لا وقود في صنعاء ويعيش المواطنون في ظل ظلام دامس، بسبب انقطاع الكهرباء، بينما يعاني السكان من أزمة حادة في المياه منذ أسابيع، وظهرت إلى السطح مؤخراً أزمة جديدة تمثلت في انعدام مادة غاز الطهي المنزلي، لتزداد الحياة صعوبة، في عاصمة البلد الذي يتجاوز سكانه 26 مليون نسمة، ولتصل أبعاد الأزمات إلى رغيف العيش، عوضاً عن المواصلات وخدمات الحياة الأساسية، لكن الحياة تبدو أصعب في مدن يمنية أخرى؛ لوجود حرب شوارع فيها إلى جانب تلك الأزمات الموجودة في العاصمة.
الشوارع تبدو خالية من المركبات معظم الأحيان بسبب استمرار أزمة الوقود، لكنها تمتلئ بالمواطنين، حيث يتنقلون بين الشوارع والأحياء سيراً على الأقدام، للحصول على حاجياتهم ويتحدون الحرب. وبلغ سعر الدبة البترول سعة 20 ليتراً إلى أكثر من 100 دولار، في حين تباع في السوق السوداء بأكثر من 200 دولار، ويصعب في أحيان كثيرة الحصول عليها، إذ أوقفت شركات ومحال أعمالها وبعض محلات المواد الغذائية وصولاً إلى الكثير من المطاعم والمخابز، وحتى بعض المستشفيات، بسبب انعدام هذه المادة.
ومع ذلك كله، يلجأ السكان في المدن اليمنية إلى النكتة السياسية للتقليل من كآبة الأزمة، إذ تبدو الحياة أقدر على تحدي الحرب والصمود في وجهها، فما أن تهدأ الغارات الجوية التي يشنها تحالف عاصفة "الحزم" الذي تقوده السعودية ضد جماعة الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، وكذلك أصوات مدافع الدفاع الجوي، حتى يخرج الناس بالآلاف إلى الشوارع للحديث عنها وعن الأماكن التي استهدفتها، غير أنها "ضاقت" في الأيام الأخيرة، خصوصاً، كما يقول صاحب أحد المحلات.
ويقضي عدد كبير من اليمنيين الأوقات بترديد النكات والتوقعات بنتائج الحرب، كذلك تنتشر الشائعات، لكون الناس يبحثون عن أي شيء جديد.
ويردد صادق الذي أصبح ينتقل على متن دراجة هوائية: "هذه الجرعة"، في إشارة إلى رفع الدعم عن الوقود الذي اتخذه الحوثيون ذريعة للتظاهر قبل أن يسيطروا على العاصمة صنعاء وبقية المحافظات.
وعلى الرغم من الأزمة المعيشية وانعدام الخدمات، وما يترتب على ذلك من وضع إنساني صعب وسوء في التغذية، تبدو صنعاء الأكثر استقراراً بالنسبة للمواطن العادي، بالمقارنة مع تعز، وسط البلاد، وعدن، جنوباً، فباستثناء الغارات الجوية ومخاطر الإصابة بالقذائف المرتدة من الدفاعات الجوية، لا توجد حرب أهلية في الشوارع، عدا أن الحوثيين يستهدفون ناشطي حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن)، ويستهدفون الناشطين والإعلاميين المعارضين لهم بشكل خاص.
وبعض المواطنين الذين نزحوا من صنعاء عادوا إليها مجدداً، لكون المدن الأخرى التي نزحوا إليها ليست آمنة كصنعاء، ويريد كثير من النازحين العودة إلى صنعاء، لكنهم يحتاجون لنحو 300 دولار، مقابل وسائل النقل التي تعيدهم وعائلاتهم إلى العاصمة.