وتشير مصادر أمنية عراقية لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "مليشيات مسلّحة تعمل ضمن الحشد الشعبي، انسحبت من مناطق عدة من القطاع الشمالي العسكري في العراق، كمنطقتي المالحة والمزرعة قرب بيجي. كما انسحبت عناصر الحشد من جزيرة الخالدية شرق الأنبار وقرية الحوش، أقصى الغرب، ما أدى إلى اندفاع التنظيم بعد ساعات والسيطرة على المناطق الأربع بسهولة، إذ نشر عناصره فيها مع حلول ساعات الفجر الأولى من يوم أمس الأول، الثلاثاء".
يشرح مسؤول عراقي رفيع لـ"العربي الجديد"، أنّ "ست فصائل مسلحة انسحبت من مواقعها من دون إبلاغ غرفة العمليات المشتركة. وكانت عملية انسحابهم بسبب سيطرة داعش على تلك المناطق". ويضيف المسؤول (طلب عدم ذكر اسمه) أن "الخلافات السياسية داخل بغداد سبب رئيسي لما حصل، فضلاً عن تأخر الحكومة بصرف مستحقات الكثير من فصائل ومليشيات الحشد عن شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، ورضوخ رئيس الوزراء حيدر العبادي لشرط الأميركيين بعدم تسليم المليشيات أيا من المساعدات العسكرية التي ترسلها واشنطن إلى بغداد، ومنها شحنة بنادق الـ M16 وذخيرتها"، مبيّناً أن "سيطرة داعش على تلك المناطق على الرغم من مساحتها البسيطة، لكنّها تمثّل رسالة من الحشد إلى العبادي، تكمن في أنّه القوة الفاعلة على الأرض".
اقرأ أيضاً العراق: "داعش" يستغل الأزمات السياسية لابتلاع مناطق جديدة
من جانبه، يكشف الزعيم القبلي في محافظة الأنبار، الشيخ محمد الدليمي لـ"العربي الجديد"، عن "قرار اتُّخذ ليل يوم الإثنين الماضي، يقضي بتسريع دورة تدريب أبناء العشائر الذين يخضعون حالياً للتدريب من قبل القوات الأميركية في قاعدة التقدم شرق الأنبار". ويوضح الدليمي، أن "نحو 3 آلاف مقاتل من أبناء عشائر الأنبار ستُختصر دورة تدريبهم ويُدفع بهم إلى ساحات القتال وخطوط التماس مع عناصر داعش لسدّ النقص، وتمهيداً لتولي أبناء الأنبار مهمّة تطهير محافظتهم بأنفسهم"، مؤكداً انسحاب عدد من فصائل "الحشد" بشكل لم يتم التنسيق به مع الجيش، "وهذا خلل في إدارة غرفة العمليات المشتركة في بغداد التي تشكّلت أساساً لتلافي تلك الأخطاء والمشاكل".
في المقابل، يقلّل الخبير السياسي في الشأن العراقي، بابل أحمد الحسني في حديث لـ"العربي الجديد"، من قيمة تلك الانسحابات، واصفاً إياها بـ"قرصة صغيرة للعبادي". ويوضح الحسني أنّه "مهما بلغت حدّة الخلافات بين الشركاء، فلن تصل إلى حد المساومة على المدن وتسليمها لداعش"، معتبراً أنّ هذا الأمر "خط أحمر، ولا يمكن حتى التفكير به". ويعتبر الخبير أنّ "تلك الانسحابات جاءت أولاً، بسبب نقص في أسلحة وذخائر الحشد بتقصير حكومي، ما يعني أنّ استمرار الحشد في مواقعه يعتبر انتحاراً، ففضّلوا الانسحاب"، متابعاً، أنّ "الخلافات قد تكون استنتاجاً أو سبباً ثانوي تم إدراجه من قبل بعض المتابعين للوضع عقب الانسحابات". ويبيّن الحسني أنّ "المناطق التي سيطر عليها داعش، مناطق مفتوحة زراعية وصحراوية، لذلك يمكن استرجاعها بسهولة، في ظلّ غطاء جوي، خصوصاً وأنّ هذه المناطق بعيدة عن مراكز المدن الرئيسية".
في السياق ذاته، قال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار، فالح العيساوي، إنّ "العمليات العسكرية تسير في الأنبار بشكل جيد على الرغم من بطئها"، موضحاً أنّ "مركز الأنبار بات مطوّقاً من قبل القوات العراقية، ونسعى لتقليل عدد الخسائر البشرية في صفوف القوات المهاجمة على المدينة بعد اتّباع داعش سياسية الأرض المحروقة"، مبيّناً أنّ "الجميع مؤمن أن النهاية ستكون للعراقيين وليس لداعش، مهما طال الوقت، وعلى العدو أن يعي ذلك".
اقرأ أيضاً: خلاف داخل "الحشد الشعبي" بسبب خسائر معركة بيجي