهات التحالف والحكومة الإئتلافية، لا يستبعد بعض المراقبين لجوء أي من الحزبين الكبيرين إلى خيار تشكيل حكومة أقلية على أمل أن لا تتّحد الأحزاب الأخرى من أجل إطاحتها. وفي هذه الحالة، سيحاول كاميرون، الذي سيبقى في منصبه حتى 27 مايو/ أيار الجاري، تشكيل حكومة أقلية والفوز بتصويت بالثقة في خطاب الملكة. وفي حال فشل كاميرون في الحصول على موافقة الملكة، وخسارته التصويت على الثقة، ينتظر أن يقدم استقالته، ويتم تكليف رئيس حزب العمّال، إيد مليباند بتشكيل حكومة.

وعلى الرغم من إمكانية طرح هذا السيناريو، إلّا أنّ المراقبين لا يرون فيه حلاً عملياً قد يفضي إلى حكومة مستقرة قادرة على تنفيذ برامجها من دون مواجهة معارضة قد تطيحها في وقت قصير.

ومن أهم القضايا التي تسعى الأحزاب الرئيسية إلى التركيز عليها في الساعات الأخيرة من الحملات الانتخابية، هي الاقتصاد والصحة والتعليم والسكن والضمان الاجتماعي والهجرة. وبينما يفخر ديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين بالأداء الاقتصادي البريطاني منذ توليه رئاسة الحكومة قبل 5 أعوام ويدعو الناخبين إلى مواصلة التأييد للسياسات التي ينتهجها لمواصلة هذا الأداء الإيجابي على حد قوله، وعدم العودة إلى ما يطلق عليه بعهد الإفلاس المالي، قام زعيم حزب العمال المعارض، إيد ميليباند بخطوة غير مسبوقة، إذ حفر وعوده الانتخابية الستة على لوح حجري بارتفاع 2,6 متر. ويأمل ميليباند في نصب اللوح الحجري الذي يشمل على وعود من بينها "العمل بشأن إيجارات العقارات" و"نظام الصحة الوطنية مع منح الوقت للرعاية"، في حديقة مقر رئاسة الحكومة في حال فوزه.

وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية، فهناك عدد كبير من القضايا الدولية الرئيسية تنتظر الحكومة البريطانية الجديدة، سواء كانت بقيادة حزب واحد أو تحالف، وهي أزمة ايران النووية والتدخل الروسي في أوكرانيا والتهديد المتنامي لتنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط والنزاع الفلسطيني ــ الإسرائيلي. أما مستقبل عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، فسيكون أهم قضية تطرح على أجندة السياسة الخارجية لا سيما في حال فوز حزب المحافظين بالانتخابات، كون زعيمه ديفيد كاميرون تعهد في برنامجه الانتخابي بإجراء استفتاء شعبي نهاية العام 2017 بشأن مستقبل بقاء المملكة المتحدة ضمن الاتحاد الأوروبي أو الانسحاب منه.

اقرأ أيضاً: بريطانيا حزب العمال يتقدم على المحافظين بثلاث نقاط

المساهمون