على ضوء الغياب الفاضح للمشاريع الاقتصادية الكبرى، التي تتناسب مع حجم دولة كمصر، تتحوّل المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى "عصب الاقتصاد المصري". بحسب ما تؤكده الدراسات الاقتصادية، فهي تساهم في نحو 80% في الناتج المحلي الإجمالي. كما أن 75 % من العمالة المصرية تعمل في ضمن هذه المشاريع، وفقاً لما أوردته دراسة بعنوان "دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة في التنمية الصناعية لمصر".
تقول الدراسة، التي أعدها الباحث حسين عبدالمطلب، إن قانون تنمية المنشآت الصغيرة الصادر عام 2004، أكد أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وخصّها بمجموعة من الحوافز الاستثنائية. ولعل أبرزها تخصيص 10% من الأراضي المتاحة للاستثمار، في المناطق الصناعية والسياحية والمجتمعات العمرانية وأراضي الاستصلاح الزراعي، وتحديد سعر بيع هذه الأراضي في حدود تكلفة توصيل المرافق، فضلاً عن إمكانية طلب حق الانتفاع بها بمقابل سنوي لا يزيد على 50% من ثمنها.
وحصر القانون هذه المزايا بالمنشآت التي تمارس نشاطاً إنتاجياً أو خدمياً أو تجارياً، ولا يقل رأسمالها عن 50 ألف جنيه ولا يتجاوز المليون، إلى جانب تشغيل ما لا يقل عن 50 عاملا.
تسهيلات كبيرة
يعد "الصندوق الاجتماعي للتنمية" من أبرز الجهات الحكومية المخصصة لمساعدة المواطنين على تأسيس واستكمال امتلاك مشروع، بحسب الدراسة، فإن الصندوق قام بالتعاون مع صناديق تمويل بالمحافظات المصرية بتصميم نظام لضمان مخاطر الائتمان التي تتعرض لها المشاريع الصغيرة.
وتقول رئيسة قطاع التمويل بالصندوق الاجتماعي للتنمية، نيفين بدرالدين، إن "الصندوق رصد 500 مليون جنيه، لهذا العام، لإقراض المؤسسات الوسيطة، بغرض منح قروض للمشاريع الصغيرة في مجال الإنتاج الزراعي والصناعي". وتضيف" أن هذا المبلغ سيصل في نهاية المطاف إلى مليار جنيه، نظراً لأن الجمعيات الأهلية تضيف 500 مليون جنيه أخرى من خزانتها".
وتشير بدر الدين إلى وجود مجموعة من المعايير التي يستند إليها الصندوق في تحديد سعر فائدة الإقراض، بحسب مجالات التوظيف والمخاطر والمؤسسة الحاصلة على التمويل، وان لا تزيد الفائدة على 9.5% للمؤسسات الوسيطة".
من جهتها، تكشف الرئيسة التنفيذية للصندوق، سها سليمان، عن حجم التمويلات التي وفرها الصندوق للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وصل إلى 25 مليار جنيه منذ تأسيسه في 1991.
وتؤكد بدرالدين، أن "معدلات التعثر تتماشى مع متوسط التقديرات الدولية، فهي لا تتجاوز 5%، وفى حال التعثر أو التأخر عن السداد لأسباب خارجة عن إرادة أصحاب الجمعيات أو المشروعات، يضع الصندوق برنامجاً لجدولة الأقساط حفاظاً على الدور الهام الذي تلعبه المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني".
ويعتمد الصندوق الاجتماعي على مصادر متنوعة لتوفير مخصصاته المالية، أبرزها القروض ذات الفائدة المنخفضة التي يحصل عليها من المصارف المحلية، وكذلك مؤسسات التمويل العالمية.
قاعدة المشاريع الكبرى
يصف رئيس "مكتب عناني وشركائه للاستشارات المحاسبية والضريبية"، عبدالله عناني، المشاريع الصغيرة والمتوسطة بأنها "القاعدة الرئيسية لتغذية المصانع الكبرى في البلاد بالمواد الخام الأساسية، مثل قطع غيارات وسائل النقل والإنشاءات والأعمال الكهربائية". ويقول لـ "العربي الجديد": تدرك الدولة أهمية المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر في عمليات التوظيف، نظراً لأنها تتسم بكونها كثيفة العمالة، بل إنها تسهم في صناعة الكوادر الماهرة، ومن ثم المشاركة في خفض معدلات البطالة التي تصل إلى 13% تقريباً".
ويطالب عناني الحكومة بعقد ورش عمل وبرامج تدريب متخصصة لصقل مهارات العاملين بهذه المشاريع، كي تتمكن من منافسة المنتجات المُستوردة من الخارج.
