بعد حلمٍ ظلّ يراوده 33 عاماً، منذ أن لاحقته فضيحة سرقة خطابٍ لزعيم سياسي بريطاني ما أنهى سعيه للرئاسة عام 1987، أصبح ممكناً لجو بايدن، من الآن حتى نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، أن يحمل صفة الرئيس المحتمل الـ46 للولايات المتحدة، بعد فوزه في انتخابات ثلاثاءٍ كبير آخر من تمهيديات الحزب الديمقراطي للمنافسة الرئاسية، في ولايات فلوريدا وأريزونا وإيلينوي، ما جعله يتقدم بـ1147 مندوباً، مقابل 861 لمنافسه بيرني ساندرز. ويترشح للرئاسيات عن الحزب الديمقراطي من يفوز أولاً بـ1991 مندوباً.
ومن الآن فصاعداً أيضاً، أصبح تركيز نائب الرئيس الأميركي السابق، ينصب على خطاب المنافسة العامة، وعلى الخطاب الوطني، في وجه المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي حصل على الترشيح الرسمي لحزبه الثلاثاء، تحضيراً للمعركة الرئاسية الخريف المقبل. وبعد فوز بايدن الأخير ليل الثلاثاء - الأربعاء على منافسه الاشتراكي بيرني ساندرز، واستعادة حملته للرئاسيات، ليس فقط زخمها، بل صدارتها، كما تنبأت بها أولى الاستطلاعات قبل أشهر، يعيد الحزب الديمقراطي، كمنظومةٍ عميقة، ترتيب أوراقه، بمرشحٍ تقليدي، لمقارعة ترامب. ومع فوز نائب الرئيس السابق في الولايات الثلاث الأخيرة، بديمغرافيتها، يُرسل الديمقراطيون كذلك إشارةً قوية أن بإمكانهم التوحد ضد الرئيس الجمهوري، مُرحلين إلى وقت لاحق جدل صراع الأيديولوجيات داخل الحزب بين تياري الوسط واليسار، فيما يبدو ساندرز اليوم مطالباً بالانسحاب سريعاً، تحت حجة كسب "الوحدة" هذه.
ويجري كل ذلك بالنسبة للحزب "الأزرق" في أجواءٍ عبثية. ويحمل تفشي وباء "كورونا" توقعات متناقضة للحزب خلال الفترة المقبلة: من جهة، قد يمنح انتشار الفيروس حجة لساندرز للانسحاب، كما يعطي لبايدن فرصة الظهور كزعيمٍ قادر على إدارة أزمة، لكنه كذلك يضع التمهيديات الديمقراطية وحملات المرشحين الإثنين، برمتها، في مهب الفوضى والتأخير إذا ما قرّر ساندرز البقاء.
اقــرأ أيضاً
وأشارت استطلاعات للرأي أن بايدن تمكن من استقطاب مؤيدين جدد، في طريقه إلى المؤتمر الوطني للحزب في يوليو/تموز المقبل. وبحسب استطلاع أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" وشبكة "إن بي سي" الإخبارية، نشر يوم الأحد الماضي، فإن بايدن يتقدم على منافسه على المستوى الوطني بـ61 مقابل 32 في المائة، وذلك بين أولئك الذين صوتوا في التمهيديات، أو الذين يتحضرون للتصويت. وتعطي استطلاعات ولايتي نيويورك وبنسلفانيا نهاية شهر إبريل المقبل تقدماً أيضاً لنائب الرئيس السابق.
وخلال اليومين الماضيين، جرى تداول هاشتاغ "انسحِب بيرني" على "تويتر"، فيما وُضعت هذه الدعوة في خانة الرغبة في الحفاظ على وحدة الحزب. وساعد "كورونا" على إظهار بايدن كرجل دولة، مقابل ساكنٍ للبيت الأبيض يدير الأزمة كما يدار برنامجٌ تلفزيوني. وفي الوقت ذاته، بدأ نائب الرئيس السابق مغازلة الناخبين التقدميين في الحزب الديمقراطي، عبر دعم خطة ساندرز لجعل التعليم الثانوي والجامعي مجانياً لعدد كبير من الطلاب، وكذلك مناقشة خطط السيناتورة إليزابيث وارن لمحاربة النظام الذي يخدم الأثرياء.
