انقسامات مبكرة بين النواب الليبيين: تشكيك بدستورية أولى الجلسات

02 اغسطس 2014
تظاهرة تطالب بفرض الدولة سيطرتها على طرابلس(محمود تركي/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
استهل مجلس النواب الليبي، أولى جلساته، يوم السبت، بخلافات حول مدى دستورية عقده في مدينة طبرق شرقي ليبيا، فضلاً عن الجهة التي سيحلف أمامها النواب اليمين الدستورية، والتي من المفترض أن تكون أمام المحكمة العليا بعد إجراء مراسم التسليم والتسلم بين المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب المنتخب.

وبرزت بذور هذا الانقسام عندما أقرّ رئيس المؤتمر الوطني العام، نوري بوسهمين، بأن تكون مراسم التسليم والتسلم وأداء اليمين القانونية في العاصمة الليبية طرابلس، ومن ثم انتقال الأعضاء لمدينة بنغازي لعقد أولى جلساتهم البرلمانية، وفقاً للتعديل السابع من الإعلان الدستوري.
إلاّ أن بعض النواب، أقروا في وقت سابق، عقد أولى جلسات البرلمان في مدينة طبرق.
وعلل هؤلاء النواب نقل افتتاح جلسات المجلس إلى طبرق، بالوضع الأمني المتردي في مدينة بنغازي، التي شهدت طيلة الشهرين الماضيين معارك مسلحة بين ما يعرف بـ"مجلس شورى ثوار بنغازي" وبين مؤيدين للواء المتقاعد خليفة حفتر، انتهت بسيطرة قوات المجلس على معسكرات "الصاعقة".
في المقابل، اعتبر نواب آخرون معارضون لعقد الجلسة خارج بنغازي، أن البرلمان الجديد رسم لنفسه من البداية مخالفة دستورية، مشيرين إلى عراقيل قانونية أخرى ستقف عائقاً أمام شرعية القرارات أو القوانين التي ستصدر عن المجلس الجديد.

وتساءل النواب المعترضون على طبرق، "بأي أغلبية ستصدر القرارات؟ وعلى أي أسس أو معايير تم الإعلان عن أن أكبر الأعضاء سناً سيترأس الجلسة الأولى، وأصغرهم سناً مناطة به مهمة المقرر؟"، مشيرين إلى عدم وضع لائحة داخلية للبرلمان الجديد تنظم عمله.

غير أنّ رئيس الجلسة، أبو بكر بعيرة، وصف جلسة السبت بـ"التشاورية"، مشيراً إلى مشاركة 160 عضواً من أصل 188 عضواً منتخباً، ومؤكداً أن من لم يحضر من الأعضاء تغيب لأسباب تتعلق بصعوبة السفر والانتقال. إلا أن برلمانيين نفوا ذلك، مؤكدين أنهم لم يحضروا بسبب عقد الجلسة في طبرق وليس في بنغازي، ولا سيما أن العمليات العسكرية انتهت بسيطرة مجلس شورى ثوار بنغازي على المدينة.

ويحاول البرلمانيون من أنصار عقد الجلسة في طبرق التخفيف من حدة ردود الأفعال على خطوتهم تلك بالقول إن جلستهم جاءت فقط للتعارف والتشاور، وهو كلام يراه بعض القانونيين لا أساس له دستورياً وقانونياً، إذ لا تعرف البرلمانات ما يُسمى بجلسات التشاور، وخصوصاً أن عدداً من أعضاء مجلس النواب سبق أن أعلنوا عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي نيتهم توقيع قوانين وقرارات عاجلة، منها إقالة المفتي ومحافظ مصرف المركزي ومدير جهاز الاستخبارات العامة الليبية ورئيس ديوان المحاسبة ومدير هيئة الرقابة الإدارية، إضافة إلى تشكيل حكومة جديدة.

وحضر الجلسة رئيس حكومة تسيير الأعمال، عبد الله الثني، وكل من وزير الثقافة والمجتمع المدني الحبيب الأمين، وزير العدل صلاح المرغني، وزير المواصلات عبد القادر محمد الزنتاني، وأعضاء من هيئة الستين لكتابة الدستور، والنائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني عز الدين العوامي، وثلاثون عضواً آخرون من "المؤتمر الوطني العام".

في المقابل، أعلن بوسهمين أن 104 أعضاء من مجلس النواب سيحضرون مراسم التسليم والاستلام يوم الاثنين المقبل في طرابلس، ومن المتوقع أن يحضر عدد من الأعضاء الذين حضروا جلسة طبرق إلى طرابلس.

وفتح عقد الجلسة الافتتاحية في طبرق باب التساؤلات على مصراعيه حول استمرار عقد الجلسات التالية في المدينة نفسها، وعن طبيعة العلاقات المستقبلية لصانعي السياسة التشريعية مع بروز أول انقسام قبل بدء مجلس النواب أعماله، في ظل ظروف صعبة تمر بها البلاد.

ميدانياً، تشهد مدينة بنغازي هدوءاً نسبياً، اخترقه سلاح الجو التابع لحفتر بقصف بعض الأحياء السكنية على أطراف المدينة، وقيام قوات "مجلس شورى ثوار بنغازي" المعارضة لحفتر بهدم مقر مبنى مديرية الأمن عقب السيطرة عليه وفرار منتسبي المديرية من مقر عملهم.

وفي طرابلس، تتواصل الاشتباكات في محيط حيي الأكواخ والزهور والمناطق القريبة من محيط مطار طرابلس الدولي بين قوات عملية "فجر ليبيا" المعارضة لحفتر، وكتائب "الصواعق" و"القعقاع" و"المدني" المؤيدة لحفتر.