بريطانيا تتجه إلى الاستثمار في الخليج بعد "بريكست"

11 ابريل 2017
الخروج من الاتحاد الأوروبي يفرض خيارات جديدة لبريطانيا(Getty)
+ الخط -



باتت دول مجلس التعاون الخليجي مرشحة بقوة لتصبح إحدى الوجهات الاستثمارية المستهدفة لبريطانيا، خلال فترة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وباشرت بريطانيا الأسبوع الماضي رسمياً، بعد تسعة أشهر على التصويت لصالح الخروج، عملية بريكست التاريخية للانفصال عن التكتل الذي انضمت إليه بتحفظ قبل 44 عاماً، وتشمل عامين من المفاوضات الصعبة قبل الانفصال التام في ربيع 2019.

علاقات متينة

وقبل أسبوعين، انطلق منتدى التجارة والاستثمار القطري البريطاني بهدف توطيد العلاقات التجارية والاستثمارية بين قطر والمملكة المتحدة خلال فترة ما بعد الخروج، وتعهدت قطر باستثمار 5 مليارات جنيه استرليني (6.3 مليارات دولار) في بريطانيا مبدية دعمها لخامس أكبر اقتصاد في العالم.
وصفت وزارة التجارة الدولية البريطانية منتدى الاستثمار القطري البريطاني، بأنه أكبر تجمع استثماري وتجاري بين البلدين.
وقالت الوزارة إن المنتدى يعد مؤشراً على تنامي العلاقات القطرية البريطانية.
وأشارت إلى أن المنتدى يمنح فرصة لقادة الأعمال التجارية والمستثمرين من البلدين والوزراء من الجانبين لبحث الفرص التجارية والاستثمارية المتوفرة في البلدين وتقديمها للشركات البريطانية والقطرية، كما أنه سيساهم في زيادة الربط بين رجال الأعمال والشركات بين البلدين، اللذين يرتبطان بعلاقات استراتيجية ومصالح مشتركة عديدة.

كما وصفت الوزارة المنتدى بأنه مؤشر مهم لتوجه بريطانيا الجديد لبناء علاقات تجارية مستقلة مع العالم الخارجي وتحقيق الازدهار التجاري والرخاء في أعقاب تنفيذ استفتاء "بريكست".

مدينة بيرمنغهام التي استضافت المنتدى (getty) 


تنامي العلاقات

وقال خبراء اقتصاديون، في أحاديث مع "الأناضول"، إن هناك اهتماماً كبيراً من قبل الحكومة والمؤسسات البريطانية للتوسع في الخليج لا سيما في ظل المقومات الجاذبة للاستثمار بالمنطقة وتوافر سوق استهلاكية للمنتجات البريطانية، وفي المقابل ضمان استقبال الاستثمارات ورؤوس الأموال الخليجية إلى بريطانيا.
يقول طه عبدالغني، الخبير والمحلل الاقتصادي، إن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر حليفا تجاريا واستراتيجيا لبريطانيا وذلك على أسس تاريخية، ما يجعل من خطوة "البريسكت" فرصة جيدة لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين الطرفين، خاصة في ظل رغبة بريطانية جادة نحو تقوية تلك الشراكة.
ويضيف عبدالغني، إنه في ضوء تأثر حركة الاستثمار عموماً نتيجة انسحاب العديد من الشركات الأوروبية المتوقع، ستسعى حكومة بريطانيا لتعويض ذلك باللجوء إلى مناطق أخرى من العالم لتعويض ذلك، وهنا تبرز منطقة الخليج.
وأشار الخبير، إلى أنه في المقابل سيكون هناك سعي نحو ضمان استقبال الاستثمارات ورؤوس الأموال الخليجية إلى المملكة المتحدة، متوقعاً أن يكون حجم التدفقات من الخليج أكبر من حجم الاستثمارات الوافدة إليها.

تأثيرات البريكست

توفر دول الخليج فرصاً استثمارية مهمة بالنسبة لبريطانيا في عدة مجالات، منها الطاقة والتعليم والبنية التحتية والرعاية الصحية.
ومؤخراً، قامت الحكومة البريطانية بتحديد فرص استثمارية في 15 قطاعاً خليجياً تقدر بنحو 30 مليار جنيه إسترليني (37.6 مليار دولار) خلال الخمس سنوات المقبلة تشمل جميع دول مجلس التعاون.
ويقول جمال عجاج، الخبير الاقتصادي ومدير مركز الشرهان للوساطة المالية، إن الشركات البريطانية تبحث حالياً عن فرص عالمية لتوسيع عملياتها وتكملة أنشطتها التجارية في أسواق جديدة لتعويض تأثيرات البريكست.
وبحسب الحجاج، هناك عاملان رئيسيان وراء توجه بريطانيا لمنطقة الخليج، الأول المقومات الاستثمارية التي توفرها المنطقة في ظل المشاريع التنموية الكبرى التي يتم تنفيذها في قطاعات السياحة والإنشاءات والنقل والصناعة وغيرها.
ويشير عجاج، إلى أن العامل الثاني يتلخص في ضمان سوق استهلاكية للمنتجات البريطانية في جميع المجالات لدى دول الخليج الغنية بالنفط، التي تعتبر أيضا واحدة من أكبر الأسواق الرئيسية الاستهلاكية ذات الدخل المرتفع للمقيمين فيها.
وعلى خلفية مشاريع عملاقة يجري التخطيط لها، والعمل عليها في الخليج، قدرت دراسة حديثة لشركة الاستشارات (ديلويت)، قيمة تلك المشاريع حتى العام 2030 بنحو تريليوني دولار مع استضافة فعاليات دولية كُبرى مثل معرض إكسبو الدولي 2020 في دبي، وبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر، إضافة إلى الرؤية السعودية للعام 2030.
وتعد دول الخليج أكبر مستثمر في بريطانيا، ويتراوح إجمالي استثمارات الأفراد والصناديق السيادية الخليجية بين 200 و250 مليار دولار، تحتل نسبة الاستثمارات العقارية أكثر من 23% منها، بحسب بيانات حديثة.

فرص وتحديات

أما مروان شراب، مدير قسم الوساطة المالية لشركة الرمز كابيتال، فيشير إلى أنه من الصعب تحديد الأثر الكامل للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي قبل مرور عامين ولكن قد يحمل فرصاً إيجابية أمام المستثمرين والصناديق السيادية الخليجية، وفي الوقت ذاته يفرض تحديات سلبية.
وتبلغ التجارة بين بريطانيا ودول مجلس التعاون الخليجي الست نحو 30 مليار جنيه استرليني (37.5 مليار دولار) سنويا، وتعد دول الخليج ثاني أكبر شريك تجاري خارج أوروبا.
وتصدّر دول المنطقة بالأساس النفط والغاز والمنتجات ذات الصلة إلى بريطانيا، بينما تستورد تشكيلة واسعة من السلع والخدمات.

الأسواق المالية في بريطانيا(getty) 


وجهة محتملة

وبحسب تقرير حديث أصدره مركز دبي للسلع المتعددة، فإن 75% من بين الشركات التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها أعربت عن رغبتها في توسيع عملياتها في الخارج، تفكر في إمارة دبي الخليجية كوجهة محتملة لتوسعها.
وحسب التقرير، تشمل الأسباب الرئيسية التي تجعل الشركات البريطانية تتطلع إلى التوسع في الخارج، جاذبية الأسواق الناشئة والاحتياجات المتزايدة لحضور عالمي، إلى جانب توافر وغنى المواهب والموارد في الخارج.

(الأناضول، العربي الجديد)


المساهمون