انهيار سد الفرات مسؤولية الأسد والمحتلين

01 ابريل 2017
+ الخط -
حين كنا صغاراً، قال لنا أساتذتنا، في مدارس سورية الابتدائية، إنّ سدّ الفرات أهم منجزات "الحركة التصحيحة"، دون أن يوضحوا ماهية هذه الحركة، وأهدافها، ونتائجها.

بعد سنوات طويلة عرفنا أن "الحركة التصحيحية" التي قادها حافظ الأسد، ما هي إلا حركة انقلابية داخل حزب البعث السوري قادها الأسد الأب عام 1970، وقضى من خلالها على معارضيه داخل الحزب، ليتفرد مع الموالين له بقيادة الحزب الذي تحوّل حينها من حزب يحوز السلطة بسورية نتيجة انقلاب عسكري حصل عام 1963، إلى حزب "يقود الدولة والمجتمع" وفق الدستور السوري الذي فصّله الأسد الأب عام 1973، وأطلق عليه اسم "الدستور السوري الدائم"، ليوصل رسالة باكراً إلى الشعب السوري مفادها أن "سلطة البعث والأسد ستكون دائمة" وبنص الدستور.


اليوم وبعد مرور ما يقارب سبعة وأربعين عاماً على "الحركة التصحيحية"، يترنح سد الفرات ويوشك على الانهيار، ليشكل انهياره المنتظر أكبر كارثة عمرانية وسكانية وبيئية، فالسد يحجز خلفه الآن بحيرة طولها ثمانون كيلومتراً وعرضها ثمانية كيلومترات تحوي نحو 12 مليار متر مكعب من المياه.

إن انهيار السد المنتظر سيعني غرق مدن وبلدات الرقة ودير الزور والطبقة والمنصورة ومعدان والبوكمال وموحسن والعشارة، بالإضافة إلى مئات القرى والمزارع المنتشرة على ضفتي مجرى النهر وصولاً إلى الحدود العراقية السورية، ليصل الفيضان بعدها إلى الأراضي العراقية ويتسبب بعدها بغرق مناطق واسعة على ضفتي النهر في الأراضي العراقية.
لقد تسبب القصف الجوي المباشر على السد، والذي تشنه طائرات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، منذ أيام قليلة، باحتراق غرف وتجهيزات التحكم بالسد، ما أدى لتوقفه عن العمل، وبالتالي تحوّل السد إلى كتلة ضخمة ميتة من الخرسانات والردم، تحجز خلفها كل دقيقة المزيد من المياه.

وعلى الرغم من النداءات التي وجهها العاملون في السدّ والمعنيون من النشطاء السوريين، لإيقاف العمليات العسكرية التي يقودها التحالف الدولي، فقد تواصل القصف على السد، ما أدى إلى مقتل مدير السد وأحد مساعديه، أثناء محاولتهم وبطرق بدائية فتح بوابات المفيض في أعلى السد، وهي البوابات التي تقوم بإفراغ الزائد عن قدرة السد الاستيعابية من المياه.

يتحمل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، و"قوات سورية الديمقراطية" التي يدعمها، مسؤولية تدمير السد المباشرة، وبالتالي يتحمل هؤلاء مسؤولية الكارثة التي ستنجم عن انهياره، لكن نظام الأسد، الذي رعى الإرهابيين، وفتح لهم معسكرات تدريبية، ليرسلهم إلى العراق خلال العشرية الماضية، ليعيثوا فساداً هناك ويخربوا، بتعليمات من إيران، المقاومة العراقية، قبل أن يعيدهم هذا النظام، قبل خمس سنوات، إلى سورية ليحاربوا هذه المرة "الجيش الحر" وفصائل المعارضة السورية، يتحمل المسؤولية أيضاً عما يجري في سد الفرات؛ فلولا وجود "داعش"، لما كان التحالف موجوداً، ولما حصلت "قوات سورية الديمقراطية" التي تشكل المليشيات الكردية عمادها على الدعم الدولي لتحارب "داعش".

اليوم توشك أبرز منجزات "الحركة التصحيحية"، وفقاً لمناهج البعث التعليمية، على الانهيار، لكن نظام البعث الذي أنتجته "الحركة التصحيحية"، ما يزال واقفاً في دمشق، على دعائم بنتها إيران وروسيا والولايات المتحدة، غير مكترث بانهيار سد الفرات وانهيار البلاد برمتها وموت وتهجير أهلها.

7A81DF96-D4DF-4447-B4DF-E3B0041104DA
رامي سويد

صحافي سوري من حلب، يحمل إجازة في القانون وماجستير في عقود التجارة الدولية. من أسرة "العربي الجديد".يقول: الكتابة أداة تواصل وفعل لتوثيق الفكرة والحدث. نحن نكتب لنحاول أن نصنع التغيير من خلال التعبير..