أكد قادة الدول الإسلامية المشاركون في قمة "كوالالمبور 2019" الإسلامية المصغرة التي تستضيفها العاصمة الماليزية، بين 18 و21 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أهمية وحدة العالم الإسلامي ومجابهة المخاطر والتحديات التي تتعرض لها الدول الإسلامية.
وأشار إلى أن هذه القمة ستشهد نقاشات حول الأوضاع الراهنة للمسلمين، وليس عن الدين كمعتقد، مضيفاً: "نحن جميعاً نعرف أن بلدان العالم الإسلامي تشهد أزمات، ونرى أن شعوب تلك الدول تضطر لترك بلدانها والهجرة لبلدان غير مسلمة".
وتابع: "ومن جانب آخر، نجد بعض المسلمين يمارسون عنفاً واستبداداً حيال بعضهم البعض". مضيفاً: "ومن ثم نحن مطالبون بمعرفة كيف ظهرت هذه المشكلات، علينا أن نواجه أسباب الحروب الداخلية، وغيرها من الكوارث، والعمل على تقليل هذه المشكلات، وإصلاح سمعة ديننا".
وشدد مهاتير محمد على ضرورة فهم المشكلات التي يعاني منها العالم الإسلامي، وإدراك أسبابها، مضيفاً: "وكما نعلم جميعاً أن بعض الدول بعد الحرب العالمية الثانية انهارت ودمرت، لكنها استطاعت الوقوف ثانية، وتطورت، لكن معظم البلدان الإسلامية، لم تنجح حتى في نظام الإدارة الجيدة، وليس التنمية فحسب".
وأضاف: "كل هذه الأمور سنسلط عليها الضوء ومناقشتها خلال القمة، وأفكارنا ومقترحاتنا إذا تمت الموافقة عليها سنعمل على تحويل النتائج والمخرجات إلى مبادرات أكبر".
أمير قطر: العدالة أحد أهم الشروط لإنهاء الصراعات
بدوره، قال أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اليوم الخميس، إن "العالم الإسلامي يواجه تهديدات بخصوص السلام والأمن والحكم الناضج"، مضيفاً أن بعض الأنظمة فيه "ترتكب انتهاكات بحق شعوبها مثل الإقصاء وتجاهل حقوق الإنسان".
وأكد الشيخ تميم أن "نجاح الدول الإسلامية لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تعاون يسلّط الضوء على القواسم المشتركة ونبذ الخلافات"، مضيفاً أن "العدالة هي أحد أهم الشروط لإنهاء الصراعات، لكن هذه الحقيقة غير مفهومة من قبل الدول التي تحاول إنهاء الصراع بعقل القوة المهيمنة".
ولفت أمير قطر إلى أن العالم الإسلامي يواجه تهديدات بخصوص السلام والأمن والحكم الناضج، مضيفاً أنّ "بعض الأنظمة في العالم الإسلامي تسيء استخدام الثقافة الإسلامية، وترتكب انتهاكات بحق شعوبها مثل الإقصاء، وعدم الاحترام، وتجاهل حقوق الإنسان"، مشيراً إلى أنّ "التوجهات الشعبية الصاعدة في العالم تحاول الربط بين الإسلام والعنف، في حين أن التطرف موجود في جميع أنحاء العالم، مشدداً على أن "الفقر والجهل وانعدام الثقة بالنفس ثقافياً، أمور تشكل أساساً للتطرف".
وشدد أمير قطر على أن بلاده ستواصل وقوفها بجانب المظلومين في القضية الفلسطينية، مضيفاً: "العالم العربي قَبِل مبادرة السلام لحل القضية الفلسطينية، إلا أن إسرائيل هي الطرف الذي لا يقبل الشرعية الدولية ولا السلام".
وبخصوص الإخفاقات التي يشهدها العالم الإسلامي، قال الشيخ تميم إن "هناك اتهاماً شائعاً في هذا الصدد يُلقى على التدخلات الخارجية، في حين أن الإخفاقات بالعالم الإسلامي، والخيارات الخاطئة ليس سببها التدخلات الخارجية فحسب، بل هناك أسباب أخرى كالكسل، والفشل السياسي".
وفي شأن آخر، أكد أن بلاده تولي أهمية خاصة للتنمية البشرية والاجتماعية في خططها التنموية، مضيفًا أن "قطر تقدم مساعدات اقتصادية غير مشروطة للبلدان المحتاجة في مجالات التعليم، والتنمية، ومكافحة الفقر".
أمّا ملك ماليزيا، السلطان عبد الله أحمد شاه، فأشاد بالدور الكبير الذي قدمه السلطان العثماني، سليمان القانوني، والنجاحات التي حققها في الحضارة الإسلامية، معرباً عن أمله في إعادة أمجاد الماضي، ووضع الحضارة الإسلامية في المكانة التي تستحقها.
وفي كلمته التي تطرق خلالها إلى الحديث عن الأوضاع الراهنة للمسلمين، وثراء الحضارة الإسلامية، قال ملك ماليزيا: "وحدة العالم الإسلامي وتحقيق تنميته أمران مهمان لمواجهة الصعوبات والأزمات".
أردوغان: العالم أكبر من خمس
من ناحيته، جدّد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم الخميس، تأكيده أن العالم أكبر من الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، مشيراً إلى عمر النظام العالمي الذي يترك مصير شعوب العالم الإسلامي في يد تلك الدول، قد عفّى عليه الزمن.
وقال في كلمته في القمة: "لقد انتهى عمر ذلك النظام الذي يترك مصير العالم الإسلامي الذي يبلغ تعداد سكانه 1.7 مليار نسمة لمزاج 5 دول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي"، مضيفاً: "كلما حاولوا إسكاتنا، نقول: فلسطين، وأراكان، وليبيا، والصومال، وسورية، وكلما ضغطوا علينا أكثر نقول بصوتٍ أعلى: العالم أكبر من خمس (في إشارة إلى الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن)".
وتطرق أردوغان كذلك إلى الحديث عن المؤامرات التي تحاك ضد بلاده قائلاً: "لقد جربوا كلّ الطرق من افتراءات، وانقلابات، وإرهاب اقتصادي لإسكات تركيا وخفض صوتها، لكننا لم نذعن لأي منها".
وأعرب عن ثقته بأن قمة كوالالمبور ستعزز التضامن وتسهم في تحقيق وحدة الأمة الإسلامية.
روحاني: للتحرّر من هيمنة الدولار
وتحدّث في المراسم الافتتاحية أيضاً الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي أشار إلى أن العالم الإسلامي يواجه تحديات جديدة على المستويَين الوطني والدولي، داعياً إياه إلى اتخاذ تدابير للتحرر من هيمنة الدولار والنظام المالي الأميركي.
وأعرب روحاني عن أسفه لأن العالم الإسلامي يعاني من معضلات وتهديدات من أقصى نقطة في الغرب بشمال أفريقيا، إلى أبعد نقطة في شرق آسيا، لافتاً إلى التهديدات اليومية المستمرة للكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني والتي تحصد الضحايا يومياً، وكذلك التهديدات العسكرية والسياسية والاقتصادية الأميركية ضد مجموعة من الدول الإسلامية.
وأشار إلى تهديدات الإرهاب والتطرف الفكري في بعض المجتمعات الإسلامية والتي توفر الأرضية للتدخلات الأجنبية فيها، معتبراً أن الحرب في سورية واليمن، والاضطرابات في العراق ولبنان وليبيا وأفغانستان، هي نتيجة لتركيب التطرف الداخلي والتدخل الخارجي.