وعلى الرغم من أن ساندرز لم يعط حتى الآن أيّ إشارة بإمكانية الانسحاب، إلا أن أصواتاً عدة بدأت تتخذ من "كورونا" حجّة للمطالبة بذلك. ورأى ديفيد بايلر، في صحيفة "واشنطن بوست"، أنه "من خلال جعل بايدن المرشح الديمقراطي الرسمي للرئاسيات، يُحرّر ساندرز الديمقراطيين، ويجعلهم قادرين على اتخاذ قرارات أكثر عقلانية حول توقيت وكيفية إجرائهم التمهيديات في ظلّ هذه الظروف، كما أنه يحررهم من فكرة أن عليهم اتخاذ القرار المستحيل بين التوجه للتصويت وحماية أنفسهم". وتحت هذا الضغط، قال مدير حملة المرشح الاشتراكي فايز شاكير أمس، إن ساندرز بصدد مراجعة حملته مع مؤيديه خلال الأسابيع المقبلة. أول الانتخابات التمهيدية المقبلة على بعد ثلاثة أسابيع، أما الآن فهو يركز على تعاطي الحكومة مع أزمة كورونا".
ورأت "واشنطن بوست" أن بايدن يقف أمام مهمة حساسة، فهو من جهة يريد التقارب مع داعمي ساندرز، لكنه لن يقبل ألا يرد على أي حملة تهاجمه. وقال مسؤول في حملته: "لن نقبل تشويه ما جنيناه. إذا هاجمنا ساندرز، سنرد". في المقابل، يستبعد المحللون انسحاب المرشح الاشتراكي بسهولة، معتبرين أن المسألة بالنسبة لساندرز ليست سباقاً رئاسياً، بل يخشى أن يؤدي انسحابه إلى إضعاف حركته، التي يرى فيها حركةً من الجذور لتغيير النظام الأميركي بأكمله.
اقــرأ أيضاً
ومن الآن فصاعداً أيضاً، أصبح تركيز نائب الرئيس الأميركي السابق، ينصب على خطاب المنافسة العامة، وعلى الخطاب الوطني، في وجه المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي حصل على الترشيح الرسمي لحزبه الثلاثاء، تحضيراً للمعركة الرئاسية الخريف المقبل. وبعد فوز بايدن الأخير ليل الثلاثاء - الأربعاء على منافسه الاشتراكي بيرني ساندرز، واستعادة حملته للرئاسيات، ليس فقط زخمها، بل صدارتها، كما تنبأت بها أولى الاستطلاعات قبل أشهر، يعيد الحزب الديمقراطي، كمنظومةٍ عميقة، ترتيب أوراقه، بمرشحٍ تقليدي، لمقارعة ترامب. ومع فوز نائب الرئيس السابق في الولايات الثلاث الأخيرة، بديمغرافيتها، يُرسل الديمقراطيون كذلك إشارةً قوية أن بإمكانهم التوحد ضد الرئيس الجمهوري، مُرحلين إلى وقت لاحق جدل صراع الأيديولوجيات داخل الحزب بين تياري الوسط واليسار، فيما يبدو ساندرز اليوم مطالباً بالانسحاب سريعاً، تحت حجة كسب "الوحدة" هذه.
تعيش الولايات المتحدة اليوم، على وقع تفشي "كورونا" في كافة الأراضي الأميركية، أوقاتاً توحي بعدم اليقين حول ماهية الأحداث المقبلة، لاسيما لجهة الخشية من أزمة ركودٍ اقتصادي قد تكون أشدّ من تلك التي سبقتها نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة، وفوضى توقع الخبراء استمرارها أشهراً. هذه الأزمة، ليست بمعناها الصحي، أخباراً جيدة للديمقراطيين، لكنها تبدو كأحد أهم المؤشرات التي تمنحهم، بعد أربع سنوات، الأمل في إمكانية هزيمة ترامب في الرئاسيات المقبلة، من خلال التصويت على إخفاق الرئيس الجمهوري في إدارة أزمة الفيروس. ومع التحشيد القوي في الإعلام، يبدو ترامب اليوم أكثر من أي وقت مضى منذ انتخابه، في موقع الدفاع، وبأضعاف ما مرّ عليه خلال تلك الفترة، من تحقيقين ومحاكمة للعزل، طاولته للنيل منه.
