عالم كرة القدم صغير جداً ويسمح بالكثير من المفاجآت وربما اللقاءات غير المتوقعة، فبعد عدم اقتناع الأوروغواياني أوسكار واشنطن تاباريز بغابرييل باتيستوتا بمساعدته ليصبح واحداً من أفضل المهاجمين في تاريخ الأرجنتين لا يوجد شيء مستحيل.
إنه عالم مليء بالصدف، ولذا يسمح للأصدقاء بالالتقاء مجدداً وللتلميذ وأستاذه أيضاً، ربما بصورة ودية، ربما في منافسة، وربما صدفة ولكن مثل هذه الأشياء شائعة الحدوث ووقعت بالفعل بين تاباريز وباتيستوتا.
يقول تاباريز حول أول لقاء جمعه بـ"غابي" بعد أن صنع له اسماً في إيطاليا "باتيستوتا لم يتغير أبداً، إنه لم يجعل النجاح يؤثر في شخصيته كما أنه ممتن كثيراً لكل من عمل معهم، لا يوجد سبب يدفعه لهذا، ولكن هذه هي طبيعته والطريقة التي اختارها في حياته".
وحدث هذا اللقاء أثناء زيارة تاباريز لإيطاليا في 1994، حيث توجه لحضور تمرين فيورنتينا، ويسرد المدرب الأوروغواياني "لقد كان فيورنتينا حينها في دوري الدرجة الثانية وبعد انتهاء التدريبات رآني واقترب مني لتحيتي حيث كنت أقف مع مدربه رانيري الذي قال لي مازحاً (أنت من دربت هذا الشيء الضخم)، وقبل أن أرد قال باتيستوتا (من دون هذا السيد لم أكن لأصل إلى هنا أبداً)".
يضيف تاباريز "سبق أن سمعت مثل هذا الكلام في برامج التلفزيون، إنه يدين لي بأشياء وبأنني من طورته ولكن قبل كل شيء هو كان صاحب الجهد والعمل، ما قاله اعتبرته مجاملة وقبل أي شيء تأكيداً على أنه لا يزال نفس الفتى الأرجنتيني الطيب الذي كنت أعرفه".
كان اللقاء الثاني بين تاباريز وباتيستوتا في إيطاليا يحمل طابعاً تنافسياً هذه المرة وليس ودياً وذلك في عام 1996 وفي بطولة كأس السوبر الإيطالي بين إيه سي ميلان الذي كان يدربه "المايسترو" وفيورنتينا باتيستوتا، يقول تاباريز حول تلك الذكريات "في تلك المباراة وقبل سبع دقائق على نهاية المباراة سجل باتيستوتا هدف الفوز لفريقه من ضربة حرة في المباراة التي انتهت لفيورنتينا 2-1".
لا تتعلق ذكريات تلك اللحظة بهدف باتيستوتا وخسارة لقب السوبر فقط، بل بما فعله "باتيغول" بعدها، حيث يضيف تاباريز "وسط الفرحة المنطقية التي سببها هدفه إلا أنه وجد وقتاً ليقترب من دكة البدلاء، حيث كنت موجودا ليعتذر لي وهو شيء لا يصدقه عقل في ظل هذه الظروف".
في المقابل هكذا كانت قوة وطبيعة العلاقة بين باتيستوتا وتاباريز، شيء فريد من نوعه من لاعب يعتبره الجميع بمثابة البطل الذي يستحقه عالم الكرة ولكنه أدار ظهره له في لحظات عديدة وبالأخص كأس العالم.
كم من لاعب مثله في ظل هذه الظروف كان سيفكر في أن الهدف الذي أحرزه وجلب اللقب لفريقه ربما يكون أضر بمن ساعده على صناعة مجده الشخصي؟ قليلون بكل تأكيد، ولكن باتيستوتا كان لا يزال يحمل داخله أخلاق وسمات التواضع التي اكتسبها من نشأته الريفية.