مشروبات مثلجة مرصوفة فى الشوارع، وباقات نعناع ترفرف على قارعة الطريق بانتظار من يشتريها، ومكبرات صوت توزع الضوضاء، وأبواق سيارات تتجاوب مع نداءات الباعة. هذه هي حال سوق العاصمة الموريتانية نواكشوط المركزي. هناك يحمل الباعة المتجولون بضائعهم المتنوعة أو يعرضونها على طاولات في أزقة السوق ويستقبلون المارة بعين واحدة بينما ترصد العين الثانية ما هو أبعد من الزبائن خوفاً من الشرطة التي تطاردهم كما يطاردون أرزاقهم.
مشهد يومي اعتاد عليه سيداتي ولد صمب. يضع منذ عشر سنوات طاولته في السوق يعرض عليها الثياب أو مهما تيسر له، بغية إعالة أطفاله الأربعة. حال مشاهدته الشرطة يقفز ولد صمب ببضاعته ويختفي فى المحل المجاور له حتى إذا تجاوزه الخطر أخرج بضاعته يعرضها كأنّ شيئاً لم يكن.
الشرطة التي تطارده مع الآلاف من الباعة تصادر بضاعتهم بحجة عدم قانونية عرضها في الشارع، لكنّ بعضهم ينجح في العودة إلى السوق بعد دفع ضريبة للبلدية. يعتبر ولد صمب في حديثه إلى "العربي الجديد" أنّ حملات البلدية موسمية ولا تهدف إلى تطبيق القانون إنّما طرد الفقراء والباعة المتجولين من السوق وتركه للتجار الكبار وأصحاب المحال التجارية لأنّ هؤلاء الباعة ينافسونهم فى البيع ويبيعون بأسعار أقل.
وكانت الحكومة الموريتانية قد بنت سوقاً للباعة المتجولين بالقرب من السوق المركزي لكنّ الباعة يعتبرونه غير مناسب، كما أنّ أعدادهم تفوق قدرته الاستيعابية بكثير، كما يتهمون السلطات البلدية بـ"الفوضوية والزبائنية في اكتتاب المستفيدين ما يجعله غير قادر على حلّ الأزمة".
ويتجدد حراك الباعة المتجولين بين حين وآخر إثر قرار حكومي بالشروع في بناء سوق جديد بديل عن السوق المركزي القديم بعد تحذيرات فنية من أنه لم يعد آمناً نتيجة انعدام معايير السلامة. ويطالب الباعة بجناح خاص فى السوق الجديد أو بناء سوق خاص بهم.
اقــرأ أيضاً
محمد ولد الشيباني، وهو بائع متجول أيضاً، يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ "السوق المخصص للباعة المتجولين، المعروف شعبياً بالعنكار، هو سوق لا كهرباء أو خدمات أخرى فيه، بل يشبه كوخاً لا يصلح للبشر، وهناك آلاف الباعة الفقراء لا يضمهم وليسوا مسجلين للاستفادة منه".
يقدّر ولد الشيباني أعداد الباعة المتجولين فى سوق نواكشوط المركزي بالآلاف، ويعتبر السوق المخصص لهم غير فعال. كذلك، يأسف لتهميش الباعة المتجولين ويعتبر أنّ "الحلّ هو في بناء سوق لهم بمواصفات السوق الحقيقي وليس العنكار الحالي لأنّه سجن فقط وليس سوقاً".
يقول ولد الشيباني إنّه يفضل أن يحمل بضاعته على كتفه في الشارع بدلاً من دفع عشرة آلاف أوقية (28 دولاراً أميركياً) شهرياً مقابل محلّ مساحته متر مربع واحد: "الأفضل أن تخفرك الشرطة إلى مركز البلدية فتدفع لها وتعود مجدداً".
الزين ولد القربي، وهو تاجر في السوق المركزي، يعتبر أنّ "أزمة الباعة المتجولين حقيقية وتحتاج إلى حلّ، ولا يمكن أن تستمر لأنهم يغلقون السوق الحالي ببضائعهم المعروضة بشكل فوضوي، وهم يضايقون أصحاب المحلات التجارية التي يستأجرونها بمبالغ طائلة ولا يتمكن الزبائن من الوصول إلى هؤلاء لأنّ الباعة المتجولين يعرضون بضائعهم أمام المحلات وفي الشوارع الداخلية للسوق".
ولد القربي يؤكد أنّ السوق المخصص للباعة المتجولين خطة غير مدروسة وليست حلاً جذرياً خصوصاً أنّ أعدادهم بالآلاف وهم فقراء ولا بدّ من تدخل الدولة لمساعدتهم وحلّ المشكلة. وفي ما يتعلق بهذا السوق المرتقب، يقول ولد القربي إنّه "ما زال في رحم الغيب، فقد جرى الإعلان عنه لكن لا أحد يعرف متى ينجز، فمن المتوقع ألاّ يكتمل إنشاؤه قبل سنوات، بينما قضية الباعة المتجولين ملحة وعاجلة".
