أعلن عضو مجلس النواب المصري إسماعيل نصر الدين، اليوم السبت، تقديمه مشروع قانون يستهدف حذف خانة الديانة من البطاقة الشخصية (الرقم القومي)، بعد جمع التواقيع المحددة لائحياً (60 نائباً فأكثر)، وذلك بدعوى الانتصار للمواطنة، وعدم التمييز بين المصريين في إطار تأسيس دولة مدنية حقيقية.
ويتألف مشروع القانون من أربع موادّ، أولاها تنصّ على تحديد اللائحة التنفيذية للتشريع شكل البطاقة الشخصية، والبيانات التي تثبت فيها، ومستندات وإجراءات استخراجها، على ألا يكون من بين البيانات المشار إليها بيان نوع الديانة. وتنصّ المادّة الثانية على أن "يلتزم كل من يقبل على الزواج باستخراج وثيقة رسمية من مصلحة الأحوال المدنية، تتضمن نوع الديانة لتقديمها إلى المأذون الشرعي، أو لأي من الجهتين المنصوص عليهما في موادّ قانون الأحوال المدنية، بحسب الأحوال. وتلتزم الجهات المنصوص عليها بعدم إبرام عقد الزواج، أو قيده، أو توثيقه، دون تقديم هذه الوثيقة".
أما المادّة الثالثة فتنصّ: "مع عدم الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها في لائحة المأذونين في مصر، يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف أحكام الفقرة الأخيرة من المادّة الثانية من هذا القانون". في حين تشير المادّة الرابعة إلى نشر التشريع في الجريدة الرسمية، والعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره، وبصم القانون بخاتم الدولة، ونفاذه كقانون من قوانينها.
وأوردت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون أسباب وأهداف التقدم به، ومنها أن موضوع إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي يعد مطلباً قديماً ومُلحّاً، وسبقت مصر دولاً عديدة منها الأردن، وتركيا، وفلسطين، والسعودية، مشيراً إلى وجود جهات رسمية في مصر ألغت التعامل في خانة الديانة عبر تعاملاتها وأوراقها الرسمية، ومنها جامعة القاهرة، ونقابات المهندسين، والمحامين، والصحافيين.
وقالت المذكرة: "إن العولمة فرضت على جميع دول العالم التعايش بين مواطنيها من دون تمييز لأي من الأسباب، وهو ما حرصت على تأكيده مواثيق حقوق الإنسان، ومعظم دساتير العالم"، متابعة "بالرغم من أن إلغاء خانة الديانة هو مجرد إجراء شكلي الهدف منه التعود على التعامل مع الناس من خلال هويتهم الإنسانية أولاً، وهويتهم الوطنية ثانياً، إلا أنه سيرسخ لمبدأ مهم من المبادئ الدستورية".
واستشهدت المذكرة بالمادّة الأولى من الدستور المصري، وتنصّ على أن "جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة موحدة لا تقبل التجزئة، ونظامها جمهوري ديمقراطي يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون". واستندت إلى المادّة 53 من الدستور، التي تنصّ على: "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر".
وأضافت المذكرة أن هناك حاجة لهذا التعديل التشريعي، في ظل ما يشهده المجتمع من حوادث لا يحركها إلا عقل طائفي، على اعتبار أن إنسانية الفرد هي ديانته، وأن علاقته بالله أمر يخصه وحده، وأن الدولة معنية بحماية قيم المواطنة، ومنع أي شكل من أشكال التمييز.
وشددت أيضاً على أن مشروع القانون، "يهدف إلى ترسيخ مبدأ المواطنة، وعدم الحاجة إلى معرفة الديانة عند التقدم لوظيفة ما، كما أن نوع الديانة ليس هو من يحدد مكانة الفرد في المجتمع، كون المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات حق للجميع، ومجرد التشكيك في هذا الحق الإنساني يعتبر ضد الإنسانية، وهو ما يدعو إلى مطالبة الدولة بتبني مشروع قومي تنويري يعمل على إشاعة قيم المواطنة".
وختمت المذكرة بالقول إن "إلزام الجهات المختصة بعدم إبرام عقد الزواج، أو قيده، أو توثيقه، دون تقديم وثيقة إثبات نوع الديانة، الهدف منه تجنب إقامة علاقات زوجية بين أصحاب الديانات أو الطوائف أو الملل المختلفة، والذين لا يجوز إقامة علاقة زوجية بينهم طبقاً لشرائعهم السماوية. وتختص مكاتب التوثيق بالشهر العقاري بقيد واقعتي الزواج والطلاق، إذا كان أحد طرفي العلاقة أجنبياً، أو كانا مصريين، واختلفا في الديانة أو الملة".
وفي أغسطس/ آب 2016، علّقت لجنة الشؤون التشريعية في مجلس النواب موافقتها على ثلاثة مشاريع قوانين مقدمة من أعضاء ائتلاف الأغلبية "دعم مصر"، علاء عبد المنعم، وأنيسة حسونة، وشادية ثابت، بشأن المواطنة ومنع التمييز، وإنشاء مفوضية لمنع التمييز، بانتظار أخذ رأي الجهات القضائية المعنية، فضلاً عن مؤسسات دار الأوقاف والأزهر والكنيسة.
وتركز مشاريع القوانين، التي جمدت في الأدراج منذ ذلك الحين، على حذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي، وكافة الوثائق والمستندات الرسمية، وتوقيع عقوبة الحبس لمن يثبت أنه ميّز بين المواطنين في شغل الوظائف العامة، على أن تلتزم الدولة بتيسير بناء المساجد والكنائس والأديرة، وما في حكمها من دور العبادة، بناءً على طلب من الجهة الدينية المختصة.