بديع خيري.. موليير العربي

17 اغسطس 2019
(بديع خيري، يسار الصورة، مع نجيب الريحاني)
+ الخط -

تمرّ، اليوم، الذكرى السادسة والعشرون لميلاد الكاتب المصري بديع خيري (1893 - 1966)، الذي يُعد من الروّاد المؤسّسين في مجالات المسرح والسينما والأغاني الحديثة. وُلد في حي المغربلين في القاهرة، وبدأ حياته بصورة تقليدية في الكتّاب فحفظ القرآن، وأتمّ تعليمه حتى تخرَج في مدرسة المعلَمين سنة 1905، ليبدأ حياته العملية مترجماً، ثم مدرَساً للجغرافيا واللغة الإنكليزية.

بدأ الكتابة الفنية بالزجل وهو لا يزال في سنوات المراهقة، وكان يرسلها إلى الصحف والمجلات المصرية وينشرها تحت اسم مستعار هو "ابن النيل". بعد عدد من المونولوغات، بدأ الكتابة المسرحية سنة 1908 بمسرحية "أما حتة ورطة". ومع ظهور السينما في مصر، كتب سيناريوهات بعض الأفلام الصامتة ثم الناطقة.

تُعد العلاقة بين بديع خيري وسيد درويش واحدة من أهم الثنائيات الفنية في مجال الغناء والمسرح الاستعراضي، فقد تعارفا مصادفة في الإسكندرية سنة 1912، وكان كل منهما يسمع عن الآخر ويتمنى لقاءه، وقد توطدت بينهما صداقة أسفرت عن قائمة طويلة من الأغاني التي حظيت بقبول جماهيري كبير مثل: "سالمة يا سلامة"، و"الحلوة دي قامت تعجن"، و"دنغي دنغي"، و"الوارثين"، و"شد الحزام"، و"هز الهلال يا سيد"، و"قوم يا مصري"، و"يا شيخ قفاعة"، و"يا اللي قوامك يعجبني"، و"البحر بيضحك ليه"، و"أهو دا اللي صار".

كما غنى له كبار مطربي عصره، مثل: أم كلثوم، ومحمد فوزي، وليلى مراد، وأسمهان، وإبراهيم حمودة، ونجاة علي، ورجاء عبده، وملك محمد، وليلى حلمي، وعزيز عثمان.

انضم نجيب الريحاني إلى الثنائي خيري ودرويش سنة 1916، فأبدعوا توجهاً فنياً جديداً آنذاك وهو الأوبريتات الغنائية الاستعراضية، مثل: "العشرة الطيبة"، و"الجنيه المصري"، و"البرنسيس"، و"أيام العز"، و"لو كنت ملك"، و"مجلس الأنس"، و"الليالي الملاح"، و"الشاطر حسن".

وقد تخلل هذه العلاقة تكوين فرقة مسرحية مشتركة بين سيد وبديع، فشلت في الاستمرار بعد أن قدما مسرحية "الطاحونة الحمراء" سنة 1922، فعادا سريعاً للعمل مع نجيب الريحاني مرة أخرى. وكانت للريحاني وبديع خيري رحلة مشتركة إلى الشام اكتشفا خلالها بديعة مصابني وجاءا بها إلى مصر حيث تزوجها الريحاني.

وكان الريحاني يقوم ببطولة جميع مسرحيات خيري إلى أن رحل الأول سنة 1949، ثم أُسندت المهمة إلى ابنه الفنان الكوميدي عادل خيري إلى أن رحل الأخير سنة 1963 وعمره 32 سنة فتسبب موته بصدمة كبيرة لأبيه، بعدها قام فريد شوقي ببطولة مسرحيات بديع خيري.

عاصر خيري بدايات السينما المصرية الصامتة ثم الناطقة، فقرّر مواكبتها بكتابة سيناريوهات الأفلام منذ 1918، وكان من بين أفلامه الصامتة: "المندوبان"، بينما كتب سيناريو أول أفلامه الناطقة لنجيب الريحاني سنة 1934 وهو "حوادث كشكش بيه".

بعدها توالت كتاباته لسيناريوهات الأفلام مثل: "أحمر شفايف"، و"لهاليبو"، و"العزيمة"، و"الباشمقاول"، و"أنشودة الراديو"، و"انتصار الشباب"، و"جمال ودلال"، و"ما اقدرش"، و"ورد الغرام". وكانت لبديع خيري مشاركة وحيدة في التمثيل في فيلم "ياقوت" سنة 1934.

وكان خيري أول من كتب سيناريو للرسوم المتحركة في مصر، حين كتب سيناريو أفلام الإخوة فرانكلين للرسوم المتحركة في الثلاثينيات، ويُذكر في هذا السياق أنه جدُّ المخرجة عطية عادل خيري مخرجة الرسوم المتحركة.

حين رحل خيري كان عمره 77 سنة، وقد ترك تراثاً ضخماً، يزيد عن سبعين مسرحية، إضافة إلى عشرات الأغاني والأفلام، وقد لقبه محبوه بـ "موليير العرب".

دلالات
المساهمون