لأنّنا فقراء
يروي البائع المتجول سيداتي ولد صمب جانباً من معاناته وأمثاله: "تلاحقنا الشرطة فقط لأنّنا فقراء. الأغنياء لديهم محلات تجارية ويدفعون الضرائب للبلدية، أما نحن الفقراء فلا نملك غير مبالغ بسيطة. ماذا نفعل؟ هل نسرق؟ هل نجلس في البيوت ويقتلنا الجوع مع أطفالنا؟ لن نفعل بل سنبيع في الشارع".
اقــرأ أيضاً
مشهد يومي اعتاد عليه سيداتي ولد صمب. يضع منذ عشر سنوات طاولته في السوق يعرض عليها الثياب أو مهما تيسر له، بغية إعالة أطفاله الأربعة. حال مشاهدته الشرطة يقفز ولد صمب ببضاعته ويختفي فى المحل المجاور له حتى إذا تجاوزه الخطر أخرج بضاعته يعرضها كأنّ شيئاً لم يكن.
الشرطة التي تطارده مع الآلاف من الباعة تصادر بضاعتهم بحجة عدم قانونية عرضها في الشارع، لكنّ بعضهم ينجح في العودة إلى السوق بعد دفع ضريبة للبلدية. يعتبر ولد صمب في حديثه إلى "العربي الجديد" أنّ حملات البلدية موسمية ولا تهدف إلى تطبيق القانون إنّما طرد الفقراء والباعة المتجولين من السوق وتركه للتجار الكبار وأصحاب المحال التجارية لأنّ هؤلاء الباعة ينافسونهم فى البيع ويبيعون بأسعار أقل.
وكانت الحكومة الموريتانية قد بنت سوقاً للباعة المتجولين بالقرب من السوق المركزي لكنّ الباعة يعتبرونه غير مناسب، كما أنّ أعدادهم تفوق قدرته الاستيعابية بكثير، كما يتهمون السلطات البلدية بـ"الفوضوية والزبائنية في اكتتاب المستفيدين ما يجعله غير قادر على حلّ الأزمة".
ويتجدد حراك الباعة المتجولين بين حين وآخر إثر قرار حكومي بالشروع في بناء سوق جديد بديل عن السوق المركزي القديم بعد تحذيرات فنية من أنه لم يعد آمناً نتيجة انعدام معايير السلامة. ويطالب الباعة بجناح خاص فى السوق الجديد أو بناء سوق خاص بهم.
محمد ولد الشيباني، وهو بائع متجول أيضاً، يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ "السوق المخصص للباعة المتجولين، المعروف شعبياً بالعنكار، هو سوق لا كهرباء أو خدمات أخرى فيه، بل يشبه كوخاً لا يصلح للبشر، وهناك آلاف الباعة الفقراء لا يضمهم وليسوا مسجلين للاستفادة منه".
يقدّر ولد الشيباني أعداد الباعة المتجولين فى سوق نواكشوط المركزي بالآلاف، ويعتبر السوق المخصص لهم غير فعال. كذلك، يأسف لتهميش الباعة المتجولين ويعتبر أنّ "الحلّ هو في بناء سوق لهم بمواصفات السوق الحقيقي وليس العنكار الحالي لأنّه سجن فقط وليس سوقاً".
يقول ولد الشيباني إنّه يفضل أن يحمل بضاعته على كتفه في الشارع بدلاً من دفع عشرة آلاف أوقية (28 دولاراً أميركياً) شهرياً مقابل محلّ مساحته متر مربع واحد: "الأفضل أن تخفرك الشرطة إلى مركز البلدية فتدفع لها وتعود مجدداً".
الزين ولد القربي، وهو تاجر في السوق المركزي، يعتبر أنّ "أزمة الباعة المتجولين حقيقية وتحتاج إلى حلّ، ولا يمكن أن تستمر لأنهم يغلقون السوق الحالي ببضائعهم المعروضة بشكل فوضوي، وهم يضايقون أصحاب المحلات التجارية التي يستأجرونها بمبالغ طائلة ولا يتمكن الزبائن من الوصول إلى هؤلاء لأنّ الباعة المتجولين يعرضون بضائعهم أمام المحلات وفي الشوارع الداخلية للسوق".
ولد القربي يؤكد أنّ السوق المخصص للباعة المتجولين خطة غير مدروسة وليست حلاً جذرياً خصوصاً أنّ أعدادهم بالآلاف وهم فقراء ولا بدّ من تدخل الدولة لمساعدتهم وحلّ المشكلة. وفي ما يتعلق بهذا السوق المرتقب، يقول ولد القربي إنّه "ما زال في رحم الغيب، فقد جرى الإعلان عنه لكن لا أحد يعرف متى ينجز، فمن المتوقع ألاّ يكتمل إنشاؤه قبل سنوات، بينما قضية الباعة المتجولين ملحة وعاجلة".
لأنّنا فقراء
يروي البائع المتجول سيداتي ولد صمب جانباً من معاناته وأمثاله: "تلاحقنا الشرطة فقط لأنّنا فقراء. الأغنياء لديهم محلات تجارية ويدفعون الضرائب للبلدية، أما نحن الفقراء فلا نملك غير مبالغ بسيطة. ماذا نفعل؟ هل نسرق؟ هل نجلس في البيوت ويقتلنا الجوع مع أطفالنا؟ لن نفعل بل سنبيع في الشارع".