يستأنف مجلس الشيوخ الفرنسي اجتماعاته لدراسة نص قرار "الاعتراف بالدولة الفلسطينية"، من أجل التصويت عليه يوم غد الخميس، وتأتي عملية التصويت بعد أسبوع على القرار الذي تبنته الجمعية الوطنية، في الثالث من الشهر الجاري، بنسبة 339 صوتاً.
وخلافاً للبرلمان، يبقى الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الشيوخ أصعب لأن الأغلبية في مجلس الشيوخ هي من اليمين، حيث بدت صفوف المجلس منقسمة حول الموضوع.
وكان عدد من نواب اليمين قد صوتوا لصالح القرار في البرلمان، رغم التوجيهات التي أعطيت لهم بعكس ذلك، إلا أن الصورة تختلف في مجلس الشيوخ كونهم الأغلبية.
وقد شهدت كواليس المجلس أكثر من لقاء وتحرك في الأيام الماضية في محاولة لبلورة المواقف والتقريب في وجهات النظر في ضوء الخلافات القائمة، وعقد رئيس المجلس، جيرار لارشيه، اجتماعاً، أمس الثلاثاء، مع سفير فلسطين في باريس، هايل فاهوم، الذي أكد للارشيه "أهمية صدور القرار، وضرورة أن تكون الديناميكية إيجابية بعد أن وجه البرلمان الفرنسي رسالة تاريخية للعالم".
ويسعى رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، جان بيار رافاران، لإيجاد صيغة توافقية يسودها إجماع، إذ وبعد الاتفاق على نص القرار من بين ثلاثة مشاريع نصوص قدمت، يطالب عدد من نواب اليمين الفرنسي بتعديل "بعض الكلمات في نص القرار"، والتي تدعو فيها الحكومة إلى "الاعتراف الفوري بدولة فلسطين"، ووضع كلمة "في الوقت المناسب" بدلاً منها.
ولم يلق إصرار عدد من نواب اليمين على استبدال عبارة "فوري" بـ"الوقت المناسب"، وما جاء في كلمة وزير الخارجية، لوران فابيوس، "في الوقت المناسب"، آذاناً صاغية لدى نواب اليسار في المجلس، ورفض أعضاء اليسار في مجلس الشيوخ ما سموه بـ"المزايدات".
وأكد لارشيه في اجتماعاته، أن هناك إجماعاً على ضرورة إقامة دولة فلسطينية وضرورة وجود آلية للعودة إلى المفاوضات، وأفادت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن المهم اليوم هو التوصل إلى اتفاق.
وكانت لجنة الشؤون الخارجية قد استمعت، منذ أيام قليلة، إلى شهادة سفير فلسطين، هايل فاهوم، وسفير إسرائيل، يوسي غال، في باريس قبل الاستماع إلى مداخلة وزير الخارجية، لوران فابيوس.
وأثارت مداخلة يوسي غال، موجة من ردود الفعل الغاضبة، وقالت نائبة رئيس المجلس، باريزيا خياري، لـ"العربي الجديد"، إن "سفير إسرائيل قدم صورة كارثية، وكأن الأمور وصلت إلى نهاية العالم، ولم يقدم طروحات سلام، ولكن طروحاته كانت تهدف إلى منعنا نحن كبرلمانيين من التصويت على القرار".
وأضافت: "هذا أمر غير مقبول إطلاقاً، فقد أدت تصريحاته إلى خلق ردة فعل عكسية، لأنه حتى الذين لم تكن لديهم نية في التصويت على القرار، غيروا رأيهم بعد أن استمعوا إليه".
ويرى المحللون أن التصويت من مجلس الشيوخ سيكون خطوة إضافية على الطريق الصحيح إذا تمت بعيداً عن المزايدات والمهاترات الداخلية.
لكن الملاحظ أن قضية فلسطين، والتي قطعت أشواطاً كبيرة في فرنسا، خصوصاً لدى الرأي العام، لا تزال رهينة حسابات داخلية تستخدم في النقاش الداخلي، والعديد منها يخضع للوبيات مؤيدة لإسرائيل.