وبالفعل، حفظت تعديلات قانون الاستثمار التي أجريت في مارس/آذار الماضي، حق المشاريع الصغيرة في مُطالبة الحكومة بدعم فني لتدريب العمالة، إذ نصّ القانون على "حق المشاريع الصغيرة في طلب برامج تأهيلية للعمالة"، فضلاً عن منحها استثناءات في تكلفة تخصيص الأراضي والتأمينات.
ويشير عناني، إلى أن الوزارات والهيئات الحكومية ركزت خلال الأشهر الماضية على تحديث منظومة القوانين المعنية بالمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، مُستشهداً بإصدار قانون منُظم لتمويل المشاريع متناهية الصغر لأول مرة في مصر، بهدف توفير قناة تمويلية للأفراد في القرى المصرية، مع وضع ضمانات تقلل من حجم المخاطر التي تواجه المواطنين، وربما تقودهم إلى التعثر في سداد أقساط القروض.
ومع ذلك، تواجه العمليات التشغيلية بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة معوقات كثيرة، يتعلق بارتفاع أسعار المواد الخام خاصة المستوردة من الخارج، ما يدفع أصحاب تلك المشاريع إلى استخدام خامات أقل جودة، وكذلك ارتفاع أكلاف النقل نتيجة البعد الجُغرافي بين مناطق الإنتاج ومنافذ التسويق وفقاً لدراسات اقتصادية. كما ظهرت في الآونة الأخيرة أزمة ارتفاع أسعار الطاقة، بالتزامن مع المغالاة في أسعار فائدة تمويل هذه المشاريع حيث وصلت إلى 16% سنوياً.
منفذ تمويلي جديد
بحثاً عن مصادر تمويلية جديدة، دشنت البورصة المصرية في عام 2010، بورصة النيل لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، على غرار عدة تجارب في لندن وإسطنبول. ويعتبر رئيس شركة العاصمة لرعاية الشركات الصغيرة والمتوسطة في بورصة النيل، مُحيي بدرالدين، أن "هذه البورصة لم توفر مصدر تمويل جديد فقط للمشاريع الصغيرة، بل إنها جعلتها أكثر شفافية في التعامل مع المساهمين، نظراً لأن البورصة تلزم الشركات بالإعلان عن قوائم الأرباح مُعتمدة من مراقب حسابات مستقل".
ويضيف: "تلعب البورصة دوراً هاماً في دمج هذه المشاريع بالسوق الرسمية بدلاً من الموازية، في ظل الإعلان عن قوائم الأرباح أمام مختلف الهيئات الحكومية، ومن ثم الالتزام بسداد الضرائب".
إقرأ أيضا: النفط ونمو المنطقة العربية
تقول الدراسة، التي أعدها الباحث حسين عبدالمطلب، إن قانون تنمية المنشآت الصغيرة الصادر عام 2004، أكد أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وخصّها بمجموعة من الحوافز الاستثنائية. ولعل أبرزها تخصيص 10% من الأراضي المتاحة للاستثمار، في المناطق الصناعية والسياحية والمجتمعات العمرانية وأراضي الاستصلاح الزراعي، وتحديد سعر بيع هذه الأراضي في حدود تكلفة توصيل المرافق، فضلاً عن إمكانية طلب حق الانتفاع بها بمقابل سنوي لا يزيد على 50% من ثمنها.
وحصر القانون هذه المزايا بالمنشآت التي تمارس نشاطاً إنتاجياً أو خدمياً أو تجارياً، ولا يقل رأسمالها عن 50 ألف جنيه ولا يتجاوز المليون، إلى جانب تشغيل ما لا يقل عن 50 عاملا.
تسهيلات كبيرة
يعد "الصندوق الاجتماعي للتنمية" من أبرز الجهات الحكومية المخصصة لمساعدة المواطنين على تأسيس واستكمال امتلاك مشروع، بحسب الدراسة، فإن الصندوق قام بالتعاون مع صناديق تمويل بالمحافظات المصرية بتصميم نظام لضمان مخاطر الائتمان التي تتعرض لها المشاريع الصغيرة.
وتقول رئيسة قطاع التمويل بالصندوق الاجتماعي للتنمية، نيفين بدرالدين، إن "الصندوق رصد 500 مليون جنيه، لهذا العام، لإقراض المؤسسات الوسيطة، بغرض منح قروض للمشاريع الصغيرة في مجال الإنتاج الزراعي والصناعي". وتضيف" أن هذا المبلغ سيصل في نهاية المطاف إلى مليار جنيه، نظراً لأن الجمعيات الأهلية تضيف 500 مليون جنيه أخرى من خزانتها".
