برشلونة وأياكس...الأصل والصورة

21 أكتوبر 2014
تشابه طريقة لعب برشلونة وأياكس"تيكي تاكا"( العربي الجديد)
+ الخط -

يستعد برشلونة الإسباني لاستضافة أياكس الهولندي في الجولة الثالثة بدور المجموعات بدوري الأبطال في لقاء يُعد من ضمن مباريات القمة هذا الأسبوع، ولكن العلاقة التي تربط الناديين قديمة وعميقة لأبعد مدى ولا يمكن اختزالها في مباراة واحدة.

تُعتبر الكرة الشاملة الهولندية التي أبدع أياكس في تقديمها وكانت سبباً في تتويجه بالكثير من الألقاب المحلية والقارية في حقبة السبعينيات هي الأصل والأساس في أسلوب "التيكي تاكا"، الذي يمثل هوية الفريق الكتالوني والمفتاح السحري في تحقيق أغلب إنجازاته

كرويف والبداية
كل شيء له بداية ومع أياكس وبرشلونة فإنها تكون دائماً مع يوهان  كرويف الذي ساهم كثيراً كلاعب ومدرب في النجاحات التي حققها كلا الفريقين على مدار تاريخهما.

لعب كرويف مع أياكس لمدة عقد من الزمان تقريباً ساهم خلاله في تتويج الفريق بالدوري الهولندي لست مرات وبكأس الأندية الأوروبية (دوري الأبطال بمسماه القديم) ثلاث مرات أعوام 1971 و1972 و1973.

انتقل كرويف للبرسا بعدها كأغلى صفقة في تاريخ كرة القدم حينها مقابل 63 مليون بيزيتا ليساهم في انهاء 14 عاماً عجافاً على النادي الكتالوني دون التتويج بلقب الليجا، حيث لعب دوراً مهماً في فوزه بالبطولة موسم 1973-1974.

بعد قضاء أربع مواسم في برشلونة تنقل كرويف بين عدة أندية واعتزل في فينورد خصم أياكس الكلاسيكي عام 1984 ليبدأ مسيرته التدريبية في العام التالي وحقبة جديدة في كرة القدم.

التحوّل
بدأ كرويف عمله التدريبي مع أياكس بتعديل النموذج الرياضي للنادي، وأركانه كانت تتمثل توجيه عناية خاصة لقطاع الناشئين هذا كان حجرة الأساس الأولى، أما الثانية فكان الاعتماد على الأسلوب الهجومي، تحديداً بخطة 3-4-3.

فكرة كرويف عن الكرة الشاملة كانت تتعلق بأن تترك كل عناصر الفريق للضغط والاستباق والتغطية ستكون هي المفتاح لتجنب الهشاشة الدفاعية واستمرار التدفق الهجومي.

كل هذا يأتي بجانب مساعدة الظهيرين ولاعب الوسط الدفاعي لقلب الدفاع في المرتدات وإخراج الكرة للأمام، مع تعديد وظائف الأجنحة في عملية تبادل المراكز التي كانت تؤدي كثيراً إلغاء دور رأس الحربة الصريح لمفاجأة الخصم.

نظرية الأسطورة الهولندية عن الاهتمام بالناشئين والكرة الشاملة أثمرت عن عودة أياكس مجدداً لمنصات التتويج الأوروبية والفوز بكأس الأندية الأوروبية البطلة (دوري الأبطال) مجدداً موسم 1994-1995 ولكن تحت قيادة مواطنه لويس فان جال، الذي اعتمد على الأساس الذي تركه له كرويف.

الاستنساخ
بعد انتهاء حقبته التدريبية لأياكس في الفترة بين (1985-1988) بدأ كرويف تدريب برشلونة الإسباني ليعمل على استنساخ الأسلوب الذي طبقه مع أياكس في النادي الكتالوني.

