غير أن مسؤولين اثنين بارزين في البيت الأبيض يقرّان في مؤتمر صحافي هاتفي مصغّر، شاركت فيه "العربي الجديد"، عقب إعلان القرار الرئاسي الأميركي برفع العقوبات عن إيران، بأن "الإفراج عن المعتقلين لا علاقة مباشرة له بالاتفاق النووي".
ويوضح المسؤولان، اللذان تحفّظ البيت الأبيض على الكشف عن اسميهما، أن "المفاوضات الطويلة زمنياً مع إيران بشأن مشروعها النووي، جعلت من السهل على المسؤولين الأميركيين التواصل مع نظرائهم الإيرانيين. وهو ما ساعد على إجراء مفاوضات جانبية بشأن من تمّ الإفراج عنهم".
ويؤكدان أن "الولايات المتحدة من جانبها قررت الإفراج عن سبعة إيرانيين معتقلين لديها، فضلاً عن إلغاء التهم عن 14 إيرانياً، من دون الإدلاء بأي تفاصيل عن تلك القضايا وأصحابها. ومن الجانب الإيراني تم الإفراج عن خمسة أميركيين من أصل إيراني، متهمين بقضايا جائرة". غير أن مصادر أميركية أخرى، أفادت بأن "هناك سجينين أميركيين على الأقلّ، لا تزال إيران ترفض الإفراج عنهما، أحدهما عميل سابق في مكتب التحقيقات الفدرالية (إف بي آي)".
اقرأ أيضاً: الرئيس الإيراني يدعو لإصلاحات اقتصادية وتقليل الاعتماد على النفط
ويرى مؤيدو أوباما أن "الفائدة الحقيقية من الاتفاق النووي، أنه أدّى لنزع مخالب إيران النووية، أو ربطها لبضع سنوات مقبلة على الأقلّ". في حين يرى مهاجمو إدارة أوباما، أن "ما فعلته لم يكن سوى إنقاذ لنظام طهران من الانهيار، ولن يؤدي إلا إلى تنامي النفوذ والغطرسة الإيرانية في المنطقة، وتحويل إيران إلى قوة اقليمية تقليدية واقتصادية على حساب جيرانها".
ويستند المنتقدون في آرائهم إلى أن "تطبيق الاتفاق مع إيران يأتي في وقت أصبحت فيه أسعار النفط والغاز المنخفضة، جنباً إلى جنب مع استمرار العقوبات الاقتصادية، كفيلة بإسقاط النظام الإيراني والتخلّص نهائياً من الخطر النووي والتقليدي بضربة واحدة".
ومن سوء طالع الإدارة الأميركية الحالية، أن نجاح المفاوضات مع إيران تأخر كثيراً إلى أن تزامن بدء تطبيقه مع حملات السباق الرئاسي الأميركي، فما كان من المتنافسين الجمهوريين على تمثيل حزبهم إلا التنافس أيضاً في توجيه الانتقادات المتشددة لما أقدمت عليه الإدارة.
ويتصدّر أبرز ثلاثة مرشحين جمهوريين حملات الهجوم على الإدارة الديمقراطية، ومن ضمنهم متصدر القائمة الجمهورية رجل الأعمال دونالد ترامب، الذي لم يعترض على الصفقة مع إيران من حيث المبدأ، ولكنه يصفها بأنها "صفقة غير جيدة ولا تفيد الولايات المتحدة بقدر ما تضرها".
ويتجاوز السيناتور تيد كروز الذي بدأ ينافس ترامب بقوة، رأي منافسه السلبي في الاتفاق مع إيران، قائلاً إنه "من الغباء أن تفرج إدارة أوباما عن مليارات الدولارات المجمّدة ليستعملها رجال الدين الحاكمون في إيران". ويردد كروز أنه "لو كان رئيساً للولايات المتحدة، لما حصل حكام إيران على دولار واحد من تلك الأموال المجمّدة في المصارف الأميركية، لأنها ستعمل على تعزيز قوتهم".
أما السيناتور ماركو روبيو، فلم يهاجم أوباما بحدّة ترامب وكروز، لكنه تفوّق عليهم بحدّة هجومه على إيران، معتبراً إياها "عدواً لم يكن على أوباما أن يوافق على عقد صفقة مع حكامها". ولا يفرق روبيو بين حكام إيران وقادة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، إذ يعتبر أن "الطرفين ممثلان للجهاد العالمي وإن اختلف مذهبيهما"، معتبراً أن "التعامل معهما لن ينفع معه إلا استعمال القوة". ومن المآخذ الذي يطرحها روبيو على أوباما، أنه "كثيراً ما يُعرب عن أسفه للعالم على القوة الأميركية، بينما كان الأجدر به تلقين الأعداء دروساً، وإجبارهم على السلوك الجيد غير المعادي لبلاده".
ويجمع معظم قادة الحزب الجمهوري، ربما عن قناعة وربما لدواعٍ انتخابية، على اتهام أوباما بـ"الضعف" ووصف الاتفاق النووي بـ"السيئ". لكن البعض من منظّري الحزب الجمهوري، بدأ يستحسن بدء تطبيق الاتفاق، لما يمكن أن "يتمخّض عنه من فرص هائلة للشركات الأميركية، التي تم رفع القيود المفروضة عليها من التعامل مع إيران"، وفقاً لهم. ويتحدث المعلقون في وسائل الاعلام الأميركية المحافظة، بنوع من الحذر بأن "هناك فوائد اقتصادية محتملة من عودة التعامل مع إيران، لا يجب أن يُترك للشركات الأوروبية فرصة الانفراد بها".
من جانبهم يحاول مؤيدو إدارة أوباما من الديمقراطيين، تفادي الدخول في تفاصيل المصالح الاقتصادية المرجوة من تقديم التنازلات، لكن وسائل الأعلام المؤيدة تقليدياً لسياسات الحزب الديمقراطية، تركز على ما حققه التفاهم مع إيران من تبادل للأسرى وإفراج عن معتقلين.
اقرأ أيضاً: تراجع حاد بالبورصات الخليجية بعد رفع العقوبات عن إيران