مركز دراسات دنماركي: هكذا اكتمل "الهلال الشيعي" لإيران في سورية

10 أكتوبر 2018
تعزيز النفوذ الميداني لإيران بالمنطقة (Getty)
+ الخط -
نقلت صحيفة "يولاندس بوستن" الدنماركية عن خبراء في القضايا الاستراتيجية الدولية، في المركز الدنماركي للدراسات الدولية، ومدير أبحاثه لارس ايرسلوف أندرسن، قولهم إن "آخر ثغرة في الهلال الشيعي من إيران إلى البحر المتوسط جرى سدها مؤخرا".

ووفقا للصحيفة، فإن مساحة حدودية بين العراق وسورية تقدر بعشرين كيلومترا "انتهت إيران من السيطرة عليها أخيرا، ومع أن تلك المنطقة قاحلة، تهب فيها الرياح الصحراوية، فهي تشكّل اليوم نقطة جذب كبيرة في الاهتمام السياسي الاستراتيجي بالسيطرة العسكرية الإيرانية على الحدود، وذلك يشكل نقطة تحول في الصراع العنيف بين الأميركيين وإيران على النفوذ في الشرق الأوسط".

ويذكر مدير الأبحاث أنه "مبدئيا يمكن القول إن أفراد الحرس الثوري يمكنهم الآن قيادة سيارة جيب من طهران إلى شاطئ المتوسط". 

ووفقا لتقييم المركز الدنماركي، فإن "تقارير استخباراتية أميركية وإسرائيلية تكشف عن قواعد عسكرية في المنطقة، تضم نحو 8 آلاف مقاتل شيعي مدعومين من إيران، يقفون في صف الديكتاتور السوري بشار الأسد، وبهذه الطريقة استطاعت إيران بعيدا عن الأضواء السيطرة على جانبي الحدود السورية والعراقية".

ويؤمن باحثو مركز الدراسات أن "قضية الهلال الشيعي لم تعد قضية مجردة أو تخمينا، بل تعبر عن طموح إيران بالتحكم بالتوازنات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط"، نقلا عن لارس إيرسلوف أندرسن لـ"يولاندس بوستن".

ويعرف أندرسن في الأوساط الأكاديمية والإعلامية لخبرته الطويلة في قضايا الشرق الأوسط، وعمل لسنوات مديرا لمركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أودنسه، وزار وأقام في عدد من دول المنطقة، بما فيها إيران ولبنان.

ويعتبر أندرسن أن "سد الثغرة أخيرا سيجعل إيران قادرة على التحكم السياسي الجغرافي وصولا إلى التمركز القوي في لبنان وسورية في المتوسط، وذلك يعزز سيطرتها ونفوذها في مناطق التواجد الشيعي بكل المنطقة العربية، وهي لا تخفي سرا أنها تسعى لهذا الهلال". ويضيف أن "التخيل الذي كان سابقا عن وجود طريق سريع من طهران إلى بيروت هو اليوم حقيقة".

ولتوضيح المقصود بـ"الهلال الشيعي"، استعانت الصحيفة بغرافيك عن "الهلال"، ونبذة عما سمته "النزاع التاريخي بين السنة والشيعة"، وأوردت أن "هذه القضية قائمة بعد مرور 1400 سنة، لكن جوهر الصراع اليوم يكتسي طابعا سياسيا على النفوذ بإلباسه ثيابا دينية".

وتشير صحيفة "يولاندس بوستن" إلى أن "إيران استغلت الحرب في سورية لتقوية موقعها في العراق، ثم أخذت تدعم (رئيس النظام) السوري الأسد الأقرب إليها ولنهجها الشيعي عبر مده بمليشيات وقوات إيرانية، ومن لبنان الذي يسيطر عليه "حزب الله" أرسل الأخير مقاتليه ليلعب دورا حيويا إلى جانب الأسد".

وتعيد الصحيفة التذكير بأن "إيران استعرضت عضلاتها في لعبة سياسية كبيرة بجعل السعودية عدوتها كممثلة للطرف السني، وأكثر تعبيرا عن ذلك الحرب بالوكالة في اليمن".

يرى باحثو المركز الدنماركي للدراسات أن "إلغاء وجود تنظيم "داعش" ذهب في الاتجاه الذي رغبه الإيرانيون، إذ جرى إرسال قوات موالية لهم، ونشر الحرس الثوري مليشيات فيما يعتبره الهلال الشيعي، وينتشر الضباط الإيرانيون في كل مكان، ويقدمون رواية أنهم يحمون المراقد الإسلامية الشيعية في أماكن انتشارهم".

 أفكار غريبة أصبحت أمراً واقعاً..

وعرض يولاندس بوستن، نقلا عن باحثي "الدنماركي للدراسات"، لتاريخ بدء فكرة الهلال الشيعي، إذ "قبل 15 سنة طرحها ملك الأردن عبدالله الثاني (..) وما اعتبر فكرة غريبة أصبح اليوم أمرا واقعا يجري تحقيقه". 

مدير الأبحاث أندرسن يرى أن "الاستراتيجية الإيرانية كانت تعي دوما أهمية تعزيز النفوذ، وأيضا في علاقاتها مع السعودية، وثمة شك حول ما إذا خططوا فعليا لتنفيذ هذا الهلال أم أنهم استغلوه في الظروف الناشئة".

وتوضح الصحيفة أن "الدور الذي يلعبه الحرس الثوري الإيراني هو الأهم في استراتيجية النفوذ في دول الجوار". ويقدر المركز الدنماركي "وجود نحو 100 ألف مقاتل يشرف عليهم الحرس الثوري في سورية، وهؤلاء جرى تدريبهم إيرانيا، واستقدمت مجموعات خارجية أجنبية إلى سورية لدعم النظام بتسليحها وتدريبها والتحكم بها من خلال مراكز تحكم في سورية وإيران، وهذا إلى جانب سيطرة تامة لإيران على "حزب الله" الذي يسيطر بدوره على لبنان".

وللوقوف على حيثيات ما يجري من صراع على الحدود والهيمنة عليها، تنقل الصحيفة عن باحثي المركز الدنماركي أن ما يجري "سواء بالتصريحات الأميركية الأخيرة أو خطوات حصار إيران، تستهدف اساسا فرملة التدخل والنفوذ الإيراني المتزايدين في البلدان المجاورة، ولهذا السبب أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن قوات بلاده في سورية ستبقى على الأرض، بعكس تصريحات الرئيس دونالد ترامب عن انسحابها بعد القضاء على "داعش"".

يرى هؤلاء أن المنطقة التي سيطر عليها الإيرانيون أخيرا، "وإن بدت صغيرة بين البوكمال (في سورية) والقائم (في العراق)، تستكمل النفوذ الإيراني، بميلشيات عراقية مدعومة بقوة، وفي الجانب السوري تحشيدات من مقاتلين أجانب من بقاع مختلفة حول العالم، جمعتهم إيران في معسكر واحد، وتعرض هؤلاء مرات عدة لقصف جوي إسرائيلي، آخرها في يونيو/ حزيران الماضي".

وتختم الصحيفة بتصريحات للجنرال الإيراني قاسم سليماني، مخاطبا الأميركيين وحلفاءهم في المنطقة بالقول: "نحن قريبون منكم، إذا ما بدأتم الحرب فنحن من سينهيها، أنتم تعرفون أن حربا ستعني تدمير كل شيء، كل شيء تملكونه".

أما سكان القائم، فتمضي الصحيفة لتذكر: "الناس فيها يريدون العيش بسلام، وأن تنسحب المليشيات، وفقا لما قال رئيس بلدية القائم أحمد جديان".

المساهمون