تقدّم أعضاء في مجلس النواب المصري، اليوم الخميس، بعدد من البيانات العاجلة وطلبات الإحاطة الموجهة إلى وزيرة الصحة والسكان هالة زايد، بشأن مسؤوليتها عن الحادث الذي راح ضحيته طبيبتان وسائق وعامل، فضلاً عن إصابة 16 من طبيبات التكليف في محافظة المنيا، على إثر اصطدام سيارة أجرة تقلهم في ساعة متأخرة، بالقرب من مدينة 15 مايو بالقاهرة، نتيجة إصرار الوزارة على حضورهم تدريباً إجبارياً، رغم بُعد المسافة وصعوبة المواصلات.
وتساءلت عضو لجنة الصحة في البرلمان، إيناس عبد الحليم، عن أسباب الإبقاء على وزيرة الصحة الحالية في الحكومة، قائلة: "أداء الوزارة غير مُرضٍ للكافة، في ضوء الإهمال الذي استشرى في المنظومة الصحية خلال عهدها، والذي وصل إلى حد الأطباء أنفسهم، وأدى إلى وفاة مجموعة من الطبيبات بسبب قرارات خاطئة للوزيرة".
وأضافت: "الوزيرة مسؤولة مسؤولية مباشرة عن الحادث، بسبب عدم التنظيم الجيد لدورة التكليف للأطباء، أو توفير الوزارة وسيلة مواصلات آمنة لهن، علاوة على عدم إعلام الأطباء والطبيبات بموعد التدريب قبلها بفترة مقبولة".
وأشارت إلى ضرورة إجراء تحقيق في الواقعة، والكشف عن أسباب سوء التنظيم في الوزارة، الذي مثّل سبباً مباشراً في الحادث، خاتمة في بيانها: "السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، مَن يحمي وزيرة الصحة والسكان من المساءلة؟!".
بدوره، تقدم النائب عن محافظة المنيا حسين غيتة، ببيان عاجل يطالب فيه بمحاسبة وزيرة الصحة، وإقالتها، نتيجة الإهمال والعشوائية في القرارات الصادرة عن الوزارة، وعدم توفير وسيلة نقل آمنة للأطباء والطبيبات، مشيراً إلى أنه كان من الممكن توفير أحد المدربين للطبيبات في محافظة المنيا، بدلاً من سفرهن في ساعة متأخرة خوفاً من توقيع العقاب عليهن.
وشدد غيتة على ضرورة فتح تحقيقات في الواقعة لمحاسبة كل من تورط فى صدور تلك القرارات العشوائية، التي أدت إلى انتقال الطبيبات بهذه الطريقة من المنيا إلى القاهرة، خصوصاً مع عدم توفير وسيلة نقل آمنة لهن.
كذلك تقدم النائب سمير رشاد بطلب إحاطة حول أسباب عدم إقامة الدورات التدريبية في المحافظات، حفاظاً على أرواح المتدربين من الخطر، والتعرض للحوادث، لافتاً إلى أن "120 طبيباً من أبناء محافظة المنيا توجهوا إلى القاهرة لحضور تدريب عن صحة المرأة ضمن حملة (سرطان الثدي)، فيما كان من الأحرى ألا ينتقل هؤلاء إلى القاهرة، وفي المقابل سفر أحد المحاضرين لتدريبهم في المنيا".
وأضاف رشاد: "كان يجب على الوزارة والمديرية إبلاغ الأطباء بموعد التدريب قبل انعقاده بفترة كافية، مع توفير وسائل مواصلات آمنة تضمن سلامة الأطباء والطبيبات، وتليق بهم".
وتقدمت أيضاً عضو لجنة الصحة في البرلمان اليزابيث شاكر، ببيان عاجل تتهم فيه الوزارة بإرغام الطبيبات على الحضور للتدريب في القاهرة، على الرغم من عدم إخطارهن بموعد التدريب قبلها بوقت كافٍ، أو توفير التدريب لهن في المنيا، بدلاً من تكبد عناء السفر خارج المحافظة.
