انقطاع الكهرباء يغيّر عادات العراقيين

24 اغسطس 2015
راج استخدام المولّدات الصغيرة (فرانس برس)
+ الخط -
انقطاع الكهرباء عن بيوت العراقيين ومقرات أعمالهم يؤثر في عاداتهم الاجتماعية بشكل ملحوظ. وينسحب الأمر على الحياة اليومية لأفراد العائلة والموظفين والطلاب على حدّ سواء. حتى أنّه يؤثر على إنتاجية كثيرين من بينهم.

وتعتبر "التعلولة" أو الجلسة المسائية إحدى أبرز العادات العراقية التي يتبادل فيها الأقارب والأصدقاء والجيران أطراف الحديث في الشأن العام. لكنّ هذه العادة تخلّى كثير من العراقيين عنها بسبب انقطاع الكهرباء.

ويقول محمد صالح (36 عاماً): "لم تعد هناك رغبة كبيرة في الجلسات المسائية بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وحرارة الجو الشديدة. فالجميع مشغولون بتبريد أجسامهم بالماء والتخلّص من الحر الشديد". ويتابع: "انقطاع الكهرباء أثّر بشكل كبير على عاداتنا وتقاليدنا، فلم يكن بيت يخلو من جلسة الأصدقاء أو الأقارب أو الجيران سابقاً. واليوم باتت التعاليل تثقل على العائلات بشكل كبير".

كذلك، فإنّ من عادات العراقيين الزيارات الخاصة مساءً مصطحبين أطفالهم معهم. لكنّهم يتركون هذه العادة تدريجياً منعاً لإحراج أصحاب المنزل بسبب انقطاع الكهرباء.

وتقول سلمى مظفر (29 عاماً)، إنّ "الزيارة لو تمت اليوم لوجدت الجميع فيها يحمل في يده مهوئة يحرّك بها الهواء على وجهه يمنة ويسرة". وتضيف سلمى لـ"العربي الجديد": "ينشغل الجميع بموجة الحر وانقطاع الكهرباء، فيما باتت زيارة الأهل وفقاً لعاداتنا مزعجة. ويلجأ كثيرون إلى توفير مهاوئ صغيرة للضيوف لتحريك الهواء على وجوههم تخفيفاً لحرارة الجو الشديدة، وهو أمر محرج. لذلك قمنا بتأجيل تلك الزيارات حتى إشعار آخر".

من جهتهم، يلجأ كثير من الشباب إلى المقاهي الشعبية التي تستعيض عن الكهرباء الوطنية بالمولّدات الصغيرة. وذلك لسماع الأخبار أو التواصل مع أصدقائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب انقطاع الكهرباء في منازلهم.

من هؤلاء علي عامر (33 عاماً)، الذي يتواجد يومياً في مقهى شعبي في منطقته بوسط بغداد. يقول عامر لـ"العربي الجديد": "الكهرباء مشكلة كبيرة غيّرت الكثير من عاداتنا وتقاليدنا، فبدلاً من جلستنا المسائية مع أهلنا في المنزل أصبحنا نلجأ إلى المقهى بحثاً عن الكهرباء لمعرفة آخر الأخبار أو التواصل، ما ينعكس على العائلة العراقية وطريقة قضائها للوقت داخل المنزل".

النقطة التي يشير إليها عامر تتعلق أيضاً بأماكن النوم وأوقات الصحو والدوام الرسمي وقضاء احتياجات المنزل، فكثير من هذا يغيّره انقطاع الكهرباء. ويقول جبار ياسين (47 عاماً): "منّا من ينام في حديقة المنزل مغطياً نفسه بشرشف مبلل بالماء لتخفيف درجة حرارة جسمه، أو على سطح المنزل ليلاً بعد تبريد السطح بالماء إنْ توفّر قبيل الغروب لامتصاص حرارته. هذا إن استطاع أحدنا النوم بلا كهرباء مع انتشار البعوض. فتجد حتى مواعيد استيقاظنا صباحاً لقضاء الاحتياجات المنزلية أو الدوام قد تغيّرت".

ويعاني الموظفون وطلاب الجامعات من صعوبة بالغة في توزيع أوقاتهم للقراءة، أو إكمال بعض الأعمال الوظيفية والملفات في المنزل لعدم توفر الكهرباء وارتفاع حرارة الجو الشديدة. يضاف إلى ذلك عدم تمكنهم من النوم باكراً وعدم إنجاز المطلوب منهم، ما ينسحب على قدراتهم العلمية والعملية.

ويقول صالح العبيدي (53 عاماً)، وهو موظف في دائرة رسمية، إنّ الموظف العراقي يعيش في حالة سيئة جداً، فهو غير مرتاح في منزله إطلاقاً، ويخرج من دائرته ليبحث عن طريقة يخفف بها من حرارة الجو لعائلته وأطفاله، وطريقة أخرى لقضاء بعض ساعات الراحة والنوم.

أما الطالب الجامعي عبد الله حازم (22 عاماً)، فيقول: "كطلاب لم يعد بمقدورنا متابعة دروسنا بشكل جيد، فالحرارة شديدة ولا أحد يستطيع النوم ودرجات الحرارة تعدت نصف درجة الغليان". ويضيف لـ"العربي الجديد": "لقد عدنا إلى القرون الوسطى وأصبحنا نقرأ ونكتب وندرس على ضوء الشموع والفوانيس. وكلّ هذا سببه السياسات الخاطئة للحكومة العراقية ومؤسساتها التي لم تتمكن حتى اليوم من حل معضلة الكهرباء المستمرة منذ 13 عاماً بسبب الفساد الإداري والمالي وجشع الأحزاب والكتل السياسية التي حوّلت البلاد إلى خراب".

بدورهم، يقول متخصصون في علم النفس إنّ انقطاع الكهرباء يؤدي إلى تراجع أداء العراقيين في كافة المجالات العلمية والعملية والإنتاجية، ما يشكل خسائر كبيرة للبلاد. وكذلك يعتبر الأمر من العوامل التي تدفع العراقيين للهجرة خارج البلاد.

إقرأ أيضاً: كهرباء الموصل.. عقاب لداعش ومأساة للمدنيين