هذا ما خلصت إليه صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية في تقرير نشرته أمس الأحد خصّت فيه الكنسية الوحيدة في مدينة تشيتشستر الصغيرة في مقاطعة ساسكس، في جنوب شرق إنكلترا، في سياق تحقيقات مستمرة منذ أسبوعين.
وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن الحكومة انتدبت لجنة للتحقيق مع عدد كبير من رجال الدين وتواصل عملها منذ أسابيع، في إنكلترا وويلز، مركزة اهتمامها على كنسية تشيتشستر.
رجال الدين الضالعون في الاعتداءات الجنسية على الأطفال على مدى سنوات طويلة قبل توقيفهم ومحاكمتهم هم على التوالي:
1-بيتر بول، الذي كان أسقفاً في لويس (بلدة في مقاطعة سوسيكس البريطانية) بين عامي 1977 و1992 (فيما بعد أسقف مدينة غلوستر غرب بريطانيا). وأقرّ في سبتمبر/ أيلول 2015 بالذنب في تهم سوء السلوك الجنسي مع الشباب والاعتداءات غير اللائقة ضد البالغين. وحُكم عليه بالسجن مدة 32 شهراً.
2-الكاهن فيكيري هاوس (73 عاماً)، في المقاطعة ذاتها، وشريك مقرب من بيتر بول. أدين بخمس تهم بالاعتداء غير اللائق وحُكم عليه بالسجن ست سنوات ونصف السنة في أكتوبر/ تشرين الأول 2015.
3-القس نويل مور أدين بالاعتداء الجنسي على الأطفال في عام 1951 وسجن حتى عام 1955.
4-القس غوردون ريدوت أدين بـ 34 تهمة تتعلق بالاعتداء غير اللائق ضد الأطفال، وتهمتين بمحاولة اغتصاب ضد ما مجموعه 16 ضحية، اعتباراً من مايو/أيار 2013. وحكم عليه بالسجن مدة 10 سنوات. كذلك أقر في ديسمبر/ كانون الأول 2016 باقترافه عدداً من الاعتداء غير اللائقة على شخص دون الـ 16 عاماً، وحُكم عليه بالسجن تسعة أشهر.
5-أدين القس كيث دينفورد بثلاث تهم بالاعتداء غير اللائق في إبريل/نيسان 2013، وحكم عليه بالسجن مدة 18 شهراً.
6-أدين الكاهن كريستوفر هوارث بـ 26 تهمة تتعلق بنشاط جنسي مع طفل، وتسبب في انخراط طفل آخر في نشاط جنسي، وحُكم عليه بالسجن مدة 16 سنة.
7- الشماس بيتر بانيت الذي كان في منطقة برايتون (جنوب لندن)، واعترف بذنبه في تهمتين تتعلق بتصرفه بصور غير لائقة للأطفال، ومحاولته تحريض طفل مرة واحدة على الانخراط في نشاط جنسي، وتهمتين أخريين بإثارة وتحريض طفل دون سن 16 عاماً على الانخراط في النشاط الجنسي. كما أقر بأنه مذنب في تهمتين تتعلقان بأنه تسبب في أن يشاهد أحد الأطفال عملاً جنسيًا. وحُكم عليه بالسجن مدة 32 شهرًا.
لكن القائمة لا تقتصر على من أخضع للتحقيق في الأسبوعين الماضيين، لأن الأسماء المتداولة للمتهمين تشمل من رجال الدين أيضاً كلاً من ميشيل وولش، مايكل ميتون، جوناثان غريفز، تيرنس بانكس.
ونقل كاتب التقرير أندرياس ويتام سميث، بعضاً من مجريات التحقيق، وأشار إلى أن أسقف كنسية تشيتشستر جون هيند (2001 – 2012)، قال للمحققين: "الإساءة ليست ببساطة فعل جناة أفراد، لكنها تنطوي في الواقع على تواطؤ بين مجموعة أشخاص، وهذا المناخ يمكن أن يتطور في بعض المناطق التي تتقلص فيها الموانع الطبيعية ضد السلوك السيئ". وأجاب حين سئل عن الأسباب التي تقلل من تلك الموانع، قائلاً: "أحدها عندما تكون في بيئة يخضع فيها مختلف الأشخاص للمضايقات والاعتداءات، يصبح هناك ميل لتطبيع ما يحدث، ليصبح أقرب للطبيعي". وكان جواب أسقف الأبرشية، والاس بين "إنها حلقة شذوذ جنسي".