على الرغم من ذلك، فإن انتخابات الثلاثاء قد جرت أيضاً في أجواء مقلقة بالنسبة للحزب الديمقراطي، وسط تفشٍ عالمي للوباء، وإغلاق حدود، وتأثير داخلي على كل أوجه وأنماط حياة الأميركيين، بما فيها التوجه للاقتراع. وبعد تأجيل ولايتي لويزيانا وجورجيا لانتخاباتهما التمهيدية، انضمت كنتاكي الإثنين الماضي إلى أوهيو، عبر تأجيلها تمهيدياتها من 19 مايو/أيار المقبل إلى 23 يونيو/حزيران. كذلك أجّلت ماريلاند التصويت من 28 إبريل/نيسان المقبل، إلى 2 يونيو. وسط كلّ ذلك، أظهرت استطلاعات رأي خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، أن الناخبين الديمقراطيين يثقون في بايدن أكثر لإدارة أزمة وطنية مثل "كورونا"، فيما كان يقع على ساندرز في ذلك الوقت مهمة إثبات قدرته على اقتحام ولايات وديمغرافيات أخفق فيها في مواجهة هيلاري كلينتون منذ أربعة أعوام، وهي مهمة يبدو أنه يفشل فيها. وفي الولايات التي فاز بها أخيراً، تقدم بايدن كثيراً عما حققته كلينتون عام 2016، ما يجعل الحديث عن رغبة للديمقراطيين في التوحد لمواجهة ترامب، فرضية راجحة لتفسير هذا الفوز.
وأشارت استطلاعات للرأي أن بايدن تمكن من استقطاب مؤيدين جدد، في طريقه إلى المؤتمر الوطني للحزب في يوليو/تموز المقبل. وبحسب استطلاع أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" وشبكة "إن بي سي" الإخبارية، نشر يوم الأحد الماضي، فإن بايدن يتقدم على منافسه على المستوى الوطني بـ61 مقابل 32 في المائة، وذلك بين أولئك الذين صوتوا في التمهيديات، أو الذين يتحضرون للتصويت. وتعطي استطلاعات ولايتي نيويورك وبنسلفانيا نهاية شهر إبريل المقبل تقدماً أيضاً لنائب الرئيس السابق.
وعلى الرغم من أن ساندرز لم يعط حتى الآن أيّ إشارة بإمكانية الانسحاب، إلا أن أصواتاً عدة بدأت تتخذ من "كورونا" حجّة للمطالبة بذلك. ورأى ديفيد بايلر، في صحيفة "واشنطن بوست"، أنه "من خلال جعل بايدن المرشح الديمقراطي الرسمي للرئاسيات، يُحرّر ساندرز الديمقراطيين، ويجعلهم قادرين على اتخاذ قرارات أكثر عقلانية حول توقيت وكيفية إجرائهم التمهيديات في ظلّ هذه الظروف، كما أنه يحررهم من فكرة أن عليهم اتخاذ القرار المستحيل بين التوجه للتصويت وحماية أنفسهم". وتحت هذا الضغط، قال مدير حملة المرشح الاشتراكي فايز شاكير أمس، إن ساندرز بصدد مراجعة حملته مع مؤيديه خلال الأسابيع المقبلة. أول الانتخابات التمهيدية المقبلة على بعد ثلاثة أسابيع، أما الآن فهو يركز على تعاطي الحكومة مع أزمة كورونا".
ورأت "واشنطن بوست" أن بايدن يقف أمام مهمة حساسة، فهو من جهة يريد التقارب مع داعمي ساندرز، لكنه لن يقبل ألا يرد على أي حملة تهاجمه. وقال مسؤول في حملته: "لن نقبل تشويه ما جنيناه. إذا هاجمنا ساندرز، سنرد". في المقابل، يستبعد المحللون انسحاب المرشح الاشتراكي بسهولة، معتبرين أن المسألة بالنسبة لساندرز ليست سباقاً رئاسياً، بل يخشى أن يؤدي انسحابه إلى إضعاف حركته، التي يرى فيها حركةً من الجذور لتغيير النظام الأميركي بأكمله.