تواصل لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان التونسي التحقيق في ظاهرة الانتهاكات في السجون ومراكز الإيقاف، وسط استياء كبير من المنظمات الحقوقية ونفي السلطات لكون الانتهاكات ممنهجة.
وتحاول تونس منذ وضع الدستور الجديد تحقيق معادلة مواجهة الإرهاب واحترام حقوق الإنسان، فمن جهة تواجه السلطات تحدي محاربة الإرهاب الذي تغلغل في أنحاء البلاد وأصبح يهدد كيان الدولة واستقرارها وأمن مواطنيها، ومن جهة أخرى تسعى إلى احترام حقوق المشتبه بهم والمتورطين في جرائم إرهابية.
وزارت لجنة الحقوق والحريات البرلمانية على مدار شهر مارس/ آذار، مجموعة من السجون ومراكز الإيقاف، بالإضافة إلى جلسات استماع شملت كلا من وزير العدل، غازي الجريبي، ومدير عام السجون والإصلاح، إلياس الزلاق، وتوفيق بودربالة، رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات، وحميدة الدريدي، رئيسة الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، وممثل منظمة العفو الدولية بتونس، وممثلين عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والجمعية التونسية لمناهضة التعذيب، بهدف إعداد تقرير شامل حول الانتهاكات.
وتصدرت الشرطة قائمة السلطات الأمنية في تونس المتهمة بارتكاب انتهاكات في حق المحتفظ بهم بنسبة 62 في المائة، تليها السجون بنسبة 24 في المائة، ثم الحرس الوطني (الدرك) بنسبة 14 في المائة، وفق التقرير السنوي الإحصائي للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب لسنة 2016.
ويبلغ عدد السجناء التونسيين نحو 22 ألفا، بحسب وزير العدل، غازي الجريبي، الذي أشار إلى أن السلطات حريصة على تطبيق القانون، مؤكدا أن وزارته فتحت تحقيقا في شبهات الانتهاكات والتعذيب المبلّغ عنها في السجون، مشددا على أنها "تصرفات فردية من بعض الأعوان لا تعبر عن سياسة الحكومة وتوجهاتها".
وأكدت حميدة الدريدي، رئيسة الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، لـ"العربي الجديد"، معاينة الهيئة للعديد من شبهات الانتهاك في السجون التونسية، بينها الاغتصاب والموت تحت التعذيب وسوء المعاملة، مؤكدة محدودية عمل أجهزة الرقابة، وضعف تكوين الأعوان وتأهيلهم، وتردي البنية التحتية والوضع الصحي، والاكتظاظ في الغرف وتبعاتها السلبية على المساجين وعلى أعوان السجون الذين يعملون في ظروف سيّئة.
وكشف تقرير المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، أنّه تم رصد 153 حالة تعذيب في السجون ومراكز الإيقاف في 2016، مقارنة بـ250 حالة في 2015، واعتبرت راضية النصراوي، رئيسة المنظمة، في تصريح صحافي، أن "التعذيب لا يقل وحشية عن الإرهاب، وأن مكافحة الإرهاب لا تعني خرق حقوق الإنسان".
وكان مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، بن إيمرسون، أعرب عن قلقه من ظروف الاعتقال في السجون التونسية، وقال في مؤتمر صحافي في فبراير/شباط الماضي: "أنا قلق بشكل خاص بشأن ظروف الاحتجاز في سجن المرناقية المتدنية عن المعايير الدولية الأساسية. السجن يعمل بـ150 في المائة من طاقته مع سجناء متكدسين في زنازين دون بنية تحتية ملائمة، خصوصا في المجال الصحي".
ونشرت منظمة العفو الدولية أخيرا، تقريرا حذرت فيه من خطورة الأوضاع، وقالت إن "طريق تونس إلى الإصلاح مهدد بسبب اعتماد قوات الأمن على الأساليب القمعية التي كانت معهودةً في الماضي، بما في ذلك التعذيب، والاحتجاز بصورة تعسفية، والقيود على سفر المشتبه فيهم، فضلاً عن مضايقة أفراد أسرهم".