وأشارت جانيت هيند، زوجة الأسقف جون هيند، إلى وجود تطبيع مع هذه السلوكات بقولها إن أحد رجال الدين كان يواظب على حضور جلسات محاكمة أحد المتهمين من الإكليروس، لتقديم الدعم له، رغم أن المتهم أثبت عليه تهمة الاعتداء، وإن ضحاياه كانوا يقدمون شهاداتهم خلال الجلسات. أما المستشار السابق للأبرشية، شيرلي هوسغود، فأشار إلى أن كبار رجال الدين يعطون وزناً أكبر لمخاوف الجاني وهو منهم، وليس للضحية، أي أنهم يهتمون بإدارة رعيتهم وليس بحماية الضحايا.
ومن إجراءات التطبيع أيضاً، وفق الصحيفة، طلب المغفرة للجناة من أتباع الكنسية رغم جرائمهم والتغاضي المطلق عن الضحايا. وعلى الرغم من إدانة أحد الأساقفة السابقين في مقاطعة تشيتشستر، المدعو روي كوتون، كان موقف زميله الأسقف إريك كيمب "في رأيي، كل شيء على ما يرام. عومل معاملة سيئة من قبل الشرطة. يمكنكم منحه الإذن لأخذ خدمات الكنيسة مرة أخرى".
وأشارت إلى مثال شبيه آخر، حينما منحت الكنيسة القس بريتشارد الإذن بالخدمة في فبراير/شباط 2007 عند تقاعده، على الرغم من أنه أُعيد اعتقاله في ذلك الوقت بسبب الاعتداء الجنسي على الأطفال، بل اعتبر رئيس الشمامسة، فيليب جونس، أن عودة بريتشارد للخدمة الكنسية بمثابة مغفرة من الله، وتنظيف لسجله. والمغفرة في مثل هذه الظروف تعني أن الخطيئة انتهت.
عودة إلى البدايات
تعود بدايات الإساءات واغتصاب الأطفال في الأبرشية إلى عام 1960، حين أسس بيتر بول وشقيقه جماعة دينية رهبانية. في عام 1968، اشتريا حظيرة قديمة في سومرست وكوّنا فيها مجتمعاً مصغراً مع خمسة من أفراد. قال الأسقف بول خلال تقييم نفسي أجري له في عام 2009، إنه اعتقد أن الكنيسة "تباطأت" وصار نتيجة ذلك يعمد لممارسات شبيهة بتعذيب الذات، منها الجلوس على الأرضية الباردة، والصوم وجلد الذات. وكان يعمد كذلك إلى ضرب أعضاء من مجتمعهم المصغر. وقال: "من هنا بدأت الأمور تسير بشكل خاطئ".
في عام 1980، أطلق بيتر بول نداءً للشباب في شرق ساسكس للانضمام إلى مجتمعات سكنية جديدة من شأنها أن تمنحهم تجربة في الانضباط الرهباني والتنمية الروحية والخدمة المسيحية العملية. ومنذ ذلك الوقت كان لدى بول عدد من الأولاد والشبان يعيشون معه بانتظام. وكان من الملحوظ عدم وجود مساعدين له أو موظفين معه، في واقع الأمر كان يحاول إنشاء مجتمعات "إساءة".
وتبيّن أن الأسقف بول استخدم سلطاته في العثور على وظائف لمجموعة من الأفراد في منطقة شرق ساسكس، ومعظمهم الآن متهم بارتكاب جرائم جنسية ضد الأطفال.
حوكم بول بتهمة الاعتداء غير اللائق على صبي عمره بين 12 و13عامًا في عام 1978، والاعتداء غير اللائق على آخر عمره بين 19 و20 عامًا، بين عامي 1980 و1982.
وقالت عنه القاضية بوبي شيما: "كان يحظى باحترام كبير باعتباره رجلا تقيا كانت له صلة خاصة مع الشباب. والحقيقة أنه استخدم السنوات الـ 15 في منصب الأسقف باستغلال الشباب الحساس والضعيف الذين دخلوا في مداره. كان الدين عباءة يتخفى بها من أجل إرضاء رغباته الجنسية بإيذاء من وثقوا به". وحُكم على الأسقف بول بالسجن لمدة 32 شهرًا.
(العربي الجديد)