بالاستينو التشيلي...وطنٌ في الغربة

21 نوفمبر 2018
خارطة فلسطين على قميص لاعبي نادي بالستينو (فرانس برس)
+ الخط -
بين القدس في فلسطين المحتلة وسانتياغو عاصمة تشيلي 13 ألفاً و220 كيلومتراً، لكن ارتباطاً وثيقاً يجمعهما منذ سنوات طويلة، هو محور حديثنا اليوم، نادي بالستينو.

حصد نادي بالستينو قبل أيامٍ لقب كأس تشيلي لكرة القدم، للمرة الثالثة في تاريخه والأولى منذ 1977، وذلك بعدما انتصر في النهائي على نظيره أوداكس إيطاليانو.

احتفت العديد من الجماهير الفلسطينية والعربية في العالم بهذا الإنجاز، خاصة أن قميص الفريق يحمل خريطة الأراضي المحتلة. 

من تشيلي إلى فلسطين
تُعتبر الجالية الفلسطينية المهاجرة المتواجدة في تشيلي أكبر مجتمع فلسطيني خارج الوطن العربي، وتشير الأرقام إلى أنها تصل إلى حد 500 ألف نسمة، وقد تركت على مرّ العقود التي قضتها في البلد الواقع في القارة الأميركية الجنوبية بصمة كبيرة في مختلف المجالات.

البداية الأولى للهجرة الفلسطينية إلى تشيلي كانت في خمسينيات القرن التاسع عشر خلال حرب القرم. بحسب المؤرخين ساهم المناخ المشابه لتاريخ فلسطين في تأقلم الوافدين الجدد، وأدى ذلك إلى انتعاش حالتهم، وتلاحقت على أثرها حملات الهجرة خلال الحرب العالمية الأولى حتى النكبة الفلسطينية عام 1948.

نجح الفلسطينيون من يومها في تثبيت أنفسهم في البلد اللاتيني، وذلك بفضل إصرارهم على التطور والتعلم، وبرزوا في مختلف المجالات، من السياسة والاقتصاد والثقافة والرياضة، وبات نادي بالستينو يمثلهم جميعاً.

فلسطين والنادي
بداية الحكاية كانت عام 1920، أي قبل النكبة الفلسطينية بكثير، يومها قرر بعض المهاجرين أن يؤسسوا نادي بالستينو كي يشارك في دوري الدرجة الثانية في أوسورنو. بعد ثلاثين عاماً نجح الفريق في تحقيق لقب دوري الدرجة الثانية ليصعد إلى دوري الأضواء.

يتألف قميص النادي من ألوان العلم الفلسطيني "الأحمر والأخضر والأسود"، وهو دائماً ما يحاول توجيه رسائل للتذكير بالقضية الفلسطينية.

الخريطة والرقم
في عام 2014 أطلق القائمون على النادي زيًّا شكل مفاجأة للجميع في فلسطين والعالمين العربي والعالمي بأسرهما، وحتى للكيان الصهيوني.

استعاض الفريق التشيلي عن الرقم 1 المطبوع على قميص اللاعبين من الخلف بخارطة فلسطين كاملة، من رأس الناقورة حتى أم الرشراش، ليشكل ذلك حالة من التفاعل الكبير والفرح في الشارع الفلسطيني.

هاجمت الجالية اليهودية في تشيلي مدعومة ببعض الدول في القارة اللاتينية قميص نادي بالستينو، وتم رفع احتجاج للاتحاد التشيلي، ليتعرض الفريق لعقوبات مادية، كما حُرم من ارتداء الزي، لأن القوانين ترفض دخول السياسة في الجانب الرياضي.

يومها كتب الحساب الرسمي للنادي على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "بالنسبة لنا، فلسطين حرة ستكون دائماً فلسطين التاريخية، لا شيء أقلّ من ذلك".

مع مرور الوقت لم يتنازل نادي بالستينو عن خارطة فلسطين، فتم وضعها على القميص بطريقة أخرى، ثم ما لبث أن بات مسجد قبة الصخرة حاضراً على قميص اللاعبين من الأمام عند الصدر، وذلك في رسالة للعالم بأسره، أن فلسطين في قلب نادي بالستينو وإدارته وجماهيره والجالية الفلسطينية في تشيلي.

البطولات والإنجازات
في عام 1955 فاز النادي بالبطولة الوطنية الأولى تحت قيادة المدرب الأرجنتيني غييرمو كول، في ذلك الوقت أصبح النادي معروفًا باسم ميلوناريو (المليونير) بسبب قدرته على جذب لاعبين من الطراز الأول.

وفي عام 1975 ظفر الفريق بلقب الكأس، لينجح سنة 1978 في حمل لقب الدوري للمرة الثانية، وهذه المرة بقيادة المدرب التشيلي إلياس فيغيروا، حينها حقق بالستينو رقماً قياسياً جديداً في البطولة المحلية، وذلك من خلال عدد المباريات التي لم يهزم بها، ليعود لرفع لقب الكأس مجدداً في العام عينه، وللمرة الثانية في تاريخه ثم الثالثة قبل أيامٍ قليلة.

عانى الفريق في السنوات اللاحقة بالرغم من أنه أصبح شركة مسجلة ومعترفاً بها عام 2004، وكاد أن يهبط إلى الدرجة الثانية في عام 2006، حين احتل المركز الثامن عشر، فأُجبر على خوض مباراة فاصلة أمام نادي فرنانديز فيال، وبالفعل نجح في البقاء بين الكبار.

كاد بالستينو بعدها أن يتوج بلقب الدوري في الألفية الجديدة، وتحديداً عام 2008 لكنه فشل في ذلك بعدما تفوق على نادي كولو كولو المشهور بشكلٍ كبير محلياً وقارياً.

ولطالما قدمت الجالية الفلسطينية في تشيلي العديد من اللاعبين المميزين، وأبرزهم روبرتو بشارة الذي دافع عن ألوان نادي بالستينو في فترتين وكذلك مثل المنتخب الفلسطيني في العديد من المناسبات.

ولد بشارة يوم 18 أغسطس/ آب 1981 في العاصمة التشيلية سانتياغو، ويبلغ من العمر حالياً 37 عاماً، بدأ ممارسة كرة القدم في الفئات العمرية لنادي يونفرسيداد كاتوليكا عام 1996 قبل أن يتم ترفيعه في العام التالي إلى الفريق الأول، واستمر بصحبته حتى 2001 حين حط رحاله في صفوف نادي بالستينو، فلعب له 97 مباراة وسجل ثلاثة أهداف ليغادر على أثرها لفريق سانتياغو واندررز، لكن بقاءه هناك لم يستمر طويلاً، إذ عاد مجدداً لبالستينو واستمر بصحبته حتى 2013، محرزاً ثمانية أهداف في 168 مباراة، مع العلم أنه دافع عن صفوف منتخب الفدائي في 26 مباراة من عام 2003 حتى 2014.

يُذكر أن أحد أبرز الأسماء التي عملت في نادي بالستينو هو المدرب التشيلي مانويل بيلغريني، والذي أشرف على الفريق بين عامي 1990 و1992.

دلالات
المساهمون