من جهته، حمّل "الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي" وزارة الصحة المسؤولية عن الحادث، نظراً للاستدعاء العاجل للأطباء من محافظة المنيا يوم الثلاثاء الماضي لحضور تدريب في أكاديمية الأميرة فاطمة بالقاهرة صباح اليوم التالي، في إطار حملة الكشف عن سرطان الثدي، مع تهديدها بتوقيع عقوبات صارمة ضد المتخلفين عن الحضور، ما اضطر الأطباء والطبيبات إلى الانتقال للقاهرة من دون توفير وسيلة آمنة للسفر، واستقلال الطبيبات لسيارة أجرة (ميكروباص) فجر يوم الأربعاء "لضيق الوقت".
وطالب الحزب في بيان صادر عنه، الرئيس عبد الفتاح السيسي، والنائب العام المستشار حمادة الصاوي، بفتح تحقيق عاجل في الواقعة، التي ينبغي أن تُعيد الحديث مجدداً عن حقوق العاملين في توفير بيئة آمنة للعمل، وحياة كريمة بالنسبة إلى جميع المهن، وفي مقدمتها القطاع الصحي الذي يئن من التردي المتزايد في الخدمة الصحية، ويُعاني من هجرة العاملين فيه.
وتابع الحزب: "من المفترض أن يُنظر في هذا التحقيق أيضاً في مدى مسؤولية منظومة الطرق والمرور عن الحادث، في ظل ارتفاع نسبة الحوادث المرورية في مصر بشكل ملحوظ".
واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بالتعليقات الساخرة الممزوجة بالحسرة، في أعقاب إصدار وزارة الصحة بياناً رسمياً، تُعلن فيه ضمّ والدي الطبيبتين المتوفاتين في الحادث للبعثة الطبية للحج لهذا العام، وإطلاق اسميهما على الوحدتين الطبيتين اللتين كانتا تعملان فيهما تكريماً لهما، مع العلم أن إحداهن طبيبة مسيحية، هي سماح صليب، التي يُقام عزاؤها اليوم في كنيسة السيدة العذراء للأقباط الكاثوليك بقاعة الأنبا أرسانيوس بمركز سمالوط بالمنيا.
من جهتها، قالت زايد في بيان لاحق اليوم إن "فريق من قيادات الوزارة يوجد بصفة مستمرة في مستشفى معهد ناصر، في إطار متابعة الحالة الصحية للمصابات في الحادث، يضم كلاً من مساعد الوزيرة لمبادرات الصحة العامة محمد حساني، ومستشارها للرعايات الحرجة والعاجلة شريف وديع، ووكيل الوزارة بالقاهرة محمد شوقي، للاطمئنان إلى حالة المصابات، وتقديم تقرير بحالتهن الصحية على مدار الساعة إلى الوزيرة".
وصرّح المتحدث الرسمي لوزارة الصحة خالد مجاهد، قائلاً إن "الحالة الصحية لجميع المصابات مستقرة، وتخضع جميعهن للرعاية الطبية اللازمة"، مستطرداً بأن "هناك ثلاث حالات تماثلت للشفاء التام، ومن المنتظر خروجهن خلال الساعات القليلة القادمة، في الوقت الذي تنوعت فيه الإصابات بين كسور وجروح قطعية، وكدمات في أماكن متفرقة بالجسد".
وأشار مجاهد إلى أن هناك ثلاث حالات تخضع للرعاية المركزة، وتتلقى العلاج والرعاية اللازمة، تحت إشراف فريق من الأساتذة والاستشاريين، مشيراً إلى أن الوزيرة وجهت بتقديم سبل الدعم بكل أشكاله للمصابات، وأسرهن، ولا سيما الدعم النفسي، إذ وجهت رئيس الأمانة العامة للصحة النفسية منن عبد المقصود، بتشكيل فرق من الأطباء لتقديم الدعم النفسي والمعنوي في أعقاب الحادث الأليم".
وكان مجلس النواب قد حفظ استجواباً مقدماً من النائب محمد الحسيني ضد وزيرة الصحة، بشأن تهالك مستشفى بولاق الدكرور العام في محافظة الجيزة، وهو الأول ضد الحكومة منذ انعقاد البرلمان قبل أربعة أعوام، إذ عمد رئيس المجلس الموالي للحكومة علي عبد العال، إلى غلق باب المناقشة بشأن طلب سحب الثقة من الوزيرة، والمقدم من أكثر من 60 نائباً، بدعوى عدم وجود عدد من مقدمي الطلب في الجلسة العامة، في أثناء التصويت عليه.