أصاب انفلات كبير في أسعار الأسمنت في مصر على مدار الشهرين الأخيرين، سوق البناء بالارتباك الحاد، وسط عزوف فئات من المستثمرين والمواطنين العاديين عن تنفيذ مشروعات عقارية، انتظارا لمعاودة الأسعار الانخفاض.
وقفز سعر طن الأسمنت بنسبة تصل إلى 54% في أقل من شهرين، ليصل خلال الأسبوع الجاري إلى ما يتراوح بين 700 و800 جنيه للطن، مقابل 520 جنيها للطن منتصف فبراير/ شباط الماضي، وسط اتهامات من جانب التجار للمنتجين بالتسبب في رفع الأسعار بحجب الإنتاج عن الأسواق.
لكن المنتجون برروا رفع الأسعار بنقص إمدادات الغاز الطبيعي اللازم للتصنيع، ما أدى إلى انخفاض معدلات الإنتاج.
وقال تجار لمواد البناء: إن قفزات أسعار الأسمنت تسببت في حدوث ركود في المبيعات بنحو 60%، بسبب تراجع الأنشطة المرتبطة بسوق العقارات.
وطالبت الغرفة التجارية بالإسكندرية في مذكرة عاجلة إلى رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب، بتشكيل لجنة من الوزارات المعنية وبعضوية شركات الإنتاج والخبراء والتجار لتحديد التكلفة الفعلية للأسمنت ووضع هامش ربح مناسب للشركات والموزعين والوكلاء.
ويقول محمد العربي مقاول: إن أعمال البناء في الفترة الأخيرة تأثرت بشكل واضح بعد أن تجاوز سعر الطن الإسمنت 700 جنيه.
وأضاف العربي في تصريح لمراسل "العربي الجديد"، أن الشركات المنتجة تتعمد خفض الإنتاج لرفع الأسعار والحصول على أرباح أكبر.
وبحسب عادل الجوهري تاجر تجزئة، دفع ارتفاع أسعار الأسمنت بعض التجار إلى التوقف عن ممارسة النشاط، كما تسبب في رفع أسعار سلع وخدمات أخرى مرتبطة بمجال البناء.
وقال عبد الرزاق الدسوقي، عضو شعبة مواد البناء بالإسكندرية شمال مصر: إن هناك ضعفاً من جانب الحكومة في ضبط الأسواق ومواجهة الممارسات الاحتكارية للشركات المنتجة.
ووصف محمود مخيمر، رئيس شعبة مواد البناء بالإسكندرية الارتفاع الأخير فى أسعار الأسمنت بـغير المبرر، في ظل حالة الركود التي يعاني منها سوق الأسمنت.
وقال علاء حسب الله الخبير الاقتصادي: إن الأزمة الحالية في الأسمنت ستؤثر سلباً على قطاع البناء والاستثمار العقاري، خاصة في ظل عزوف المستثمرين والمواطنين العاديين عن استكمال المشروعات والمنشآت، ما يهدد بتشريد نحو 10 ملايين عامل في عشرات المهن المرتبطة بالقطاع.
وأضاف:" لابد من إصدار قانون يسمح للدولة بالرقابة على الأسعار المتداولة، بحيث تلزم الجميع بهامش ربح محدد وضخ كميات تلبي احتياجات السوق".
وظلت الأنشطة العقارية الأقل تضرراً من تداعيات الاضطرابات الأمنية والسياسية التي شهدتها البلاد منذ يناير/ كانون الثاني 2011، حيث يعتمد عليها قرابة 90 نشاطاً صناعياً وتجارياً حسب الشعبة العامة لمواد البناء التابعة لاتحاد الغرف التجارية بمصر.
وتنتج المصانع العاملة في مصر 37 مليون طن أسمنت سنوياً، يغطى إنتاجها السوق المحلي، الذي ينمو بنسبة 7% سنويا، حسب بيانات وزارة الصناعة المصرية بنهاية العام الماضي 2013.
وقال مسؤول كبير في شركة "لافارج مصر"، أكبر منتج للأسمنت في السوق المصرية: إن أغلب الشركات اضطرت إلى تقليص حجم إنتاجها، بسبب أزمة الطاقة.
وتعمل كثير من شركات الأسمنت في مصر على التحول إلى استخدام الفحم كوقود بديل استجابة لطلبات حكومة حازم الببلاوي السابقة.
وأعلن وزير البترول المصري شريف إسماعيل نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، فتح الباب أمام القطاع الخاص لاستيراد الغاز الطبيعي، لحسابه دون مناقصات وذلك للمرة الأولى، لكن الشركات المنتجة تنتقد هذه الفكرة، باعتبارها غير قابلة للتحقق، لعدم قدرتها على استيراد الغاز، وتطالب الحكومة بأن تقوم بهذا الدور.
وتعاني مصر من مشاكل في توفير الطاقة للمصانع كثيفة الاستهلاك، في نفس الوقت الذي تحرص على إرساله لمحطات الكهرباء للحد من انقطاع الكهرباء عن المواطنين.
وقال المسؤول في شركة لافارج: إن شركته تعمل بنحو 40% فقط من طاقتها الإنتاجية البالغة 10 ملايين طن سنوياً، منذ شهر ونصف بسبب ضعف إمدادات الطاقة من الحكومة.
وتبلغ حصة لافارج من سوق الأسمنت في مصر نحو 15%، فيما يعمل في مصر نحو 15 مصنعاً لإنتاج الأسمنت.
الدولار = 6.96 جنيهات مصرية.