كانت الممرضة اللبنانية باميلا زينون ترعى، مع زميلة لها، خمسة من الأطفال حديثي الولادة، يبدو الأمر غير ذي أهمية في يومياتها داخل المستشفى الذي تعمل به في العاصمة بيروت، لكنها تحولت فجأة إلى الأمل الوحيد لإنقاذ حياة هؤلاء الرضع بعد وقوع انفجار المرفأ.
ركضت زينون في شوارع المدينة المنكوبة الملتهبة، حيث تلملم من أيادي المارة كل ما يمكن أن يغطي الأطفال بينما هي تقطع بهم الأزقة متجاهلة أن حياتها في خطر، فكل همها أن تحمي حياتهم، وقالت باميلا التي تعمل في قسم الأطفال بمستشفى القديس جورج، لـ"العربي الجديد": "القسم مخصص للأطفال الذين يولدون بوزن أقل من 2 كلغ، أو لديهم صعوبة في التنفس، أو أية مشاكل صحية أخرى، ويحتاجون إلى مساعدة طبية، فيوضعون في حاضنة خاصة".
وتروي: "كان يوماً عادياً. أنا وزميلتي نعتني بخمسة أطفال في الطابق الرابع من المستشفى، ووالد وأم أحد الأطفال متواجدان لزيارة طفلهما، لكن المشهد تبدل فجأة بعد أن سمعنا صوت الانفجار القوي، قبل أن تجتاحنا عاصفة قوية كسّرت الزجاج، ودمرت حاضنات الأطفال، فصار المشهد مرعباً. قمت بحمل ثلاثة أطفال، وحملت زميلتي طفلاً، وأهل الطفل الخامس حملوه. استطعنا الوصول إلى الطابق الأرضي، حيث يوجد قسم الطوارئ، ولم نكن نعلم أن هناك كارثة بكل معنى الكلمة. بدأ توافد المصابين، وانقطع التيار الكهربائي".
وتابعت زينون: "قابلت طبيب الولادة، نديم الحجل، وقام بمساعدتنا، أنا وزميلتي على نقل الأطفال، خرجت ومعي الأطفال إلى الشارع. كنت أركض وأطلب المساعدة من كل من يقابلني خوفاً على الأطفال الذين يحتاجون إلى الدفء، وصار كل من يقابلني يخلع ما يرتديه ليؤمن الغطاء للأطفال، فعندما حملتهم لم يكن أيهم يرتدي ثياباً، ولم يكن لدينا الوقت لتأمين الملابس لهم. حاولت التوجه إلى مستشفيات أخرى في منطقة الأشرفية، ولم أستطع تأمين مكان في أي مستشفى قريب، لأنهم كانوا منهمكين في استقبال مصابي الانفجار".
وأضافت: "واصلنا الركض، وشاهدنا عددٌ من سائقي السيارات، فعرضوا توصيلنا، إلا أن زحام السير أعاق تحركنا، فاضطررنا للنزول من السيارات أكثر من مرة، حتى وصلنا إلى الطريق السريع، فأوقفنا سيارة أوصلتنا إلى مستشفى في منطقة أخرى، وتم تأمين الأطفال فيها".
وقالت باميلا مبتسمة، إن "الأطفال بصحة جيدة، ويتلقون الرعاية الصحية اللازمة، وكان كل همّي أنا وزميلتي أن نحافظ على حياتهم، وهم حالياً بخير".
16 سنة من التصوير الصحافي والكثير من الحروب. أستطيع أن أقول لم أرَ كالذي رأيته اليوم في منطقة الأشرفية, وخصوصاً أمام...
Posted by Bilal Marie Jawich on Tuesday, 4 August 2020