يشهد شاطئ الرملة البيضاء في العاصمة اللبنانية بيروت حادثة غريبة مع تلون مياه البحر باللون الأخضر طوال أيام، بالتزامن مع تلقي السلطات اللبنانية رسالة عبر وزارة الخارجية من دولة اليونان تطلب استفسارات بشأن رمي النفايات ومياه الصرف الصحي في البحر المتوسط.
وبحسب الناشط البيئي نزيه الريس، فإن تلون المياه باللون الأخضر الناتج عن تكاثر العوالق الطبيعية حدث بين نقطتين على الشاطئ يحدهما أنبوبان يُستخدمان للتخلص من مياه الصرف الصحي في البحر مباشرة. وعادة ما يلجأ اللبنانيون إلى السباحة في هذه المنطقة كونها الشاطئ الرملي والمجاني الوحيد في العاصمة. ونقلت الصفحات البيئية المختصة بالبحر المتوسط رداً من اختصاصي البيولوجيا البحرية وعلوم البحار، البروفسور ميشال باريش، دعا فيه لضرورة توخي الحذر، لأنه "من غير الطبيعي أن تتكاثر العوالق النباتية على الشاطئ".
ورد باريش الأمر إلى "تسجيل تلوث عضوي يؤدي إلى عوارض صحية قد تظهر على البشر وعلى الكائنات المائية".
كما ربط الخبير المائي بين ارتفاع الحرارة في بيروت وهذه الظاهرة، مؤكدا الحاجة لأخذ عينات من المياه ودراستها بشكل واف لتحديد نوع العوالق وأثرها بشكل أكيد. وهو ما لم يتم حتى اللحظة، إذ لم يُحرك تفاعل المواطنين مع "المياه الخضراء" عبر مواقع التواصل الاجتماعي أي من الجهات الرسمية لمتابعة هذه الظاهرة.
تاريخ من الإهمال للساحل
ولم يقتصر الإهمال الرسمي على مياه البحر في منطقة الرملة البيضاء، بل طاول الشاطئ الرملي نفسه مع تشطيب ورشة بناء منتجع سياحي على الشاطئ المصنف ملكاً عاماً، في تجاهل كامل لقرار صادر عن أعلى هيئة قضائية في لبنان (مجلس شورى الدولة) ألزم فيه محافظة بيروت بوقف أعمال البناء دون جدوى.
ويعود أصل الخلاف إلى تسعينيات القرن الماضي عندما قرر رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، استملاك الشاطئ "لحمايته"، قبل أن يُقرر مجلس بلدية مدينة بيروت السابق برئاسة المهندس بلال حمد، إعادة استملاك الشاطئ من ورثة الحريري مقابل 120 مليون دولار، وهي العملية التي عطلتها جهود الناشطين القانونيين الذين أكدوا أن إعادة الاستملاك لا يمكن أن تتم بمقابل بسبب الملكية العامة لهذا الشاطئ.
وتشهد مناطق ساحلية أخرى شمالي وجنوبي العاصمة انتهاكات جسيمة للقوانين الدولية وتلويثاً مُتعمداً من خلال إنشاء مكبين للنفايات داخل البحر في منطقتي برج حمود والكوستابرافا، في إطار الخطة الحكومية المؤقتة لمعالجة النفايات الصلبة التي أقرتها حكومة الرئيس تمام سلام رغم الاعتراضات الشعبية والبيئية الواسعة التي شهدتها البلاد.