برلمانيون مصريون: قانون التأمين الصحي الجديد يخالف الدستور

26 أكتوبر 2017
مستشفيات التأمين الصحي في مصر (فيسبوك)
+ الخط -
قال برلمانيون مصريون إن الحكومة لم تراع تطبيق أحكام الدستور في عدد من النقاط الجوهرية بقانون التأمين الصحي الشامل، مؤكدين أن نصوصه قائمة على التمييز، وتمهد لخصخصة الخدمة العلاجية من خلال منح القطاع الخاص حصيلة الاشتراكات الجبرية للمواطنين، ومساهمات الدولة لغير القادرين.

ووافق مجلس الوزراء المصري، أمس الأربعاء، بصفة نهائية، على مشروع القانون، بعد مراجعته من مجلس الدولة، وتمت إحالته إلى البرلمان لإقراره، بدعوى استيفاء ملاحظات الوزارات والجهات المعنية، وبحث نتائج الدراسات الفنية التي تضمن تحقيق التوازن المالي، واستمرار المنظومة.

وقال عضو لجنة الصحة في البرلمان، هيثم الحريري، إن القانون لم يوضح بعض النقاط الهامة، سواء المتعلقة بآليات استدامة التمويل، أو طول مدة تنفيذ مراحله، علاوة على التمييز المحظور دستورياً بين المواطنين، مستدركاً أن اللجنة لن تطلع على مسودة القانون كاملة، إلا بعد إحالته إليها في الجلسة المقررة في 6 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وأضاف الحريري، أن "الحكومة لم تأخذ بعين الاعتبار الاعتراضات المقدمة من نقابة الأطباء، وغيرها من الجهات المختصة على مواد القانون، والتي ركزت في أغلبها على خروج المستشفيات الحكومية من المنظومة الجديدة نتيجة عدم تأهيلها، وما سيتبعه من بيعها للقطاع الخاص، وارتفاع في أسعار الخدمة الطبية".

وأفاد بأهمية عقد اللجنة جلسات عدة للحوار المجتمعي حول النقاط الخلافية بالقانون في حضور خبراء ومختصين للاستماع إلى رؤيتهم، ومن أهمها النص على استقطاع نحو 4 في المائة من دخل المواطن للاشتراك في المنظومة، في وقت يعاني فيه المصريون من ضنك العيش، وارتفاع في أسعار كافة السلع والخدمات.

وتتعارض نصوص القانون مع المادة 18 من الدستور الحالي، والتي ألزمت الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطي كل الأمراض، في حين قصر المشروع الحكومي الخدمة على "المواطنين المشتركين في النظام"، ولم يستثن المشردين من أطفال الشوارع، رغم نص المادة الدستورية على حق كل مواطن في الصحة.

من جهته، قال رئيس لجنة الصحة السابق في البرلمان، مجدي مرشد، إن تطبيق المنظومة الجديدة للعلاج على محافظات بعينها دون غيرها، هو "تمييز جغرافي يتصادم مع الدستور الذي نص في مادته 53 على أن (المواطنين لدى القانون سواء، ومتساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، ولا تمييز لأي سبب)".

وأضاف مرشد، أن حديث وزير الصحة عن تطبيق المنظومة في محافظة بورسعيد كبداية "يحرم مواطنين لهم الحقوق ذاتها من ميزات النظام الجديد"، موضحاً أن سيناريو الخصخصة مطروح بقوة نظراً لانعدام الرعاية الأساسية في المستشفيات الحكومية، وبخاصة في محافظات الصعيد والدلتا.

وأشار النائب إلى غياب الشفافية من جانب الحكومة بشأن التكلفة الإجمالية للنظام الجديد، إضافة إلى ضمانات عدم توقفه في أي من مراحل التطبيق، مشدداً على أهمية الاستفادة من نظام التأمين الصحي القائم من خلال تحسين خدماته، والإسراع في وضع ميزانية لعلاج غير القادرين على نفقة الدولة، وبناءً على قاعدة معلوماتية لتلك الفئات.

وتقول حكومة السيسي في المذكرة الإيضاحية للقانون، إنه "يهدف لإيجاد منظومة للتأمين الصحي، لتوفير الخدمات الطبية للمواطنين، بحيث تكون الأسرة، وحدتها الأساسية، وليس الفرد، مع تغطية جميع الأمراض، وتحمل الدولة أعباءه عن غير القادرين، ووضع آليات لمراقبة جودة الخدمة للارتقاء بالمنظومة الصحية".

واعتبر وزير الصحة المصري، أحمد عماد الدين، أن القانون "يمثل نقلة نوعية في مصر"، بعدما خصص ما بين 1300 جنيه إلى 4 آلاف جنيه سنوياً لعلاج المواطن الواحد، بعد أن كان يبدأ من 112 جنيهاً في نظام التأمين الحالي، مشيراً إلى تطبيق النظام الجديد على 6 مراحل، تبدأ من عام 2018 إلى عام 2032.

وأشار عماد الدين إلى عدم إدخال أي مستشفى إلى المنظومة إلا بعد خضوعها لمعايير الجودة، قاصراً مسألة التمويل في دفع المواطنين للاشتراكات، وما تخصصه الدولة من مساهمات لعلاج غير القادرين، والرسوم التي تفرض على السجائر والتبغ.

وكان عدد من الجهات والشخصيات العامة المصرية قد أعلنت رفضها القانون، مشددة في بيان مشترك سابق، على أنه "يفتح الباب أمام خصخصة الخدمة الصحية، وضياع أصول المنشآت الصحية، والتي بُنيت بأموال الشعب عبر سنوات، في ظل عدم التزام الدولة برفع كفاءة المنشآت الحكومية، قبل الشروع في تطبيق النظام الجديد".

ولم يتضمن مشروع الموازنة المصرية الجارية (2017 /2018)، أي اعتمادات مالية للقانون، بهدف تطوير البنية التحتية للمستشفيات العامة، فيما أرسلت نقابة الأطباء مذكرة قانونية إلى مجلس الدولة، في 15 مايو/أيار الماضي، تحتوي على خمسة طعون دستورية على مسودة القانون الحكومي.


المساهمون