وتشير بدر الدين إلى وجود مجموعة من المعايير التي يستند إليها الصندوق في تحديد سعر فائدة الإقراض، بحسب مجالات التوظيف والمخاطر والمؤسسة الحاصلة على التمويل، وان لا تزيد الفائدة على 9.5% للمؤسسات الوسيطة".
من جهتها، تكشف الرئيسة التنفيذية للصندوق، سها سليمان، عن حجم التمويلات التي وفرها الصندوق للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وصل إلى 25 مليار جنيه منذ تأسيسه في 1991.
وتؤكد بدرالدين، أن "معدلات التعثر تتماشى مع متوسط التقديرات الدولية، فهي لا تتجاوز 5%، وفى حال التعثر أو التأخر عن السداد لأسباب خارجة عن إرادة أصحاب الجمعيات أو المشروعات، يضع الصندوق برنامجاً لجدولة الأقساط حفاظاً على الدور الهام الذي تلعبه المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني".
ويعتمد الصندوق الاجتماعي على مصادر متنوعة لتوفير مخصصاته المالية، أبرزها القروض ذات الفائدة المنخفضة التي يحصل عليها من المصارف المحلية، وكذلك مؤسسات التمويل العالمية.
قاعدة المشاريع الكبرى
يصف رئيس "مكتب عناني وشركائه للاستشارات المحاسبية والضريبية"، عبدالله عناني، المشاريع الصغيرة والمتوسطة بأنها "القاعدة الرئيسية لتغذية المصانع الكبرى في البلاد بالمواد الخام الأساسية، مثل قطع غيارات وسائل النقل والإنشاءات والأعمال الكهربائية". ويقول لـ "العربي الجديد": تدرك الدولة أهمية المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر في عمليات التوظيف، نظراً لأنها تتسم بكونها كثيفة العمالة، بل إنها تسهم في صناعة الكوادر الماهرة، ومن ثم المشاركة في خفض معدلات البطالة التي تصل إلى 13% تقريباً".
ويطالب عناني الحكومة بعقد ورش عمل وبرامج تدريب متخصصة لصقل مهارات العاملين بهذه المشاريع، كي تتمكن من منافسة المنتجات المُستوردة من الخارج.
وبالفعل، حفظت تعديلات قانون الاستثمار التي أجريت في مارس/آذار الماضي، حق المشاريع الصغيرة في مُطالبة الحكومة بدعم فني لتدريب العمالة، إذ نصّ القانون على "حق المشاريع الصغيرة في طلب برامج تأهيلية للعمالة"، فضلاً عن منحها استثناءات في تكلفة تخصيص الأراضي والتأمينات.
ويشير عناني، إلى أن الوزارات والهيئات الحكومية ركزت خلال الأشهر الماضية على تحديث منظومة القوانين المعنية بالمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، مُستشهداً بإصدار قانون منُظم لتمويل المشاريع متناهية الصغر لأول مرة في مصر، بهدف توفير قناة تمويلية للأفراد في القرى المصرية، مع وضع ضمانات تقلل من حجم المخاطر التي تواجه المواطنين، وربما تقودهم إلى التعثر في سداد أقساط القروض.
ومع ذلك، تواجه العمليات التشغيلية بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة معوقات كثيرة، يتعلق بارتفاع أسعار المواد الخام خاصة المستوردة من الخارج، ما يدفع أصحاب تلك المشاريع إلى استخدام خامات أقل جودة، وكذلك ارتفاع أكلاف النقل نتيجة البعد الجُغرافي بين مناطق الإنتاج ومنافذ التسويق وفقاً لدراسات اقتصادية. كما ظهرت في الآونة الأخيرة أزمة ارتفاع أسعار الطاقة، بالتزامن مع المغالاة في أسعار فائدة تمويل هذه المشاريع حيث وصلت إلى 16% سنوياً.
منفذ تمويلي جديد
بحثاً عن مصادر تمويلية جديدة، دشنت البورصة المصرية في عام 2010، بورصة النيل لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، على غرار عدة تجارب في لندن وإسطنبول. ويعتبر رئيس شركة العاصمة لرعاية الشركات الصغيرة والمتوسطة في بورصة النيل، مُحيي بدرالدين، أن "هذه البورصة لم توفر مصدر تمويل جديد فقط للمشاريع الصغيرة، بل إنها جعلتها أكثر شفافية في التعامل مع المساهمين، نظراً لأن البورصة تلزم الشركات بالإعلان عن قوائم الأرباح مُعتمدة من مراقب حسابات مستقل".
ويضيف: "تلعب البورصة دوراً هاماً في دمج هذه المشاريع بالسوق الرسمية بدلاً من الموازية، في ظل الإعلان عن قوائم الأرباح أمام مختلف الهيئات الحكومية، ومن ثم الالتزام بسداد الضرائب".
إقرأ أيضا: النفط ونمو المنطقة العربية