اعتمد كرويف خلال هذه الحقبة على فكرتي الكرة الشاملة والاهتمام بقطاع الناشئين مثلما فعل في أياكس، خاصة حينما كان لاعباً متقدماً، تحديداً في عام 1979 ، لرئيس النادي حينها جوزيب نونييز بفكرة انشاء أكاديمية لامسيا، كما لو كان يدرك أن الزمان سيدور وينتهي به الحال مدرباً للبرسا للاعتماد على هذا القطاع واستغلاله.

خلال حقبة كرويف التي استمرت حتى موسم 1995-1996 نجح النادي الكتالوني في التتويج بـ11 لقباً من ضمنها الليجا أربع مرات بين 1991 و1994 وكأس الأندية الأوروبية (دوري الأبطال) في موسم 1991-1992.

التهجين
سواء على صعيد المدربين أو اللاعبين كان أياكس دائماً حاضراً في برشلونة، فبعد رحيل كرويف عن تدريب النادي الكتالوني بموسم واحد، جاء الاختيار على مواطنه لويس فان جال.

بدأ فان جال تدريب برشلونة في موسم 1997-1998 بعد تتويجه كمدرب بكأس الأندية الأوروبية موسم 1994-1995 مع أياكس، ونجح مع النادي الكتالوني في الفوز بالدوري موسمي 1997-1998 و1998-1999 وكأس الملك والسوبر الأوروبي في حقبته الأولى مع النادي الكتالوني، ولكنه أثناء الحقبة الثانية في موسم 2002-2003 لم يحالفه التوفيق.

فرانك ريكارد كان أيضا من أبناء أياكس الذين دربوا كلا الفريقين، حيث بدأ مشواره التدريبي مع برشلونة في 2003 وأنهاه في موسم 2007-2008 ، حيث نجح خلال هذا الفترة في التتويج بخمسة ألقاب تنقسم إلى لقبي ليجا ومثلهما في كأس السوبر، بجانب دوري الأبطال موسم 2005-2006.

الأمر لا يقتصر فقط على المدربين، حيث أن برشلونة منذ حقبة كرويف انتقل له 13 لاعباً إما من أياكس بصورة مباشرة أو سبق لهم اللعب في النادي الهولندي ومنهم على سبيل المثال فرانك دي بوير، مدرب أياكس الحالي، وشقيقه رونالد وباتريك كلويفرت وإدجار ديفيدز وزلاتان إبراهيموفيتش ومايكل رايزيغير.

الطفرة
تمثلت الطفرة بالطبع في الحقبة التاريخية لبيب جوارديولا مع برشلونة حيث نجح المدرب الشاب حينها حينما بدأ في تدريب الفريق في موسم 2008-2009 في أقلمة مفاهيم الكرة الشاملة بصورة أكبر مع الخصائص البدنية للاعبي النادي الكتالوني، وهو الأمر الذي لم ينتبه له أي من المدربين السابقين.

أهم فارق بين التيكي تاكا والكرة الشاملة هو أن الأخيرة ترتكز على التحركات واللعب بتحرر كامل للاعبين على أرض الملعب بفضل القوة البدنية للهولنديين حيث نشأت، ولكن ما فعله جوارديولا كان أقلمة هذه المدرسة مع الطابع البنياني الأقل قوة وطولاً للاعبي البرسا والمهارات الموجودة لديهم.

المهارات الفنية، والتفاهم بين عناصر الفريق الذين انتمى أغلبهم لأكاديمية لاماسيا، كانت هي السلاح لمواجهة هذا العيب البدني فالمساحات التي لا يمكن تغطيتها عن القوة البدنية تعالج عن طريق تمركزات مثالية وسرعة تدوير الكرة بتمريرات متقنة، تجعل عملية الارتداد الدفاعي للفريق الكتالوني أقل جهدا بالنسبة لهم وأكثر صعوبة للخصم المجهد من محاولة خطف الكرة.

نتيجة هذا الأمر كانت نجاح تلميذ كرويف النجيب، بيب جوارديولا في التتويج مع برشلونة في غضون أربع سنوات بـ14 لقباً من أصل 19 نافس عليها، من ضمنها لقب دوري الأبطال مرتين وصناعة فريق يعتبره الكثيرون الأفضل على مر التاريخ

المساهمون