ويحذّر مراقبون من خطورة هذا الانقسام، وما سيكون له من تداعيات سلبيّة وصراع مسلّح على السلطة بين كتل "التحالف الوطني"، وما يتبعه من تأثيرات خطيرة على الواقع الأمني العراقي. ويقول مصدر قريب من الحشد الشعبي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الصراع السياسي بين العبادي والمالكي أفضى إلى نتيجة سلبية على تشكيلات الحشد الشعبي"، مبيناً أنّ "الطرفين بذلا كل ما بوسعهما لمحاولة كسبهم".
ويضيف المصدر ذاته، أنّ "كل ذلك انتهى بالنتيجة إلى انقسام بين مليشيات الحشد"، موضحاً أنّ "سرايا السلام التابعة لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وسرايا عاشوراء التابعة لزعيم المجلس الإسلامي الأعلى، عمّار الحكيم انضمّا إلى معسكر العبادي، في حين انضمت مليشيا بدر التي يتزعمها هادي العامري وعصائب أهل الحق والتيار الرسالي وسرايا الخراساني إلى معسكر المالكي".
ويشير المصدر المقرّب من "الحشد"، إلى أنّ "هذا الانقسام ينذر بمخاطر كبيرة، خصوصاً أنّ الفصائل تعمل الآن مشتركة في محاربة داعش، ما ينذر بتأثيرات سلبية على وحدة صف الحشد، وما سيكون له من تداعيات خطيرة تنذر بوقوع صراع مسلّح بين المعسكرين"، لافتاً إلى أنّ "انقسام الحشد مخالف لفتوى المرجعيّة، التي أرادت أن يكون الحشد معسكراً واحداً متوحّداً في قتال تنظيم داعش، والانقسام سيخسرنا المعركة".
بدوره، يؤكد عميد ركن في وزارة الدفاع العراقية لـ"العربي الجديد"، أن "جزءاً من الحشد خرج عن سيطرة الدولة"، قائلاً، إنّ "جزءاً واسعاً من المليشيات باتت خارج السيطرة وتتلقى أوامرها من إيران ممثلة بقائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، وفي حال غيابه كما هو الآن، حيث يتواجد في سورية، فإن المليشيات تتلقى أوامرها من المالكي لا من العبادي"، مبيناً أن "تلك المليشيات باتت تثير مشاكل مع البشمركة الكردية والعشائر السنيّة والصحوات المقاتلة لداعش، وقد خطفت وقتلت عدداً منهم، وهي أجندة لا تخدم سوى داعش".
اقرأ أيضاً العراق: مساعٍ سياسية لإنهاء "عسكرة" الشارع البغدادي
ويرى الخبير في شؤون الجماعات المسلّحة، إبراهيم الفهداوي، أنّ "فصائل الحشد هي فصائل مليشياوية تركض خلف المكاسب الماديّة والسياسيّة، ولا يهمها الانضمام إلى أي معسكر". ويوضح الفهداوي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "فصائل حركة النجباء، وحزب الله، وكتائب سيّد الشهداء، وسرايا الجهاد والبناء، وسرايا العتبات، وسرايا الوعد الصادق، وكتائب أنصار الحجّة، بقيت حتى الآن في خط الوسط، وتحاول الحصول على منافع أكثر من المعسكرَين".
ويشير الخبير ذاته، إلى أنّ "العبادي والمالكي اليوم يبذلان كل ما بوسعهما لكسب هذه الفصائل ليكون أحدهما الأقوى في الساحة"، مؤكّدا أنّ "هذا الانقسام ستبدأ بوادره السلبية من خلال الصراع المسلّح القريب وسيمتد حتى يشمل المحافظات الجنوبيّة الآمنة قياساً بمحافظات الوسط والشمال". ويضيف الفهداوي، أنّ "الواقع السياسي فرض نفسه من خلال هذا الانقسام، وليس سهلاً تدارك الموقف وإعادة وحدة الحشد، خصوصاً أنّ قادة التحالف الوطني منقسمون بالأساس إلى معسكرين، الأمر الذي عزّز انقسام الحشد".
بدوره، يعتبر الخبير الأمني، رافع السلمان، أنّ "هذا الانقسام سيؤثّر على الأمن الداخلي فضلاً عن تأثيراته الميدانية في المعارك". ويقول السلمان في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "أعمال التصفية المسلّحة السياسية ستنشط عقب هذا الانقسام"، مبيناً أنّ "فصائل المليشيات التي تجوب شوارع المحافظات، ومنها بغداد، بالدبابات ورخص قانونيّة لحمل السلاح باسم الحشد الشعبي، ستعمل على أجندتَين مختلفتَين للمعسكرَين".
ويوضح السلمان، أنّ "المعركة بين المالكي والعبادي بلغت ذروتها في هذا الانقسام، ولا مناص من الاشتباكات المسلّحة والتصفيات السياسيّة"، لافتاً إلى أنّ "ذلك سيجرّ إلى حالة فوضى وأعمال عنف مستمرة خصوصاً في بغداد، الأمر الذي سيكون له تأثير سلبي على الأمن الداخلي خصوصاً في ظلّ ضعف سلطة الدولة".
اقرأ أيضاً العراق: مخاوف من عودة "داعش" إلى المناطق المحرّرة