بتكتب يا أحمد؟!

04 يونيو 2015
تعلم السيسي الدرس فلم يتخذ أعواناً إلا من الجيش
+ الخط -

لم يكن انتقال الحكم في مصر من مبارك إلى مرسي ثم السيسي خاليا من الدراما داخل جدران القصر الرئاسي، فبالرغم من ثبات أغلب صغار الموظفين والعاملين بالقصر فإن رجال القصر من الحاشية المقربة من الحاكم اختلفت تماما عبر الأنظمة الثلاثة، وانعكس اختلافهم على سلوك الرئيس.

فبالرغم من ترهل نظام مبارك بعد أن أصيب بالعجز، فإن رجال القصر استطاعوا أن يختموا مسيرتهم المهنية بخطاب مبارك العاطفي الذي خلق انقساما حقيقيا في صف الجمهور المؤيد للثورة، ولولا كارثتهم "يوم الجمل" لاتخذت الثورة سبيلا آخر.

ومأساة نهاية حكم محمد مرسي تتحمل جانباً كبيراً منها اختياراته لرجال القصر من حوله، وتكفي جريمتهم يوم الاتحادية، والتي كانت المسمار الأول في نعش حكم الجماعة.


لذلك تعلم السيسي الدرس جيدا فلم يتخذ أعوانا في القصر من حوله، إلا رجال القوات المسلحة من رفاق العمر وتلاميذ الغد، اختبر ولاءهم جيدا وتأكد من انتمائهم لشخصه، وأغلق باب القصر من خلفهم فلم يستعن بالحرس القديم ولم يصنع حرسا جديدا، فقط بضع رجال لديهم كل الصلاحيات وأرقام التلفونات.

بالرغم من تحلق رجال النخبة من المفكرين والإعلاميين والساسة حول الزعيم الجديد طمعا في دور أمام الكواليس أو خلفها، فإنهم قوبلوا جميعا بالرفض، فلا يجب أن تتحول الأداة إلى لاعب، وأصر السيسي أن يبقى كل في مكانه وممارسة الدور الذي أداه قبل 30 يونيو/حزيران.

لم تكن حادثة مصادرة عدد جريدة الوطن الصادر في 11 مايو/أيار 2015، لمجرد خروج الأدوات عن سيطرة اللاعبين، ولكن حمل مقال مدير تحرير الجريدة بالعدد المصادر معلومات يجب أن تبقى سرا، فقد أخبر "الغطريفي" في مقاله عن قيام أحد "ضباط القصر"من حاشية الرئيس بالكتابة في إحدى الجرائد الخاصة، تحت اسم مستعار للدفاع عن شخص الرئيس وقراراته، والتهجم على معارضيه.

إن صح حديث الغطريفي، وأعتقد أن مصادرة عدد الجريدة ومنع المقال من العدد الجديد دليل صدق، وباجتهاد شخصي بحت أعتقد أن الشكل الأقرب إلى ما قصد هنا، هو عمود "ابن الدولة" في جريدة "اليوم السابع"، وهو العمود الذي تفرد له الجريدة مساحة كبيرة لدرجة أن يكتب الاسم بجوار اسم الجريدة في صدر الصفحة الأولى، كما أشاد به إعلامي السلطة ورفيق رحلات الرئيس الدائم "أحمد موسى".

بغض النظر عن دقة التخمين تظل أزمة لجوء "السيسي" إلى ضابط من حاشية القصر للكتابة بالنيابة عنه، دليلا على عدم ثقته في أي من الكتاب المتبارين في التقرب إليه، وتثبت رعبه من المحيطين إلا دائرة قليلة من ضباط جهازه.

وربما يكون رعبه ذاك تفسيرا آخر لعدم استخدامه تقنيين محترفين لانتاج خطاباته المتلفزة، التي ظهرت بمنتهى السوء في التصوير والإخراج، وكأن القائمين على صناعتها هواة أو ضباط جيش.

وتبقى النتيجة الواضحة هي التشققات الواضحة في معسكر 30 يونيو/ حزيران قبل الذكرى الثانية لها، وبروز الخلافات بين مكونات هذا المعسكر، ويظل الدرس الأزلي بضرورة تجرع "السيسي" من نفس كأس الخيانة التي أذاقها لغيره، مهما ضرب على نفسه من حصار.. فيوما ستتحقق أسوأ كوابيسه.

(مصر)

المساهمون